حقق اقتصاد بريطانيا نمواً بوتيرة أقوى من التقدير السابق في الفترة بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران)، قبل أن يواجه ما يبدو أنه تباطؤ حاد في الآونة الأخيرة، بفعل تزايد أزمات ما بعد الإغلاق التي تشمل نقص سائقي الشاحنات.
وقال مكتب الإحصاءات الوطني إن الناتج المحلي الإجمالي زاد 5.5 في المئة خلال الربع الثاني، مقارنة مع تقديره المبدئي 4.8 في المئة.
اكتمال التعافي
وذكر المكتب أن البيانات عُدلت لتضع في الاعتبار المزيد من البيانات المكتملة من قطاع الصحة، وكذلك تحديث لمصادره ومنهجيته في حساب الناتج الاقتصادي البريطاني.
وقدمت البيانات صورة أكثر اكتمالاً للتعافي الاقتصادي السريع في بريطانيا بعد الإغلاق المرتبط بالجائحة في وقت سابق من هذا العام، لكن ثمة مؤشرات على أنه يفقد قوته الدافعة، بسبب نقص الإمدادات والعاملين مع إعادة فتح الاقتصاد العالمي.
مستويات الإنتاج
وقال محافظ بنك إنجلترا أندرو بايلي، أمس الأربعاء، إنه يعتقد أن الاقتصاد سيعود إلى مستويات إنتاج ما قبل الجائحة بحلول مطلع 2022، أي بعد شهر أو اثنين من توقعات سابقة للبنك في أغسطس (آب).
وعلى الرغم من التباطؤ ألمح بنك إنجلترا إلى أنه يتجه صوب أول رفع للفائدة منذ الجائحة، إذ يتوقع أن يتجاوز التضخم أربعة في المئة.
وكشفت بيانات يوم الخميس عن أن إنفاق الأسر زاد بنحو ثمانية في المئة بين أبريل ويونيو، لأنها بدأت في استخدام ما ادّخرته خلال فترة الإغلاق.
وكان نمو الناتج المحلي الإجمالي مدفوعاً بقطاع الخدمات، خصوصاً الضيافة والغذاء، إذ زاد الناتج 87.6 في المئة على أساس فصلي بعد إعادة الفتح.
وزاد إنتاج الصناعات التحويلية 1.8 في المئة خلال الربع الثاني، على الرغم من أن عجزاً في الرقائق أضرّ بإنتاج السيارات. وسجّلت الصناعات التحويلية في الأغذية والمشروبات أداءً قوياً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الاسترليني تحت الضغط خلال الفترات الماضية
وكان الجنيه الاسترليني قد تقلب إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار هذا العام، وسط مخاوف من انزلاق بريطانيا إلى فخ التضخم المرتفع والنمو المنخفض الذي يضر بمستويات المعيشة.
ومع وقوف السائقين في طوابير للحصول على الوقود ليوم آخر، قال أحد المحللين الاستراتيجيين في "سيتي بنك" إن الجنيه "بدأ يتصرّف بشكل أكبر كعملة سوق ناشئة" من خلال الانخفاض على الرغم من التوقعات برفع سعر الفائدة في وقت مبكر.
وانخفض الجنيه 0.7 في المئة مقابل الدولار إلى 1.3441 دولار، وهو أدنى مستوى منذ 28 ديسمبر (كانون الأول)، مدفوعاً بالحديث عن الركود التضخمي، وهو مزيج سام من ضعف النمو وارتفاع الأسعار. وخسر ما يقرب من ثلاثة سنتات في يومين، وهو أكبر هبوط في يومين منذ سبتمبر (أيلول) 2020.
واستقر الجنيه الاسترليني الآن مقابل الدولار لهذا العام، بعد أن كان في وقت سابق العملة الأفضل أداءً على خلفية الانتعاش الذي يقوده اللقاح.
وقال آدم كول، كبير محللي العملات في المجموعة المصرفية "آر بي سي كابيتال ماركتس" لـ"ذا تايمز" "كان هناك تباعد كبير بين أسواق أسعار الفائدة في المملكة المتحدة والجنيه الاسترليني، الذي كان ضمن أسوأ أداء عشر عملات عالمية، حين تتحرّك الأسعار والجنيه الاسترليني في اتجاهين متعاكسين. ومن المحتمل أن الجنيه بدأ يتصرّف مثل عملة الأسواق الناشئة".
وأشار جوردان روتشستر، محلل العملات في "نومورا"، إلى "انفصال الجنيه عن الأسعار"، قائلاً إنه أصبح "لا يمكن التنبؤ به حقاً".
التضخم يُضر بدخل الأسر
وبلغ معدل التضخم 3.2 في المئة، ويتوقع البنك المركزي أن يرتفع إلى أكثر من أربعة في المئة، لكنه يصر على أنه سيكون مؤقتاً. في الوقت ذاته تبدو الأسواق غير مقتنعة، إذ وصل مقياس السوق الرئيسة لتوقعات التضخم يوم أمس إلى أعلى مستوى في ثماني سنوات.
وارتفعت المقايضة الآجلة المرتبطة بالتضخم لأجل خمس سنوات، وهي وكيل لتوقعات التضخم على مدى السنوات الخمس المقبلة، إلى 3.905 في المئة من 3.878 في المئة.
وقال نيل جونز، رئيس مبيعات العملات الأجنبية في بنك ميزوهو، "لا يزال الجنيه الاسترليني يعاني تصور النقص المحلي، وارتفاع التضخم واحتمال شتاء قارس".
وكان أداء سندات الحكومة البريطانية أقل من أداء سندات الخزانة الأميركية والسندات الألمانية، في إشارة إلى أن المملكة المتحدة قد تفقد وضعها كملاذ آمن مشابه. وارتفعت تكاليف الاقتراض الحكومي لمدة عشر سنوات إلى أكثر من واحد في المئة للمرة الأولى منذ ظهور الوباء، مما أدى إلى سد الفجوة مع الديون السيادية للولايات المتحدة.
وتتوقع الأسواق أن يرفع البنك معدلات الفائدة من 0.1 في المئة إلى 0.25 في المئة في فبراير (شباط) وإلى 0.5 في المئة بنهاية العام. وتعافى مؤشر "فوتسي 100" أمس، مرتفعاً 1.1 في المئة إلى 7108.16، مقدماً ثقلاً وموازناً إيجابياً للجنيه الاسترليني.