أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد إجراء حوار وطني مع الشعب والشباب عبر منصة إلكترونية، من أجل عرض الأفكار والتصورات من مختلف الجهات.
برهان الميلي (28 سنة) من الجنوب التونسي، قاطن بالعاصمة، وهو صاحب مشروع لصنع اللافتات الإشهارية، تحدث لـ"اندبندنت عربية" عن "مشكلة تعيق كل صاحب مؤسسة خاصة في تونس من الشبان، وهي التعطيلات الإدارية والبيروقراطية القاتلة التي تعصف بكل حماس وطموح الشباب في إنشاء مشروع صغير". لافتاً إلى "مفارقة تونسية بين ما يجري إعلانه في الخطابات الرسمية من تشجيع على المبادرة الخاصة، وما يواجهه الشاب في الحقيقة من تعطيلات وتعقيدات إدارية".
وشدد الميلي على أن الحوار مع الشباب يجب أن يركز على مثل هذه المسائل، لأن الإدارة التونسية، في تقديره، "ما زالت تعاني التعقيدات من دون أن تنجح في استخدام التكنولوجيات الحديثة لاختصار الآجال وتسهيل مهمة طالبي الخدمة".
تنظيم الهجرة
من جهته، لا يأمل نبيل محفوظي، (25 سنة)، خريج هندسة وعاطل من العمل منذ فترة قصيرة، خيراً في مثل هذه الحوارات مع الشباب. مؤكداً "أن مشاكل الشباب معلومة للجميع، وهي الشغل وفتح آفاق الهجرة المنظمة عبر اتفاقات مع دول جاذبة لليد العاملة"، ومشيراً إلى "خطورة الفراغ الذي يعيشه الشباب التونسي اليوم، وهو ما يدفعه إلى ركوب قوارب الموت في اتجاه مصير مجهول نحو الضفة الأخرى من المتوسط بحثاً عن الشغل والكرامة".
البطالة معضلة حقيقية
خولة العشي، خريجة جامعة الاقتصاد والتصرف بتونس، (26 سنة)، تعمل بصفة عرضية في إحدى المؤسسات القريبة من مقر إقامتها بمحافظة القصرين غرب العاصمة، في غير اختصاصها، تأمل في الحصول على عمل وفق اختصاصها. داعية الرئيس إلى إيجاد حل لأزمة البطالة في تونس. معتبرة أن معضلة تونس الحقيقية هي البطالة، بخاصة حاملي الشهادات العليا. ومتهمة أحزاباً سياسية كانت في الحكم، ووفرت فرص عمل فقط للمنتمين إليها والناشطين في صفوفها.
حوار من دون وسائط
ويراهن الرئيس قيس سعيد على دور الشباب في صياغة القرارات المصيرية في البلاد، من خلال ممارسة الديمقراطية المباشرة مع الشعب، وبالاحتكاك بكل الفئات، من دون وسائط أخرى على غرار المنظمات الوطنية والأحزاب، بينما يرفض الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية) إقصاءه من المشاركة في رسم ملامح تونس المستقبلية، واعتبر أمين عام الاتحاد، نور الدين الطبوبي، "أن لا أحد بإمكانه رسم مستقبل تونس بمفرده، خارج إطار منظمة الشغيلة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الناطق الرسمي باسم الاتحاد، سامي الطاهري، في تصريح صحافي، إن "الحوار الوطني يجب ألا يستثنى إلا الأحزاب التي أقصت نفسها بنفسها من خلال تأليبها وتحريضها جهات خارجية من أجل الإضرار بتونس".
وأكد أن اتحاد الشغل يعتبر أن الحوار مع الشباب "مسألة استراتيجية ودائمة"، بالنظر إلى أهمية هذه الفئة العمرية التي تضم كفاءات عالية، وتمثل المعطلين من العمل والشباب بالجهات.
وبين الطاهري أن الحوار في ظل الأزمة يعد آلية لتجميع الفرقاء حول الإصلاحات. داعياً رئاسة الجمهورية إلى إعداد المضامين والآليات مع مختلف مكونات الحوار حتى يحقق أهدافه.
مشروع مجتمعي شامل
في الأثناء، يعتبر أستاذ علم الاجتماع، عبد الستار السحباني، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن تونس تحتاج إلى "مشروع مجتمعي شامل". داعياً إلى تشخيص حاجات الشباب التونسي من خلال المؤسسات الرسمية، مثل الوزارات والمؤسسات التابعة لها، وأيضاً المنظمات والجمعيات. ومشدداً على أن احتياجات الشباب تختلف من المناطق الريفية إلى الحضرية إلى الشباب المهمش.
ويضيف السحباني أن الولوج إلى المنصة الإلكترونية التي اقترحها رئيس الجمهورية، "لن تكون في متناول كل الشباب التونسي، بسبب تردي البنية التحتية الاتصالية".
حوار وطني حقيقي
وكان رئيس الجمهورية، قيس سعيد، قد كلف وزارة تكنولوجيات الاتصال بـ"إحداث منصات للتواصل الافتراضي في كل الجهات، في أقرب الآجال، لتمكين الشباب خصوصاً وكل فئات الشعب التونسي عموماً، من المشاركة في حوار وطني حقيقي عبر عرض مقترحاتهم وتصوراتهم في كل المجالات".
وقال سعيد، "هذا الحوار سيكون نوعاً جديداً من الاستفتاء، لكنه لن يكون استفتاءً بالمعنى التقليدي، حيث سيجري الاستماع إلى مقترحات الشعب التونسي في كل المجالات". مؤكداً ضرورة إشراك كل التونسيين في الداخل والخارج في هذا الحوار الوطني والاستماع إليهم والإنصات إلى مطالبهم.
ومن جهته، أكد فؤاد العوني، المدير العام للمرصد الوطني للشباب (مؤسسة عمومية)، في تصريح خاص، أن المرصد دائم الإصغاء إلى الشباب، ويرصد مشاغله وتطلعاته، ويعمل على تنمية الاتصال والحوار معه. لافتاً إلى أن المرصد منخرط كلياً في هذا الحوار، وهو بصدد دراسة سبل إنجاحه حالما تتضح كل المعطيات المتعلقة بآليات إجرائه وموعده. وأعرب العوني عن أمله في نجاح المبادرة لما للإصغاء لمشاغل الشباب التونسي من أهمية في رسم ملامح تونس المستقبل.
يذكر أن الاتحاد العام التونسي للشغل، تقدم في ديسمبر (كانون الأول) عام 2020، بمبادرة لإجراء حوار وطني، إلا أن المبادرة لم تلق ترحيباً من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد.