قال مسؤولون أمنيون عراقيون ومصادر مقربة من الجماعات المسلحة إن هجوماً بطائرات مسيّرة على مقر إقامة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في بغداد، الأحد، السابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، نفذته جماعة مسلحة واحدة على الأقل من التي تدعمها إيران وذلك بعد أسابيع من هزيمة جماعات موالية لها في الانتخابات التي تعتبر أنها تعرّضت لتزوير.
لكن المصادر ومحللين مستقلين قالوا إن من غير المرجح أن تكون إيران وافقت على الهجوم مع حرص طهران على تجنب تصاعد العنف على حدودها الغربية.
ونجا الكاظمي من دون أن يصاب بأذى من الهجوم الذي نُفّذ بثلاث طائرات مسيّرة محمّلة بالمتفجرات، فيما أصيب عدد من حراسه الشخصيين بجراح.
وفاقم الحادث التوتر في العراق، حيث تشكك فصائل مسلحة قوية مدعومة من إيران في نتيجة الانتخابات العامة التي جرت الشهر الماضي والتي تعرضت فيها لهزيمة ساحقة وقللت بشكل كبير من قوتها في البرلمان.
ويخشى كثرٌ من العراقيين أن يتحوّل التوتر بين الفصائل الشيعية الرئيسة، التي تهيمن على الحكومة ومعظم مؤسسات الدولة وتتباهى أيضاً بأذرعها المسلحة، إلى صراع أهلي واسع إذا وقع مزيد من هذه الحوادث.
وكانت شوارع بغداد أهدأ من المعتاد اليوم الاثنين، حيث أُقيمت نقاط تفتيش أمنية إضافية بهدف كبح التوتر.
رسالة من الفصائل
وقال مسؤولون عراقيون ومحللون إن الهجوم كان رسالة من الفصائل بأنها على استعداد للجوء إلى العنف إذا استُبعدت من تشكيل الحكومة أو إذا تم تحدي هيمنتها على أجزاء واسعة من أجهزة الدولة.
وقال حمدي مالك، المتخصص في شؤون الفصائل الشيعية العراقية في معهد واشنطن، "كان (الهجوم) رسالة واضحة مفادها بأنه يمكننا إثارة الفوضى في العراق، لدينا الأسلحة ولدينا الوسائل".
ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم. ولم تعلق فصائل مسلحة مدعومة من إيران على الفور، كما لم ترد طهران على طلبات للتعقيب.
وقال مسؤولان إقليميان اشترطا عدم كشف هويتهما إن طهران كانت على علم بالهجوم قبل وقوعه، لكن السلطات الإيرانية لم تأمر بشنّه.
وأفادت مصادر في جماعة مسلحة بأن قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني سافر إلى العراق أمس الأحد بعد الهجوم للاجتماع مع زعماء الفصائل المسلحة وحثهم على تجنب أي تصعيد آخر للعنف.
وقال مصدران أمنيان عراقيان لوكالة "رويترز"، اليوم الاثنين، شريطة عدم كشف هويتهما إن جماعتي "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" نفذتا الهجوم معاً.
وذكر مصدر في جماعة مسلحة أن "كتائب حزب الله" ضالعة وأنه لا يستطيع تأكيد دور "العصائب".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولم يعلّق أي من الجماعتين بعد.
توترات بين الشيعة
الفائز الرئيس في الانتخابات، رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، خصم للجماعات المدعومة من إيران، ويعارض أي تدخل خارجي بما في ذلك التدخل الأميركي والإيراني.
وأوضح مالك أن الضربة الجوية تشير إلى أن الفصائل المدعومة من إيران تضع نفسها في مواجهة الصدر، الذي يتبعه أيضاً فصيل مسلح، وهو سيناريو من شأنه أن يضر بنفوذ طهران، بالتالي من المرجح أن تعارضه.
وقال "لا أعتقد أن إيران تريد حرباً أهلية بين الشيعة. ذلك سيضعف وضعها في العراق ويسمح لفصائل أخرى بأن تصبح أقوى".
ويراقب عدد من الجماعات المتحالفة مع إيران صعود الصدر السياسي بقلق، خوفاً من إبرامه اتفاقاً مع الكاظمي وحلفائه الشيعة المعتدلين، وحتى الأقلية السُنية والأكراد، وهو ما من شأنه أن يبعدها عن السلطة.
وتنظر الجماعات المدعومة من إيران إلى الكاظمي باعتباره رجل الصدر، كما تعدّه صديقاً للولايات المتحدة، الخصم اللدود لطهران.
وتشكك الفصائل المدعومة من إيران في انتخابات 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من دون أن تقدّم أي دليل. ونظّم أنصارها احتجاجات على مدى أسابيع قرب المباني الحكومية.
صناعة إيرانية
قال أحد المسؤولين الأمنيين العراقيين إن الطائرات المسيّرة التي استُخدمت في الهجوم كانت من ذوات الأربع مراوح، وإن كل واحدة كانت تحمل مقذوفاً يحتوي على مواد شديدة الانفجار، قادرة على تدمير المباني والمركبات المدرعة.
وأضاف أن هذه الطائرات من نوع الطائرات المسيّرة إيرانية الصنع والمتفجرات نفسها استُخدمت هذا العام في هجمات على القوات الأميركية في العراق، التي حمّلت واشنطن مسؤوليتها لمسلحين مدعومين من إيران، بينهم "كتائب حزب الله".
واستهدفت الولايات المتحدة الشهر الماضي برنامج الطائرات المسيّرة الإيراني بعقوبات جديدة، قائلة إن الحرس الثوري نشر طائرات مسيّرة ضد القوات الأميركية وحلفاء واشنطن الإقليميين والملاحة الدولية.
مجلس الأمن يدين محاولة اغتيال الكاظمي
دان مجلس الأمن الدولي بشدة الإثنين محاولة اغتيال الكاظمي وطالب بمحاسبة مرتكبيها.
وفي بيان صحافي، دان أعضاء مجلس الأمن الـ15 "بأشد العبارات" الهجوم بطائرة مسيرة مفخخة الذي استهدف منزل الكاظمي نهاية الأسبوع، كما "شددوا على ضرورة محاسبة مرتكبي هذه الأعمال الإرهابية الشنيعة ومنظميها ومموليها ورعاتها وتقديمهم إلى العدالة".
كما "حضوا كل الدول" على "التعاون مع الحكومة العراقية" في هذا الصدد.
وأكد مجلس الأمن مجدداً دعمه "لاستقلال العراق وسيادته ووحدته وسلامة أراضيه والعملية الديمقراطية فيه وازدهاره".