يبدو أن أرض الحضارات القديمة حيث "العلا" شمال السعودية، باتت أيضاً موطناً وأرضاً منتجة لنبتة المورينغا النفيسة التي تعرف بـ "نبات المعجزة"، وذلك بعد أن احتلت محاصيله هذا العام المرتبة الثالثة بعد محاصيل التمر والموالح.
وتفيد المورينغا التي تستخدم في مستحضرات التجميل وصناعة الأدوية وإنتاج الصابون، مزارعيها ونطاقاً متزايداً من المستهلكين، مما يجعلها مشروعاً مربحاً لكثيرين.
وتعتبر النبتة المعجزة قادرة على الوقاية وعلاج كثير من الأمراض، وهي عادة ما تزرع في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية مثل جبال الهيمالايا في الهند وباكستان وبنغلاديش وأفغانستان.
لكن البلدة التي أضحت قبلة للأنظار والسياح منذ عهد قريب، أنشأت مركزاً لدعم القطاع الزراعي منذ 2019 للتوعية بأهمية هذا المحصول وكيفية التعامل معه، تحت مظلة الهيئة الملكية لمحافظة العلا التي تشرف على أنشطة البلدة الضاربة معالمها في القدم.
ويقول المزارع وليد الطويلعي بلهجته المحلية، "بدعم من مركز بيرجرينا علمونا طريقة الزراعة الصحيحة. في السابق كنا نزرعها عشوائي نزرعها على حدود المزرعة كي تحمي المزرعة من الغبار والأتربة والأشياء، هذي كنا نزرع معاها الهندي فأعطونا معلومة أن نقلص الهندي على أساس ما يكون في تهجين ما بين العربي والهندي".
"البان العربي" يدهش
ويجمع المركز البذور من المزارعين ويعصرها لهم، ثم يشحن زيت المورينغا للمنتجين، ولكل مزرعة رمز خاص بها لتعقب البذور واختبار جودتها.
وتقول رغد البوشي وهي مساعدة مختبر والمسؤولة عن قسم الإنتاج، "نحن اليوم في مرحلة الإنتاج وتعتبر المرحلة الثانية بعد عملية فرز البذور، هذه الآلة متخصصة في عصر بذور البان العربي، حيث تنتج لنا الزيت في هذا الصحن، ويتجمع في خزان التصفية وبقايا البذور والقشور وتحفظ بطريقة متخصصة لاستخدامها في منتجات أخرى بإذن الله".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت آلاء الحازمي مساعدة مختبر والمسؤولة عن قسم الجودة، "عملنا هنا في مركز البيرجرينا تحديداً في مختبر الجودة نتأكد من جودة الزيت. نجري عليه الاختبارات الحسية واختبارات التحليلية ونتأكد من رائحة الزيت واللون، ثم نبدأ الاختبارات التحليلية لنتأكد من جودة الزيت من الناحية إذا كان ملوثاً أو مؤكسداً، ونصدر لكل دفعة زيت شهادة تؤكد جودته".
ويقول مشعل الصباح، المشرف على تدريب المزارعين في مركز العلا، "أشجار البان العربي تستخدم منتجاته في الزيوت العطرية والعطور، وتستخدم في مستحضرات التجميل، فنشجع المزارعين على زراعتها. وتعتبر ثالث أكبر إنتاج في محافظة العلا من بعد التمور والحمضيات بعد خدمات نقدمها للمزارعين في ممارسة الزراعة الصحيحة، ونقدم أيضاً في مركز بيرجرينا خطوات لطريقه فرز البذور وإنتاج الزيت في المركز، وعدة اختبارات بحسب معايير الجودة العالمية".
وقالت أمجاد الحسيني، مساعدة مختبر والمسؤولة عن قسم الفرز والتخزين، "دوري هنا في المركز تسلم البذور من قبل المزارعين والتأكد منها من طريق اختبارات معينة للتأكد من جودتها وسلامتها، ومن ثم حفظها ونقلها إلى غرفة الإنتاج".
سر النبات المعجز
وفي البلدة القديمة بالعلا التي يزورها السياح والسكان المحليون على حد سواء، قالت أم سعود الشثري الزبونة التي تجوب شوارع المدينة، "كنا نستورد المورينغا... وأنا سعيدة جداً بهذه المنتجات وهذه الجودة".
ويستخدم المورينغا عادة في الطب الشعبي الهندي، وهو وفقا للتقاليد الشعبية قادر على منع وعلاج العديد من الأمراض، إضافة إلى قدرته على النمو بسرعة في ظروف غير مواتية، في فترات الجفاف وفي التربة الفقيرة.
كما يستخدم النبات الذي يدير نشاطه السكان المحليون في كل من الأغذية ومستحضرات التجميل بفضل مكوناته الغذائية والعديد من الخصائص المفيدة، من أبرزها الأوراق التي تعتبر الجزء الأكثر فائدة في النبات، لغناها بالبروتينات والفيتامينات والمعادن، بما في ذلك الفيتامينات A و B1 و B2 و B3 و C والكالسيوم والبوتاسيوم والحديد والزنك والفوسفور والمغنيسيوم.
ويعتمد سكان العلا بشكل كبير على الزراعة لخصوبة أرض المنطقة ووفرة مياهها، وقد كانت تجري في العلا عيون عدة بلغت 40 عيناً، وتشتهر من بين سائر مدن البلاد بزراعة الخضراوات والحبوب بأنواعها والفواكه، كما اشتهرت بزراعة الحمضيات والنخيل، علاوة على شهرتها بآثارها التاريخية والنقوش الأثرية التي تعود لأكثر من 400 عام.