أقر أحد وزراء الحكومة البريطانية بأن المملكة المتحدة تخوض معركة تنافسية مع دول الاتحاد الأوروبي، لجذب مزيد من سائقي الشاحنات، وتخفيف أزمتي الوقود والإمدادات الغذائية.
يأتي هذا الموقف في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة عن تحول في خطتها للتأشيرات الطارئة، مذعنة للضغط الذي يمارسه قادة قطاعي الأغذية والوقود، وذلك من خلال تمديدها العمل بخطط التأشيرات المؤقتة إلى ما بعد عشية عيد الميلاد.
وسيجري الآن تمديد نظام منح التأشيرات لنحو 5 آلاف سائق أجنبي يعملون في مجال نقل المواد الغذائية - الذين يمكنهم أن يصلوا إلى البلاد اعتباراً من أواخر شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي - حتى نهاية شهر فبراير (شباط) المقبل، في محاولة حكومية يائسة لتجنب وقوع فوضى في الإمدادات خلال فترة الأعياد.
وسيتم في المقابل تشجيع قرابة 300 فرد من سائقي النقل على المجيء فوراً إلى بريطانيا، والسماح لهم بالبقاء حتى نهاية شهر مارس (آذار) من السنة المقبلة.
وزير الصحة البريطاني ساجد جاويد أعرب عن "ثقته" في أن خطة حكومته ستشجع مزيداً من سائقي الاتحاد الأوروبي على العمل في المملكة المتحدة. وأقر لشبكة "سكاي نيوز" الإخبارية بأنه "توجد بالطبع منافسة على السائقين - وهذا يحدث في مختلف أنحاء أوروبا".
وفي معرض وصفه للنقص في عدد السائقين بأنه "مشكلة دولية"، قال جاويد، "أرى من الصواب على المدى القصير، أن نحاول التأكد من أننا نستطيع الإتيان بمزيد من السائقين (من خارج البلاد). وأعتقد أن هذا الأمر سينجح".
إلا أن حزب "العمال" البريطاني المعارض وجه رسالة إلى وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل، طالبها فيها بتوضيح موعد وصول السائقين من الخارج، والمدة التي سيسمح لهم بالبقاء فيها في المملكة المتحدة.
وزير الداخلية في حكومة الظل "العمالية" نيك توماس سيموندز ذكر باتيل، بأن وزير النقل غرانت شابس، كان قد رفض منذ الخامس من أغسطس (آب) الماضي، طلباً قدمه له بإجراء تغييرات في نظام نقاط الهجرة، بحيث يمكن معالجة النقص في المهارات على مستوى سائقي الشاحنات الكبيرة. وقال، "أنا لا أؤيد استخدام عمالة أجنبية في حل مشكلة قديمة العهد في قطاع النقل".
وكانت "اندبندنت" قد كشفت يوم الجمعة الماضي، عن أن الحكومة البريطانية طلبت من آلاف المواطنين الألمان الذين يعيشون في المملكة المتحدة قيادة شاحنات للمساعدة في معالجة النقص الحاد في الإمدادات، حتى لو لم يسبق لهم قيادة تلك المركبات من قبل.
في المقابل، عُلم أن رسائل وزارة النقل البريطانية أرسلت أيضاً إلى آلاف من رجال الإطفاء، مشجعة إياهم على التفكير في التخلي عن وظائفهم التي تساهم في إنقاذ أرواح بشرية، من أجل قيادة شاحنات النقل.
وفيما ادعى الوزير ساجد جاويد أن وضع الوقود "أخذ يستقر" فعلاً، و"يسير في الاتجاه الصحيح" في معظم أنحاء البلاد، وأن الجيش تم نشره "كتدبير احترازي" فقط، أكدت "رابطة تجار بيع المحروقات بالتجزئة" Petrol Retailers Association أن إمدادات الوقود لا تزال "تشكل معضلة كبيرة" في جنوب شرقي إنجلترا، على الرغم من التحسن الذي شهدته في إقليم اسكتلندا وفي مناطق شمال إنجلترا وفي أجزاء من ميدلاندز.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
برايان ماديرسون رئيس "رابطة تجار بيع المحروقات بالتجزئة"، أكد لبرنامج "توداي" الذي تبثه إذاعة "بي بي سي راديو 4"، أن الوضع في لندن وجنوب شرقي إنجلترا قد ازداد سوءاً، وقال إن السائقين العسكريين الذين من المقرر أن ينخرطوا في العمل على توفير الإمدادات اعتباراً من يوم الاثنين المقبل، سيقدمون "مساعدة كبيرة" للقطاع.
معلوم أنه سيتم نشر سائقي الجيش البريطاني لتوصيل المحروقات إلى محطات الوقود اعتباراً من يوم الاثنين المقبل مع استمرار أزمة نضوب البنزين من مضخاتها. ويتدرب الآن نحو 200 عنصر من العسكريين - بمن فيهم 100 سائق - في مواقع النقل، وسيباشرون عمليات تسليم المادة للمساعدة في تخفيف الضغط عن محطات الوقود.
في الوقت نفسه، أقر وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك، بأن النقص في إمدادات السلع قد يستمر في الفترة التي تسبق عيد الميلاد. وقال لصحيفة "ديلي ميل"، إن "هذا النقص جدي للغاية". وأضاف، "إننا نشهد اضطرابات حقيقية في سلاسل التوريد في قطاعات مختلفة، ليس فقط هنا، بل في مختلف أنحاء العالم... ولا شك في أن أطفالي سيكونون مستائين للغاية، إذا لم يكن يتمكنوا من الاحتفال بفترة عيد الميلاد".
أما رئيس الوزراء بوريس جونسون فلم يستبعد في حديث أدلى به لصحيفة "ذي تايمز" عشية مؤتمر حزب "المحافظين"، حدوث انقطاعات في الإمدادات خلال فترة عيد الميلاد، لكنه قال، "ما أتوقعه بثقة هو أن يكون عيد الميلاد هذه السنة أفضل بكثير من عيد العام الماضي".
وأصر جونسون على تأكيد أنه لن تكون هناك زيادة أخرى في منح تأشيرات لسائقي الشاحنات، البالغ عددها 5 آلاف تأشيرة، وقال، "لا يمكننا السماح بأن تزداد الإجراءات تعقيداً وتؤدي إلى "هجرة غير منضبطة".
في المقابل، أكدت الحكومة ضمن سلسلة الإعلانات التي أصدرتها مساء الجمعة الماضي، أنه سيتم السماح لـ5 آلاف و500 عامل في قطاع دواجن بالدخول إلى البلاد، بغية الحفاظ على إمدادات متاجر السوبرماركت من طيور الديك الرومي، وذلك قبل فترة عيد الميلاد.
وأوضحت الحكومة أن هؤلاء العمال الذين يمكن أن يصلوا اعتباراً من أواخر شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، سيكونون قادرين على البقاء حتى الحادي والثلاثين من ديسمبر (كانون الأول) بموجب نظام التأشيرة المؤقتة.
يأتي ذلك في وقت أثارت فيه أحزاب المعارضة البريطانية، احتمال دعوة البرلمان إلى الانعقاد في جلسة غير اعتيادية، للنظر في معالجة النقص الأوسع على مستوى العمالة، وتعطل سلاسل التوريد.
زعيم حزب "العمال" السير كير ستارمر توقع ألا يتم العمل بنظام التأشيرات المؤقتة قبل "أسابيع"، ورأى أنه ينبغي على رئيس الوزراء، إذا لزم الأمر، أن يدعو البرلمان إلى الإسراع في التشريع، لضمان الحفاظ على مخزونات المتاجر بالسلع اللازمة .
وقال إيان بلاكفورد، زعيم نواب "الحزب القومي الاسكتلندي" في ويستمنستر، إنه "يتعين على رئيس الوزراء أن يدعو البرلمان إلى عقد جلسة غير اعتيادية على الفور، وأن يعقد محادثات بين الأحزاب، لتحديد الخطوات اللازمة لمعالجة أزمة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي على نحوٍ فاعل".
© The Independent