عندما دشنت هيئة الأدب والترجمة والنشر السعودية معرض الرياض للكتاب على مساحة تفوق الـ 36 ألف متر مربع، بدأ الوراقون ودور النشر وضع خططهم للوصول إلى مرتادي هذه المساحة الشاسعة في المعرض الذي يُعد الأكبر في المنطقة من حيث القوة الشرائية.
إلا أن أمراً آخر شغل تفكيرهم، فهذه المدينة المصغرة المكتظة برفوف الكتب، يسري عليها ما يسري على أي عملية تجارية في أي سوق، إذ يحدد الموقع الذي يوجد فيه العارض حجم الإقبال الذي يمكن أن يجده، بين أن يكون في الممر الرئيس المقابل للبوابات الأربع، أو أن يكون في زاوية داخلية أو ممر فرعي يصل إليه المتجول بعد عناء كبير.
هذا الممر الذهبي الذي يقطع واجهة المعرض بشكل فرعي من يمينه إلى يساره، هو حلم الباعة في أي معرض، إذ لا تظهر معايير واضحة لانتزاع بضعة أمتار فيه، ففي نسخة 2021 بالرياض كان لافتاً للنظر غياب أسماء عريقة مثل دار الشروق وجداول وابن حزم والتنوير عن هذا الشريان، وحضور دور شابة ورائدة مثل أثر وتكوين ومعنى ونادي الكتاب، بدلاً منها.
الواجهة ليست للبيع
لا تحكم المعايير المالية الحضور في هذا الشريان، فباستثناء رعاة المعرض الذين أعطتهم شراكتهم في المناسبة امتياز الحصول على مساحة في الواجهة، لم يكن هناك تمايز في التوزيع على أساس اقتصادي، إذ بلغ سعر المتر المربع الواحد في جميع أنحاء المعرض 100 دولار، بغض النظر عن الموقع، فعلى أي أساس تم التقسيم؟
هناك معايير غير مكتوبة تسهم بشكل جزئي في رسم خرائط التوزيع، إحداها المساحة، بحسب ما قاله محمد العتابي، مدير عام منشورات "تكوين" التي تحتل موقعاً مميزاً "في جميع المعارض يتم فقط اختيار المساحة ولا يتم اختار المكان، لكن هناك أحياناً في بعض المعارض امتياز معين وهو عندما تطلب مساحة كبيرة تحصل على موقع جيد، على زاوية مثلاً"، مضيفاً، "وقد جرى العرف أن من يأخذ مساحات كبيرة سيأخذ موقعاً مميزاً بالضرورة".
وبحسب نواف الدوسري، مدير التطوير والأعمال في دار "تشكيل" التي افترشت أمام أحد البوابات الرئيسة، فإن السعر يرتفع أو ينخفض بحسب المساحة فقط، "المساحات الكبيرة غالباً ما تكون في واجهة المعرض، لذلك يكون سعرها أعلى فقط، لكن سعر المتر لا يتغير"، مؤكداً ألا امتياز حصلوا عليه بشكل استثنائي، "هذه ليست المشاركة الأولى لتشكيل، وقد كانت مواقعنا في أماكن بعيدة وغير مناسبة سابقاً كحال دور النشر أخرى".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الأمر ذاته أكده صالح الغبين مسؤول جناح دار "أثر"، إلا أنه يرى أن التقسيم كان منطقياً "توضع الخريطة من إدارة المعرض وأراها منطقية، إذ إن المساحات الجيدة أعطيت كما أرى للدور المميزة واللماعة".
المعيار الوحيد هو معيار تنظيمي
إلا أن كل ما قالته الدور سعيدة الحظ لا يعدو كونه تخميناً، والسبب الحقيقي لدى منظمي المعرض، إذ أكد محمد حسن علوان، رئيس هيئة الأدب والترجمة والنشر، أن المعيار تنظيمي بحت "هذا الأمر لا يخضع للصدفة أو استباقية التأجير، ولكن بحسب خبرتنا في معارض الكتاب، توجد هناك دور نشر عليها إقبال جماهيري كبير، مما يتسبب في ازدحام في الممرات، ففضلنا بأن تكون هذه الدور في أماكن واسعة ومفتوحة من أجل الحفاظ على انسيابية الحركة، هذا هو المعيار الوحيد"، مستبعداً خضوع المواقع لأفضلية السعر أو الأسبقية.
وأضاف، "الهيئة ليست في موقع تقويم الدور وتصنيفها بين الأفضل أو الأسوأ، ويعنينا أن يستفيد كل الناشرين، فالمعرض الذي لا يربح فيه الناشر لا يفيدنا"، مشدداً على أن "من المستحيل أن تجد معياراً يتفق عليه الجميع حول من يستحق أن يكون في الواجهة".