حذر مكتب الأرصاد الجوية البريطانية من أن بريطانيا قد تشهد تساقط الثلوج بكثافة في الأسابيع المقبلة، في إشارة إلى شتاء أشد برودة بعد فترة ارتفاع نسبي في درجة الحرارة في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي. ووصلت درجات الحرارة في بريطانيا الشهر الماضي إلى مستويات أعلى مما هي عليه في جنوب فرنسا.
وبعدما شهدت مناطق في اسكتلندا هبوط الثلوج هذه الأيام، قال مكتب الأرصاد في تحذيره، إن أغلب مناطق بريطانيا قد تشهد هطول الثلوج في الأسابيع المقبلة. وأشار المكتب إلى أنه ليس من غير المعتاد هبوط الثلوج في شهر أكتوبر (تشرين الأول).
لكن من الواضح أن التغيرات المناخية التي قدر البعض أن عام الوباء والإغلاقات وقلة حركة البشر وتعطل السفر بالمركبات والطائرات قلل منها ما زالت تتصاعد. ويحذر المدافعون عن البيئة والمتحمسون لمكافحة التغيرات المناخية من أن الارتفاع في درجة حرارة الأرض ربما يصل في غضون عامين إلى مستوى لا يمكن إصلاحه. ويحدد خبراء المناخ في الأمم المتحدة سقف التغير في درجة حرارة الأرض بمعدل 1.5 درجة مئوية. ويختلف العلماء على ما إذا كان العالم قد وصل إلى هذه النقطة أو على وشك تجاوزها.
ويقول علماء الطقس، إن التغير في درجة الحرارة نتيجة الانبعاثات الكربونية وغيرها من ملوثات البيئة لا يعني فقط ارتفاع درجات الحرارة، كما حدث في الصيف الماضي وأدى إلى حرائق في أماكن مختلفة من العالم منها حرائق في سيبيريا الروسية، أبرد مناطق الكرة الأرضية المأهولة، إنما يعني أيضاً انخفاضاً أكثر من المعتاد في درجات الحرارة في فصل الشتاء.
الاستعداد للطقس
في مقابلة مع صحيفة "ديلي ميرور"، يقول المتخصص في مكتب الأرضاد الجوية البريطاني ديف كيتنغ، "سيكون الجو (في أنحاء بريطانيا) قارساً شديد البرودة مع موجات صقيع. وهذا الوضع سيئ جداً لمن عليهم دفع فواتير الغاز والكهرباء، لأنها سترتفع بشدة".
في مسح حديث، نشرت الصحف البريطانية خلاصته، أجراه مكتب الأرصاد الجوية وشمل أكثر من ألفي شخص من مختلف مناطق بريطانيا يظهر أن نسبة 40 في المئة أخذتهم تقلبات الطقس على حين غرة لأنهم لم يكونوا مستعدين للتغير في الجو. وبحسب نتائج الاستطلاع فإن النصف تقريباً تضرروا من تغيرات الجو والمناخ، ونسبة 19 في المئة منهم واجهوا مشكلة مع انقطاع الكهرباء والطاقة عن بيوتهم.
جاء الاستطلاع مع طرح مكتب الأرصاد بالشراكة مع مكتب رئاسة الوزراء مبادرة "الاستعداد للطقس" التي تهدف إلى توعية البريطانيين بتغيرات الطقس المتوقعة لتفادي الأضرار قدر الإمكان في ما يتعلق بسلامة السفر على الطرق وتضرر الممتلكات والوضع الصحي العام.
ونقلت الصحف البريطانية عن الوزيرة في وزارة التجارة، المسؤولة عن الإنفاق الحكومي بيني موردونت قولها، "تواجه بريطانيا احتمالات خطر الطقس القاسي جداً على مدار السنة. على الحكومة والأفراد والتجمعات السكانية الاستعداد لذلك، ولدى كل منا دور يؤديه لتقليل الأضرار زدرء المخاطر".
أزمة الطاقة في الشتاء
مع الاحتمالات المتزايدة لبرودة فصل الشتاء المقبل، تواجه بريطانيا أزمة طاقة محتملة. فخلال أشهر الصيف اضطرت بريطانيا إلى إعادة تشغيل وحدتين في محطات طاقة تعمل بالفحم لتعويض النقص في شبكة الكهرباء. ذلك على الرغم من أن الفحم أكثر تلويثاً للبيئة وانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون أكثر بكثير من النفط والغاز.
قبل يومين حذر رئيس واحدة من أكبر شركات الطاقة في بريطانيا، التي تنتج الكهرباء وتوزع الغاز والكهرباء على ملايين البيوت في بريطانيا وإيرلندا، من أنه لا مفر من بناء محطات طاقة تعمل بالغاز في بريطانيا لمواجهة أزمة النقص في الشتاء.
وفي كلمة له في مؤتمر استضافته شركة الاستشارات "أورورو إنرجي ريسيرش" قال رئيس شركة "سكوتيش أند سذرن إليكتريك" (أس أس إي) أليستر فيليب-ديفيز، "لا أعتقد أنه يمكننا اليوم بسهولة بناء محطات طاقة دون التقليل من انبعاثات الكربون منها، إلا إذا كانت هناك حاجة ماسة وطارئة لزيادة إنتاج الطاقة لضمان عدم تضرر بريطانيا وإيرلندا في فصل الشتاء.. وللأسف، لم يعد ذلك بعيد الاحتمال الآن، لأنه هناك بالفعل مشكلة في الطاقة في بريطانيا وإيرلندا".
وتواجه بريطانيا نقص توليد الطاقة من المصادر المستدامة من الرياح وغيرها. كما أن بعض الإنتاج من محطات تعمل بالطاقة النووية توقف بالفعل. هذا إضافة إلى الحريق الذي أصاب الكابل البحري الذي يصل الشبكة البريطانية بالشبكة الفرنسية بالضرر.
ونقلت صحيفة "التايمز" الثلاثاء عن متحدث باسم الحكومة قوله، "بينما نبذل قصارى جهدنا لتقليل الاعتماد على الطاقة من مصادر عالية الانبعاثات الكربونية سيزداد الطلب على النفط والغاز. ونعمل كل ما بوسعنا لتطبيق تكنولوجيا جديدة تساعد في هذا الوضع بتقليل الانبعاثات عبر اصطياد الكربون وتخزينه وإعادة استخدامه، كما نعمل على زيادة إنتاج الطاقة باستخدام الهيدروجين".
لكن الواضح أن تلك التكنولوجيات لن تكون جاهزة، أو كافية، لتفادي اعتماد بريطانيا على النفط والغاز والفحم في الفترة المقبلة لتعويض النقص في إنتاج الطاقة.
ويأتي ذلك بينما تستعد بريطانيا لاستضافة مؤتمر المناخ العالمي الشهر المقبل الذي يستهدف الحد من انبعاثات الكربون ومسببات الاحتباس الحراري الأخرى. ما يعني أن على الحكومة البريطانية الوفاء بتعهداتها بخفض انباعاثات الكربون بأسرع من بعض دول العالم الأخرى.