يتزايد التقلب في السندات الأميركية في تناقض صارخ مع الاتجاه الهادئ نسبياً للأسهم، مما دفع بعض المحللين إلى التحذير من الخطر المتمثل في أن تؤدي البنوك المركزية إلى موجة من التقلبات في سوق الأسهم في "وول ستريت".
واهتزت أسواق الدخل الثابت بسبب المخاوف من أن التضخم المتزايد سيجبر صانعي السياسة النقدية على تقليص برامج التحفيز، لكن الأسهم تجاهلت هذه المخاوف إلى حد كبير، مع ارتفاع مقاييس الأسهم الرئيسة في "وول ستريت" إلى سلسلة من القمم القياسية الجديدة الأسبوع الماضي.
واتسعت الفجوة بين مقاييس تقلبات المشتقات الضمنية على المدى القريب لمعيار "إس آند بي 500" وسندات الخزانة الأميركية بأسرع معدل لها منذ عقد، وفقاً لـ "بنك أوف أميركا". ويُحذر بعض المحللين من أن التباين يعكس رضا المستثمرين عن الأخطار التي تشكلها البنوك المركزية الأكثر تشدداً.
وقال المحلل في "بنك أوف أميركا" ريدي براساد لـ "فايننشال تايمز"، "يجب ألا تُفوت الأسهم وتقلباتها، لأنها لم تكن أكثر اعتماداً على الاحتياطي الفيدرالي ولم يكن الاحتياطي الفيدرالي أكثر اعتماداً على البيانات الاقتصادية التي لم تكن في حد ذاتها أكثر تقلباً من قبل".
البنوك المركزية وتشديد السياسات النقدية
كان الانقسام في مؤشر "فيكس" (Vix) لتقلب الأسهم (هو اختصار لكلمة فوتيليتي إندكس أي مؤشر التقلب أو كما يصفه بعضهم بمؤشر الخوف، وهو يقيس توقعات الأسواق بشأن تقلبات أسعار الأصول عن الـ 30 يوماً المقبلة). وبشكل أكثر تحديداً، يتعقب مؤشر "فيكس" التقلبات الضمنية لاستحقاق خيارات مؤشر "إس آند بي"، ومقياس تتبع الدخل الثابت مدفوعاً بالأداء المتباين لفئتي الأصول خلال الشهر الماضي. وقد ارتفعت أرباح الشركات الأميركية القوية الأسهم بنسبة سبعة في المئة تقريباً في أكتوبر (تشرين الأول) في أفضل شهر لها هذا العام، مما دفع مؤشر التقلب "فيكس" إلى أدنى مستوى له بعد أزمة فيروس كورونا عند 15 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مع ذلك، تراجعت السندات الحكومية بفعل إشارات تدل على أن التضخم المتسارع سيجبر البنوك المركزية على تشديد السياسة النقدية في وقت أقرب مما توقعته "وول ستريت" في السابق.
وقال براساد إن تقلبات التضخم نفسها ظلت عند مستويات عالية شوهدت للمرة الأخيرة في السبعينيات، وجادل بأن المسؤولين في مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي "لم يكونوا غير متأكدين من آفاقهم الخاصة" بشأن السياسة النقدية. وأشار براساد إلى أن هذه كانت "خلفية محفوفة بالأخطار لسوق أسهم واثق من نفسه".
سوق ديون الشركات معرضة لانتكاسة
وأشار الخبير الاستراتيجي في "بنك غولدمان ساكس" كريستيان مولر غليسمان إلى اتساع الانقسام، وحذر العملاء الأسبوع الماضي من أن "الأخطار، أي الجمع بين الأسهم وبيع السندات، باقية مع تباطؤ النمو، وعلاوة على ذلك سيظل التضخم ثابتاً".
ويمكن أن تُفسر الأسباب الفنية كيف يمكن أن تظل الأسهم ضعيفة نسبياً، على الرغم من أسواق الدخل الثابت المضطربة، مثل تفكيك مراكز صناديق التحوط ذات الرافعة المالية، وهو ما يقول بعض المحللين والمستثمرين إنه حدث في الأيام الماضية، وهو ما قاله أيضاً بيتر تشي من أكاديمية الأوراق المالية.
مع ذلك، فقد أعرب عن مخاوفه من أن سوق الأوراق المالية كانت غافلة من طريق الخطأ عن التقلبات التي ضربت أسواق السندات، وسلط الضوء على الشرائح الأكثر خطورة في سوق ديون الشركات باعتبارها معرضة لانتكاسة.
وقال تشي "لا يمكنني التخلص من الفكرة القائلة إن تلاقي الأحداث يؤدي إلى يوم قبيح أو يومين من تجنب المخاطرة الجاد، الذي سيضر بالأسهم وحتى بالائتمان، على الرغم من أن العائد المرتفع والقروض ذات الرافعة المالية (أي اقتراض أو استخدام أدوات مالية ينتج منه تضخيم أثر الأرباح أو الخسائر على المستثمر) ستتحمل العبء الأكبر لهذه الخطوة".
ويتفق مدير المحافظ لدى "جي بي مورغان" لإدارة الأصول جاك كافري، مع القول إن لدى أسواق الدخل الثابت "أخطاراً أدق" من الأسهم، وأن التقلبات الأخيرة يمكن أن تنذر باضطراب أوسع نطاقاً، لكنه أشار إلى أن الأسهم لا تزال تتمتع بخلفية داعمة.
وأضاف كافري، "تشير معظم الشركات إلى بيئات طلب قوية للغاية، ولا يزال المستقبل مشرقاً، ولكن هناك تحديات قائمة يُنظر إليها على أنها أقصر أجلاً، فالشركات الآن تحقق ربحية، والعوائد النقدية المتزايدة تجعل من السهل النظر إلى ارتفاع الأسعار".