تواصل واشنطن الإشادة بالجهود التي تبذلها المملكة المتحدة لإخراج شركة صينية من مشروع طاقة نووية حساس، وفقاً لما أكدته مصادر مطلعة على الاهتمام الأميركي بهذه القضية.
ووصفت الولايات المتحدة التي تعارض منذ فترة طويلة العلاقات البريطانية - الصينية في مجال الطاقة، الخطط البريطانية الرامية إلى إلزام شركة "سي جي أن" الصينية العملاقة في مجال الطاقة النووية، بالتخلي عن حصتها البالغة 20 في المئة في محطة "سايزويل سي" النووية في مقاطعة "سوفولك"، وصفتها بالانتصار الدبلوماسي الذي طالما ناضلت لتحقيقه.
وفي الأشهر الأخيرة، تزايدت حدة الشعور بعدم الارتياح لدى الحكومة البريطانية إزاء سيطرة الصين على قطاع الطاقة. وفي مطلع السنة الحالية، أطلقت إدارة بايدن حملة جديدة هدفها حماية بنية الطاقة التحتية من الهجمات بما في ذلك الهجمات الإلكترونية، إذ جرى وضع خطة تأخذ في الاعتبار على وجه التحديد العدوتين روسيا والصين وهجماتهما الإلكترونية المعادية، بحسب مصدر مطلع على الخطة.
ويأتي ذلك في وقت تسعى فيه المملكة المتحدة إلى توطيد علاقاتها الأمنية الوثيقة مع واشنطن من خلال صفقة الغواصات النووية الثلاثية بين بريطانيا وأميركا وأستراليا، وقد أطلق عليها اسم اتفاق "أوكوس" في الأسابيع الأخيرة. ويشكل ذلك الاتفاق جزءاً من الجهود المبذولة على نطاق أوسع، بغية "حفظ الأمن والاستقرار في منطقة المحيطين الهادي والهندي"، بحسب ما أكده رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في بيان أصدره مطلع الشهر الحالي، تجنب فيه الإشارة بشكل مباشر إلى الصين.
في سياق مشابه، بدأت الولايات المتحدة دراسة أمن الطاقة لدى حلفائها في حلف الناتو ودرجة اعتمادهم على الصين وروسيا. وحاضراً، ينظر إلى جهود الحكومة البريطانية الرامية إلى السيطرة على حصة شركة "سي جي أن" على إنها ستأتي بمردود إيجابي لواشنطن التي مارست ضغوطاً على الحكومة البريطانية استهدفت علاقة الصين بالبنية الأساسية للطاقة النووية البريطانية.
"إنه بالطبع انتصار بلا ريب للولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ويبدو أن التهديدات الخطيرة التي تشكلها بعض الدول على أمن الطاقة تحظى بالاهتمام المناسب"، وفقاً لما أكده أحد المصادر المطلعة على سياسة أمن الطاقة الأميركية.
وتفكر بريطانيا ملياً في الاستحواذ على حصة شركة "سي جي أن" الصينية البالغة 20 في المئة في مشروع محطة "سايزويل سي" النووية الذي تبلغ قيمته 20 مليار جنيه استرليني. ولاحقاً، تستطيع الحكومة بيع تلك الحصة للشركات الاستثمارية أو طرحها في سوق الأوراق المالية، وفقاً لما ذكره مصدر مطلع على تفكير الحكومة.
وفي المقابل، رفضت شركة "إي دي أف" الفرنسية المتعددة الجنسيات التي تستحوذ على بقية الحصص في مشروع "سايزويل" ومحطة "هنكلي بوينت سي"، التعليق على ذلك، في حين لم ترد شركة "سي جي أن" على طلب لإبداء التعليق على هذا الأمر. واستطراداً، ليس هناك أي أرقام رسمية توضح مقدار حصة ما تمتلكه الصين من الأصول البريطانية في قطاع الطاقة. ويعود السبب في ذلك نوعاً ما إلى صعوبة تحديد عدد الوسطاء الذين يستعين بهم النظام [الصيني].
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي المقابل، تسيطر الصين بشكل كبير على مجموعة من مجالات بنية الطاقة التحتية في بريطانيا، إذ تملك حصة في شركة "كادينت غاز" البريطانية لتوزيع الغاز عبر صندوق ثروة سيادي خاص تملكه "هيئة الصين للاستثمار" [سي آي سي CIC] التي ترأست كونسورتيوم مكون من مجموعة شركات، عمل على شراء تلك الشبكة التي تشكل جزءاً من الشبكة الوطنية. ويضاف إلى ذلك أن الشركات الصينية التي تحظى بدعم حكومتها تملك أيضاً حصصاً في شركات النفط والغاز ومشاريع الطاقة المتجددة في بريطانيا تشمل محطات تحويل طاقة الرياح إلى كهرباء.
وفي سياق متصل، شاركت شركة " سي جي أن" في إنشاء موقع منشأة "هينكلي بوينت سي" في مقاطعة "سومرست" بالتعاون مع شركة الطاقة الفرنسية "إي دي أف" التي تقدم تقريباً ثلث الاستثمار في تلك المنشأة. واستطراداً، أعربت واشنطن عن قلقها إزاء مشروعي "سايزويل" و"هنكلي"، مشيرة إلى أن أكثر ما يقلقها يتمثل في خطط إنشاء محطة نووية في قرية "برادويل – أون - سي" في مقاطعة "إسيكس" قد تستعين بتقنية المفاعلات النووية الصينية عوضاً عن اتباع التقنية الأوروبية الأكثر شيوعاً منها. واستناداً إلى ذلك، تتوقع تلك المصادر المطلعة على مستوى اهتمام الولايات المتحدة بقطاع الطاقة في بريطانيا، أن تستبعد الصين من مشروع "برادويل – أون - سي".
في ذلك الصدد، أكد ناطق باسم الحكومة أن "شركة "سي جي أن" تظل شريكاً له تقدير واحترام في مشروع "هنكلي بوينت سي" وشريك في مشروع "سايزويل سي" حتى تتخذ الحكومة القرار النهائي في شأن الاستثمارات، مع ملاحظة أن المفاوضات الحالية، ولم يتم اتخاذ قرار نهائي في ذلك الشأن".
وكذلك ذكرت الحكومة أنها تؤمن بأن الطاقة النووية تشكل ركناً أساسياً في مصادر مزيج الطاقة، لا سيما مع سعي بريطانيا إلى تقليل انبعاثاتها الكربونية. وتوقعت أيضاً أن يجري اقتراح سن تشريعات جديدة تهدف إلى إيجاد سبل في تمويل مشاريع الطاقة النووية الضخمة مستقبلاً، علماً بأن النهج المفضل يتمثل في "قاعدة الأصول التنظيمية" RAB، الذي يعطي المستثمرين القدرة على تحصيل المال من العملاء بواسطة فواتير الطاقة أثناء إنشاء محطة كهربائية. وأخيراً، لقد طرح سؤال عن ذلك الأمر على أحد ممثلي الحكومة الأميركية، لكنه لم يتقدم بأي تعليق حتى لحظة نشر المقال.
© The Independent