دشن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ما يمكن وصفه بالمصالحة الداخلية، بعد إعلانه العفو الخاص عن كل المحكومين بتهمة "إطالة اللسان"، وهي التهمة التي تتعلق بالإساءة إلى الملك وأفراد عائلته.
ويرى مراقبون أن المرحلة المقبلة قد تشهد خطوات أخرى من قبيل العفو عن المعارضين في الخارج، الأمر الذي أشارت اليه "اندبندنت عربية" في تقارير سابقة، بخاصة مع الانفتاح السياسي وتشكيل لجنة ملكية للإصلاح يتوقع أن تسلم مخرجاتها للملك اليوم.
وفي أحدث تطورات التقارب، تلقى العاهل الأردني اتصالاً هاتفياً من رئيس النظام السوري بشار الأسد، تناول العلاقات بين البلدين، وسبل تعزيز التعاون بينهما.
ووفقاً للديوان الملكي الهاشمي، أكد الملك خلال الاتصال دعم الأردن لجهود الحفاظ على سيادة سوريا واستقرارها ووحدة أراضيها وشعبها.
وفي شهر أبريل (نيسان) الماضي، أسقط القضاء حكماً عن مواطنة أردنية كانت متهمة بإطالة اللسان على الملك، إذ هاتفها الملك وأعرب عن دعمه لها، بعد أن انتشرت قضيتها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي عام 2019 صادق الملك عبدالله الثاني على قانون "العفو العام" الذي أقره البرلمان وهو الثالث من نوعه منذ توليه الحكم عام 1999.
تهمة فضفاضة
يشكو ناشطون وحقوقيون من أن تهمة إطالة اللسان الفضفاضة تسببت بالزج بالعديد من المواطنين الأردنيين خلف القضبان بعد كتباتهم منشورات وتعليقات منتقدة لنظام الحكم، داعين إلى إلغائها بشكل كامل. وتنص المادة (195) من قانون العقوبات على أنه "يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات كل من ثبتت جراءته بإطالة اللسان على الملك أو أرسل رسالة خطية أو شفوية أو إلكترونية أو أي صورة أو رسم هزلي إلى الملك، وقام بوضع تلك الرسالة أو الصورة أو الرسم بشكل يؤدي إلى المس بكرامته، وتطبق العقوبة ذاتها إلى حمل غيره للقيام بأي من تلك الأفعال".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفقاً لرئيس لجنة الحريات في نقابة الصحافيين يحيى شقير، فإن تهمة إطالة اللسان لا زال العمل بها جارياً في دول عدة، إذ تعاقب على التشهير بالملك أو الملكة، لكن نادراً ما جرى استخدامها في تلك الدول، ففي إسبانيا يعاقب بالحبس حتى سنتين من يقوم بالتشهير بالملك أو سلفه، وفي الدنمارك تكون العقوبة حتى أربعة أشهر جرى استخدامها مرة واحدة قبل 15 سنة.
وفي العادة يحتاج وقف العمل بنص قانوني إلى تشريع وتعديل القانون أو الحكم بعدم دستورية النص، الأمر الذي يفسر لجوء العاهل الأردني لصلاحياته بإصدار العفو الخاص.
تراجع للحريات
وكانت تهمة إطالة اللسان من اختصاص محكمة أمن الدولة بحكم غير قابل للتمييز، ولكن تم تعديل القانون لتصبح من اختصاص المحاكم النظامية وذلك في العام 2017.
لكن البلاد تتهم من قبل منظمات حقوقية خارجية وداخلية بتراجع الحريات في السنوات الأخيرة، إذ حصلت على علامة 3.8 في المئة على مؤشر الديمقراطية لعام 2020، وبترتيب 118 من بين 167 دولة.
وفي مارس (آذار) الماضي، انتقدت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشال باشليه تضييق الخناق على حرية التعبير والتجمع في الأردن، مطالبة الحكومة بالسماح بالعمل النقابي، وفتح المجال أمام حرية التعبير والتجمع.
في حين أظهر مؤشر منظمة "فريدوم هاوس" في تقريرها السنوي تراجع الأردن في سلم الحريات المدنية والحقوق السياسية، ليصبح دولة "غير حرة"، بعد أن كان مصنفاً ضمن الدول الحرة جزئياً.
كما وصفت منظمات حقوقية أردنية حال حقوق الإنسان في البلاد لعام 2020، بأنها على "الحافة" متهمة السلطات باستغلال جائحة كورونا.
لكن الحكومة الأردنية ترد على منتقديها بأنها صادقت على سبع معاهدات من أصل تسع معاهدات أساسية لحقوق الإنسان، وتعمل بشكل جيد مع آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، إذ تقدم تقارير منتظمة إلى لجان الخبراء المستقلة التي تراقب تنفيذ الدول لالتزاماتها وتعهداتها.