بعد أيام قليلة من بدء أطول كابل بحري في العالم بنقل الطاقة الكهرومائية من النرويج إلى المملكة المتحدة، ظهرت دواعي قلق من ألّا يعود لدى النرويجيين ما يكفيهم من الطاقة، فيما تضرب أزمة طاقة أوروبا الشمالية بسبب نقص المياه.
وتواجه الدول الاسكندينافية حالياً تدهور حال أمن الطاقة فيما تجفّ الخزانات التي تمدّ عملية توليد الطاقة الكهرمائية بالمياه.
ونتيجة لذلك، ترتفع أسعار الطاقة ارتفاعاً جنونياً. ووفقاً لـ"بلومبيرغ"، تضاعفت كلفة الطاقة في الدول الاسكندينافية خمس مرات خلال سبتمبر (أيلول) هذه السنة مقارنة بالعام الماضي.
وتعتمد النرويج على نحو كامل تقريباً على الطاقة الكهرومائية التي غذّت عملية تنميتها وتطويرها خلال القرن التاسع عشر. والطاقة الكهرومائية مسؤولة عن 99 في المئة تقريباً من إجمالي عملية إنتاج الطاقة النرويجية، فيما تغطّي الطاقة الحرارية، ومنذ وقت قريب، طاقة الرياح، النسبة المتبقية.
ويضمّ البلد أكثر من ألف خزان للطاقة الكهرومائية يزيد إجمالي طاقتها الاستيعابية على 87 تيراواط ساعة، ولكن بسبب تساقط الأمطار بمعدّل أقل من المتوسط، وصلت الخزانات إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من عقد خلال هذا الوقت من السنة.
وتأتي قلة الأمطار بعدما سجّلت الخزانات أعلى مستوياتها منذ 30 عاماً السنة الماضية فقط، مضيفةً نحو 13 تيراواط ساعة على القدرة الإجمالية للبلاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول أندريس غودشتاد، نائب الرئيس التنفيذي لإدارة الطاقة في شركة "أغدر إينرجي"، كما أورد موقع "بلومبيرغ"، "عادة، تمتلئ الخزانات في هذا الوقت من العام، لكننا تعرضنا لدرجات حرارة قياسية خلال شهري أغسطس (آب) وسبتمبر وشهدنا نسبة ضئيلة من الأمطار".
فيما اعتبر الكابل الجديد الذي يصل المملكة المتحدة بالنرويج سبيلاً لتوصيل طاقة نظيفة إلى المملكة المتحدة قادرة على تلبية حاجة 1.4 مليون منزل، سوف تساعد هذه الوصلة كذلك في تحقيق التوازن في الشبكة وستكون قادرة على مدّ النرويج بطاقة تولّدها الرياح.
ولكن مع تضاؤل المياه في الخزانات، تزداد دواعي القلق بشأن الأثر الأوسع للقيود على الطاقة، لا سيّما خلال فترة التعافي من جائحة فيروس كورونا.
وقال أندريه غوستافسون، المحلّل في شركة المرافق العامة السويدية "سكيليفتي كرافت أي بي" Skelleftea Kraft AB، "إن الفكرة القائلة بأننا بطارية خضراء لأوروبا تخفق نوعاً ما خلال فترة الشتاء هذه".
وحذّرت المنظمة من أنه في أسوأ الحالات، سوف تضرّ أسعار الطاقة المرتفعة بالنمو الاقتصادي فيما تبدأ الشركات بالحد من إنتاجها.
وقد اضطرت السويد، التي تعاني منذ زمن من مشكلات أمن الطاقة، إلى إعادة العمل بمحطة توليد طاقة عمرها 52 عاماً تعمل على الوقود من أجل استمرار توفير الإنارة. وعندما تعمل المحطة الموجودة في كارلشام بكامل قدرتها، تحرق 70 طناً من الوقود في الساعة، وفقاً لموقع الأخبار المالية "إي 24".
ويأتي نقص الطاقة الكهرومائية في الدول الاسكندينافية فيما تزداد دواعي القلق في دول مجاورة بشأن الطاقة كذلك.
وقد تضاعفت كلفة الغاز الطبيعي خمس مرات وسط "عاصفة مثالية" [تزامن ظروف ومصاعب] من الضغوط المتعلقة بالتكاليف، بينما يرجح أن تستمر الأسعار المرتفعة على هذه الحال حتى ربيع عام 2022 على أقلّ تقدير، بحسب توقعات المحللين في مجال الطاقة.
ويقول مركز الأبحاث "أكسفورد إيكونوميكس"، إنّ مخزون الغاز في أوروبا سجّل نسبة أقل من المتوسّط خلال السنوات الخمس الماضية، ولا وجود لأي مؤشر إلى أنّ روسيا أو الولايات المتحدة سوف تسدّ النقص خلال فصل الشتاء القاسي.
وتمتلئ الخزانات بنسبة 72 في المئة، أي أقل بكثير من متوسّط 88 في المئة الذي ساد خلال السنوات الخمس الماضية. كما تفاقمت المشكلة بسبب صعوبات الإنتاج التي يعاني منها منتجو غاز بحر الشمال "مما أعاق عملية إعادة التخزين في الوقت المناسب لفصل الشتاء".
وفي المملكة المتحدة، قالت هيئة تنظيم الطاقة "أوفغيم"، إن الفواتير ستزيد بنسبة 139 جنيهاً استرلينياً على الأقل بالنسبة لـ15 مليون أسرة فيما ترفع سقف أسعار الطاقة في القطاع. وقد انهارت ثلاث شركات توريد طاقة خلال الأسبوع الماضي، بعد عدد آخر خلال الأسابيع المنصرمة، وسط الارتفاع القياسي لأسعار الغاز.
© The Independent