مع استمرار الأزمة السياسية التي أنتجتها الانتخابات العراقية التي جرت في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تبدو الأوضاع في البلاد معلقة على الرغم من مبادرات بعض القادة والزعماء السياسيين التي طرحت خلال الأيام القليلة الماضية للخروج من الانسداد الذي سببته نتائج الانتخابات المبكرة.
وتحافظ القوى السياسية للمكونين السني والكردي على موقفها بعدم التحالف مع طرف شيعي على حساب آخر، وإصرارها على حسم الخلافات بين الأطراف الشيعية للتوصل إلى تسمية الرئاسات الثلاث وتشكيل الحكومة الجديدة.
اشتراط القوى السياسية السنية والكردية
وكشف الإطار التنسيقي عن اشتراط القوى السياسية السنية والكردية على التيار الصدري تحقيق توافق بين ثلثي المكون الشيعي للتحالف معه من أجل تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وفق ما أعلن القيادي في تحالف "قوى الدولة"، محمد اللكاش، في تصريح صحافي.
وأضاف أن "توافق ثلث المكون الشيعي مع التيار الصدري صعب التحقق من دون الإطار التنسيقي الذي يضم نحو 100 نائب"، مشيراً إلى أن "التيار الصدري يحتاج إلى التحالف مع الإطار التنسيقي، ومن ثم التحرك تجاه المكونات الأخرى ليضمن تشكيل الحكومة".
وحصل التيار الصدري على أعلى عدد من المقاعد في البرلمان بواقع 74 مقعداً، في حين حل تحالف "تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي في المركز الثاني، بعد أن حصد 37 مقعداً، كذلك حل "ائتلاف دولة القانون" برئاسة نوري المالكي في المرتبة الثالثة بحصوله على 34 مقعداً، فيما حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على 33 مقعداً، وحصد تحالف "الفتح" 17 مقعداً.
وعلى الرغم من رفض الإطار التنسيقي نتائج الانتخابات، فإن المباحثات السياسية مستمرة بهدف الوصول إلى توافق سياسي يرضي جميع الأطراف.
مطالب الأكراد الدستورية
وأكد عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، آرام جباري، أن حزبه سيتحالف مع من يكون الأقرب لتنفيذ مطالب الكرد الدستورية.
وقال جباري، في تصريح صحافي، إنه "حتى الآن لم نُعطِ رأينا في التحالف مع جهة معينة، فالأولوية عندنا هي توحيد البيت الكردي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف أنه "بعد النقاش والتباحث مع القوى الكردية وتوحيد الجهود سنتحالف مع من يلتزم بالدستور، لا سيما ما يتعلق بالمادة 140، وتطبيع الأوضاع في مدينة كركوك".
بدوره، رجح السياسي الكردي صبحي المندلاوي، الوصول إلى تفاهمات بين القوى السياسية الشيعية في اللحظات أو الساعات الأخيرة من المواعيد الدستورية.
وقال المندلاوي، في تصريح صحافي، إن "القوى السياسية الشيعية مطالبة بالوصول إلى نقاط تفاهم وتوافق للخروج من الأزمة الحالية على اعتبار أن هذا التوافق مرتبط بأمن العراق ككل"، مبيناً أنه "في حال الإصرار على المواقف قد نصل إلى الاقتتال الداخلي".
وذكر أن "الكتلة الصدرية والإطار التنسيقي يكملان بعضهما، بالتالي لا يمكن لأي طرف منهما تشكيل الحكومة بمعزل عن الآخر".
تحذير من اقتتال داخلي
حذرت ندى شاكر، عضو مجلس النواب السابق، من حدوث اقتتال داخلي في العراق، بسبب ما أفرزته نتائج الانتخابات البرلمانية.
وقالت شاكر في تصريحات صحافية، إن "العملية الانتخابية لم تضع البلاد على الطريق الصحيح، لكن لا ينبغي أن يأخذنا ما حصل إلى التناحر والاقتتال الداخلي وتخريب البلاد بذريعة الخروقات والتزوير الذي شهدته".
وأضافت أن "الشعب العراقي لا يزال يعاني تداعيات الحروب التي مرت بها البلاد في العقدين الماضيين، فضلاً عن ارتفاع نسبة الفقر وقلة فرص العمل".
ودعت شاكر "الكتل السياسية والحكومة إلى أن تضع مصلحة الشعب في قائمة أولوياتها".
ونوهت بأن "الانتخابات شهدت أكبر عملية تزوير وتحريف للنتائج، وهذا ما أكدته جميع الكتل السياسية وبالأدلة الدامغة".
مبادرة لحل الأزمة
احتضن القصر الرئاسي في بغداد، الخميس الماضي، اجتماعاً بين رئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، دعا في ختامه الرؤساء الثلاثة إلى ضرورة حماية المسار الديمقراطي والالتزام بالسياقات القانونية والدستورية وحسم الشكاوى والطعون الانتخابية وفق القانون.
وقالت رئاسة الجمهورية، في بيان لها، إن "المجتمعين تداولوا مبادرة تُعرض على القوى الوطنية بناءً على وثيقة تتضمن مبادئ أساسية لحل الأزمة الراهنة والانطلاق نحو الاستحقاقات الوطنية التي تنتظر البلاد، بتشكيل حكومة فاعلة تحمي المصالح العليا وتستجيب للتحديات والاستحقاقات الوطنية، وتُلبي الحياة الحرة الكريمة للمواطنين وتُعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية".