تدخل الأسواق أكتوبر (تشرين الأول) الحالي على تفاوت في التوقعات، خصوصاً بعد سبتمبر (أيلول) المضطرب الأداء، ومع أن هذا الشهر تقليدياً يعد أكثر شهور العام في تقلبات سوق الأسهم، إلا أن هذا العام يبدو مختلفاً.
ويركز المتعاملون والمستثمرون على سوق السندات الأسبوع المقبل، وما إذا كان منحى الصعود للعائد على سندات الخزانة سيتواصل أم لا. وكان ارتفاع العائد مطلع الأسبوع الماضي سبباً في انهيار أسواق الأسهم، الثلاثاء الماضي. وخلال الأسبوع ارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية متوسطة الأجل لمدة 10 سنوات إلى 1.56 في المئة خلال بعض جلسات التداول، قبل أن يعود ويستقر تحت مستوى واحد ونصف نقطة مئوية "نسبة 1.47 في المئة". ولتقدير أهمية الارتفاع يذكر أن العائد على السندات متوسطة الأجل لم يكن يزيد على 1.2 في المئة في يوليو (تموز).
كما تركز الأسواق على استمرار الجدل في الكونغرس الأميركي حول حزمة تمويل البنية التحتية والدعم الاجتماعي لإدارة الرئيس جو بايدن. وتطالب الخطة الأساسية الكونغرس بإقرار تمويل بنحو 3.5 تريليون دولار، بينما قد لا يوافق الجمهوريون، بخاصة في مجلس الشيوخ بالكونغرس، سوى على أقل من نصف هذا المبلغ (نحو 1.2 تريليون دولار).
كذلك ما زال قانون رفع سقف الدين الحكومي وتوفير التمويل للحكومة الفيدرالية معلقاً، وسيبدأ الأسبوع بمزيد من الخلافات السياسية التي تتابعها الأسواق بعصبية شديدة. ورغم أن ذلك قد لا يكون له تأثير مباشر في مؤشرات الأسهم لكنه يؤثر في الحالة العامة للاستثمار وثقة المتعاملين في أكبر اقتصاد في العالم.
إفصاحات ومؤشرات
ومن المنتظر أن يبدأ الأسبوع المقبل أيضاً موسم إفصاح الشركات عن نتائجها المالية للربع الثالث من العام. وخلال الأسبوع تعلن شركات كبرى مثل "بيبسي كو" وشركة المنسوجات الجينز "ليفاي ستراوس" وماركات "كونستيليشن" أداءها المالي في الأشهر الثلاثة المنتهية بنهاية الشهر الماضي.
ورغم أن العائدات والأرباح للشركات قد لا تكون مرتفعة بالقدر الذي شهدته في الربع الثاني، فإن المستثمرين يلجأون لجني الأرباح مع إفصاح الشركات الإيجابية. وبالتالي قد تشهد الأسواق موجات بيع للأسهم تجعل المؤشرات تهبط عموماً، قبل أن يعود المتعاملون لبناء مراكزهم مجدداً.
كان الإعلان عن إنتاج شركة "ميرك" قرصاً لعلاج فيروس كورونا أثر إيجابي في السوق بنهاية تعاملات الأسبوع المنتهي، الجمعة. لكن في الأغلب سيختفي هذا الأثر سريعاً مع بداية إفصاح شركات كبرى نتائجها المالية وكذلك مع عودة القلق بشأن توجه الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) بشأن السياسة النقدية.
ويشهد الأسبوع المقبل أيضاً بيانات اقتصادية من الولايات المتحدة وأوروبا. فيوم الأربعاء تصدر أرقام وبيانات مؤشرات الاقتصاد الكلي لمنطقة اليورو. ومن وسط الأسبوع إلى نهايته تصدر أرقام طلبات إعانة البطالة الأسبوعية وتقرير التوظيف للشهر الماضي في الاقتصاد الأميركي. كما يصدر مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ستكون سوق السندات أقوى مؤشر على توقع اتجاهات السياسة النقدية. فمع توقع الإسراع في تقليص وإنهاء برنامج التيسير الكمي "شراء الاحتياطي للسندات بمعدل 120 مليار دولار شهرياً"، ربما بدءاً من الشهر المقبل يرتفع العائد على السندات. ويشير ذلك أيضاً إلى زيادة التوقعات بإسراع الاحتياطي الفيدرالي في رفع سعر الفائدة.
وبحسب شبه إجماع من المحللين والاقتصاديين، فإن مستوى تحرك نسبة العائد على السندات مؤشر أساس لتوجه السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي. ويعد مدى تحرك العائد على السندات في نطاق 1.5 في المئة مقبولاً، لكن اتساع المدى عن ذلك يؤثر سلباً في أسعار الأسهم. ليس فقط لاتجاه المستثمرين نحو السندات بدلاً من الأسهم، بل لأن ارتفاع العائد وبالتالي توقع رفع نسبة الفائدة يعني تآكل قيمة العائد على الأسهم، بخاصة أسهم شركات التكنولوجيا شديدة الحساسية لأسعار الفائدة الأساسية.
نطاق عائد السندات
الأهمية الرئيسة لمستوى العائد على السندات تتمثل في توقع اتجاه السياسة النقدية. وتنقل وكالة "رويترز" عن سام ستوفال من شركة "سي أف آر أيه" قوله، "يحتاج المستثمرون إلى محفز، والمحفز الذي يتطلعون إليه الآن هو سعر الفائدة".
ويشير تقرير صدر الأسبوع الماضي عن بنك "غولدمان ساكس" الاستثماري إلى أن مدى ونطاق الارتفاع في العائد على السندات يظل مقبولاً حتى الآن، لكن اتساعه أكثر من ذلك يجعل أسواق الأسهم "في وضع سيئ جداً". ويقدر تقرير البنك مدى الارتفاع بنحو 0.5 في المئة حتى الآن. ويعكس ذلك تحسن النمو الاقتصادي حسب تقرير "غولدمان ساكس" الذي يضيف، "إلا أن النمو الاقتصادي يتباطأ الآن، ويتوقع أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي في تشديد السياسة النقدية بخفض برنامج التيسير الكمي في اجتماعه في نوفمبر (تشرين الثاني). وقام الاقتصاديون لدينا بخفض توقعاتهم لنمو الاقتصاد الصيني هذا العام".
أداء مضطرب
مع ذلك، يظل العائد على الأسهم من ارتفاع المؤشرات أكبر كثيراً من العائد على السندات. ويرى بعض المحللين أن أسواق الأسهم تظل حتى الآن أكثر إغراءً للمتعاملين من سوق السندات. وكانت أسواق الأسهم أنهت الأسبوع الماضي بتعويض خسائر اضطرابها وتقلبها خلال الأسبوع، لكنها ظلت متراجعة في المتوسط الأسبوعي والشهري.
فقد أنهى مؤشر داو جونز للشركات الصناعية تعاملات آخر أيام الأسبوع، الجمعة، مرتفعاً بنسبة 1.4 في المئة، لكنه أنهى الأسبوع متراجعاً بنسبة 1.8 في المئة، وكان متوسط هبوطه في سبتمبر (أيلول) بنسبة 3.4 في المئة. وفي تعاملات الجمعة، ارتفع مؤشر ناسداك لشركات التكنولوجيا قليلاً (بنسبة 0.8 في المئة) لكنه أنهى الأسبوع الماضي متراجعاً بنسبة 3.2 في المئة، وفقد المؤشر الشهر الماضي في المتوسط نسبة 5.7 في المئة.
أما مؤشر "أس أند بي" للشركات الكبرى، الذي يعد مؤشراً قياسياً لأداء أسواق الأسهم في أميركا والعالم، فقد ارتفع في تعاملات الجمعة بنسبة 1.2 في المئة، لكنه أنهى الأسبوع الماضي منخفضاً بنسبة 2.2 في المئة وخسر المؤشر في المتوسط للشهر الماضي نسبة 4.8 في المئة.
سيكون الأسبوع المقبل، والشهر الحالي كله، مؤشراً قوياً على وضع الأسواق في المتوسط لهذا العام. فحركة المؤشرات خلال الأسابيع الأربعة المقبلة ستحدد توجه الأسواق لما تبقى من العام.