تسببت وزيرة في الحكومة البريطانية بإغضاب علماء وخبراء مناخ عبر زعمها أنه يتوجب على الأشخاص الاستمرار في السفر جواً بهدف المساعدة على الحد من انبعاثات الكربون.
وقد تحدثت رايتشل ماكلين قبيل مؤتمر مناخي بارز للأمم المتحدة. واعتبرت أن قطاع الطيران يحتاج إلى ضخ "مزيد من الثقة بمستقبله"، مضيفةً أن الحكومة لا تملك خططاً في محاولة خفض الطلب على الرحلات الجوية.
واستطراداً، سلطت الوزيرة الضوء على موقف الحكومة خلال اجتماع للجان البرلمانية. وأشارت إلى أنه من الناحية النظرية لم تكن الطائرات الصديقة للبيئة لتبصر النور لو عمد المسافرون جواً إلى جعلها غير مربحة [عبر تقليل الرحلات الجوية].
ولدى سؤال الوزيرة أمام لجنة النقل يوم الأربعاء الماضي عن ضرورة توسيع المطارات، أجابت، "تشكل تلك الأمور قرارات تجارية يجب أن يتخذها القطاع المعني بها. أعتقد أني قصدت أننا بحاجة إلى إنجاح قطاع الطيران كي يتمكن بالتالي من الاستثمار في تلك التقنيات التي تقود إلى التوصل للحلول التكنولوجية". وتابعت، "سواء تعلق الأمر بـ"وقود الطيران المستدام" أو الطائرات الكهربائية أو التي تسير على الهيدروجين، إنها كلها حلول تكنولوجية قابلة للتحقيق، بل إنها موجودة فعلاً. نحن بدأنا في امتلاك تلك الطائرات فعلاً بدعم من الاستثمارات الحكومية. من الواضح أنها لا تزال في مراحلها الأولى، لكن إذا افتقد قطاع الطيران الجوي الثقة في مستقبله فلا شك أن أصحاب المصالح والمستثمرين لن يدعموه، بالتالي فلن يتوصل إلى تحقيق تلك التحديات الكبرى".
وأضافت الوزيرة التي تتولى سياسة الحكومة حول مستقبل النقل والتخلص من انبعاثات الكربون بأن الطيران من الأمور التي "تجعل من الحياة أمراً يستحق العيش من أجله"، مشيرة إلى أن الحكومة لن تفرض قيوداً على ذلك.
وفي سياق متصل، أظهرت الاستطلاعات أن آراء الوزيرة تتعارض مع آراء الرأي العام، إذ وجد استطلاع أجرته مؤسسة "يو غوف"YouGov عام 2019، بأن ثلثي الأشخاص في المملكة المتحدة يدعمون القيود على عدد الرحلات التي بوسع الأشخاص القيام بها. ودعا نشطاء إلى فرض ضريبة على المسافرين الدائمين على أساس أن 70 في المئة من الرحلات الجوية في المملكة المتحدة محصورة نسبياً ضمن أقلية ثرية لا تتخطى 15 في المئة مع وجود 57 في المئة ممن لا يسافرون مطلقاً إلى الخارج.
ولكن، قبل بضعة أسابيع، رحبت الحكومة البريطانية بالقادة العالميين لحضور قمة المناخ التي تعرف باسم "كوب 26" في غلاسكو [اسكتلندا]، وستحثهم على التقيد بالتزامات للحد من انبعاثات الكربون. ومن جهة أخرى، ذكرت الوزيرة، "نعتقد أن بوسعنا التوصل إلى تصفير الانبعاثات في قطاع الطيران (بحلول عام 2050) من دون سياسة إدارة على الطلب. كذلك أوضحنا في البيانات كافة المرتبطة بسياسات الطيران التي نعتمدها، لا نتوقع أن نوقف الأشخاص عن أمور عادية كالسفر جواً، لأننا نعتقد أنه من المهم أن يتمكن الأشخاص من السفر لأسباب مرتبطة بالأعمال. من الواضح أن ذلك خيار فردي في تلك الأعمال الفردية ولكن لا يمكن التقليل من شأن الروابط العائلية، فضلاً عن السفر للاستجمام طبعاً. إنها أمور مهمة تجعل من الحياة أمراً يستحق العيش من أجله ولا ينبغي أن نجعل الناس يتوقفون عنها. ليست تلك هي المقاربة التي نعتمدها أبداً. نحن نعتبر أنه بوسعنا التوصل إلى تصفير الانبعاثات من دون الحد مباشرةً من الرحلات الجوية، ويدعم نموذج السيناريو الذي وضعناه هذه الفكرة".
وأضافت ماكلين بأن السياسة "ستخضع للمراجعة" وسيزود الأشخاص "بكافة المعلومات حول الخيار الأكثر استدامة، في حال قرروا اعتماده".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورد الدكتور دوغ بار، كبير العلماء في منظمة "غرينبيس بالمملكة المتحدة" على كلام الوزيرة مشيراً إلى أنه "بالنسبة إلى الوزيرة، ينبغي على قطاع السفر زيادة انبعاثاته الكربونية بهدف التوصل إلى الحد منها. نحتاج إلى مزيد من الكربون كي نصل إلى مستوى تصفير الانبعاثات. يشبه الأمر اعتبار الحلوى محفزاً تحتاج إلى تناوله لإجبار نفسك على الذهاب إلى النادي الرياضي. تملك كافة الحلول التكنولوجية السحرية التي تعتمد عليها الحكومة قيوداً صارمة وضخمة بسبب كلفتها أو توافرها أو وزنها، ما يعني أنه ليس بوسعنا الوثوق في أنها ستتوصل إلى أكثر من الحد من انبعاثات الكربون على جزء صغير للغاية من الرحلات الجوية. واستناداً إلى ذلك السبب، أصرت "لجنة التغير المناخي" و"لجنة المطارات" على أهمية لجم الطلب على الطيران بغية التوصل إلى أهداف خفض انبعاثات الكربون." وتابع، "بالنسبة إلى الحكومة تُعد محاولة تشجيع الاستثمار بهدف تنمية قطاع لا تعرف كيف تحد من انبعاثات الكربون فيه، أمراً غير مسؤول كلياً بالموازين كلها. مع استعداد الحكومة لاستضافة محادثات دولية حاسمة وفي غاية الأهمية بشأن الأزمة المناخية، تبعث [الحكومة] رسالة إلى البلدان الأخرى مفادها أنه عندما يتطلب خفض انبعاثات الكربون قرارات صعبة، ليس عليكم سوى أن تتأملوا وتتمنوا بأن تتوصل التكنولوجيا إلى حل المسألة خلال 15 عاماً ومواصلة العمل على هذا الأساس، بغض النظر عن أية أمور أخرى".
وعلى الرغم من تعليقات الوزيرة، يفترض النموذج الذي قدمته وزارة النقل بأن الطائرات الكهربائية بالكامل لن تصبح حقيقة مع حلول 2050، وهو الموعد النهائي الذي وضعته المملكة المتحدة لتصفير انبعاثات الكربون.
وتعقيباً على ذلك، اعتبرت "لجنة التغير المناخي" التي هي هيئة قانونية توجه الحكومة في كيفية التوصل إلى تصفير الانبعاثات، في أحدث تقرير لها بأن "الاختراقات التي قد تحصل في 2050 (في ما يتعلق بالطائرات الكهربائية والبدائل الأخرى لوقود الطائرات) تشكل خيارات محدودة للغاية أو أنها في أحسن الأحوال ستعطي بصيص نور ضئيل جداً مع حلول 2050، على الرغم من أن أياً من تلك الحلول المقترحة لن تحسن إجمالي الانبعاثات في المملكة المتحدة". وأشارت اللجنة إلى أن "الرحلات الجوية الطويلة تهيمن على انبعاثات قطاع الطيران في المملكة المتحدة، ومن المرجح أن تستمر في استخدام وقود هيدروكربوني حتى 2050 أو أكثر".
واستناداً إلى ذلك، تنصح لجنة المناخ بأنه "لا يتوجب زيادة القدرة الاستيعابية للمطارات في المملكة المتحدة ما لم يوضع ذلك القطاع على المسار الصحيح في خفض انبعاثات الكربون كي يتولى زيادة الطلب". ويضاف إلى ذلك، وفق اللجنة، "ضرورة تطبيق سياسة إدارة الطلب" و"تطويرها والبدء بتنفيذها في منتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين".
يُشار إلى "لجنة التغير المناخي" انتقدت الحكومة مراراً بسبب وضعها أهدافاً طموحة في الحد من انبعاثات الكربون من دون اعتماد السياسة الصارمة في تطبيقها على أرض الواقع. وبحسب اللجنة، شكلت الانبعاثات الصادرة عن الطيران 7 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة في المملكة المتحدة في 2018، مع تسجيلها ارتفاعاً بـ88 في المئة بالمقارنة مع المستويات التي سُجلت في 1990.
© The Independent