تعتمد شريحة لا يُستهان بها من المصريين على الادخار في البنوك طمعاً في أسعار ومعدلات الفائدة المرتفعة، بعد قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي (التعويم) في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، التي وصلت إلى معدلات تاريخية عندما اقتربت من مستوى 18.75 في المئة على الإيداع، و19.75 في المئة على الإقراض في 2017، قبل أن يُقلصها البنك المركزي المصري على مدار 4 سنوات بنحو 10.5 في المئة، لتهبط إلى مستوى 8.25 في المئة و9.25 في المئة على الإيداع والإقراض على الترتيب حتى آخر اجتماع للبنك المركزي المصري في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ودفعت أسعار الفائدة المتراجعة بالتزامن مع تفشي جائحة كورونا، المصريين للبحث عن وسائل أخرى لتنمية مدخراتهم بشكل سريع وأكثر أماناً، وكانت أبرز تلك الوسائل هي الادخار في الذهب أو العقارات باعتبارهما أكثر الملاذات الآمنة للاستثمار. واستطلعت "اندبندنت عربية" آراء المتخصصين في قطاعي الذهب والعقارات حول أفضلهما لحفظ مدخرات المصريين.
أسعار العقارات مرشحة للزيادة بنحو 15 في المئة
وقال المتخصص في التطوير العقاري، فتح الله فوزي، إن أسعار العقارات في مصر مرشحة للزيادة بقوة خلال الفترة المقبلة، متوقعاً ألا تقل نسبة الزيادة عن 15 في المئة للمتر المربع الواحد في الربع الأول من عام 2022، مرجعاً توقعاته إلى زيادة أسعار مواد البناء خلال الفترة الحالية، بعد ارتفاع تعريفة الغاز الطبيعي بالنسبة إلى الأنشطة الصناعية، مشيراً إلى أنها تُشكل نحو 40 في المئة تكلفة الاستثمار العقاري.
مصر تواجه عجزاً في توفير الوحدات السكنية
وأشار فوزي إلى أن مصر لديها عجز في الوحدات السكنية يُقدر بـ 200 ألف وحدة سكنية سنوياً، لافتاً إلى أن "هذا الرقم حصيلة ما تنتجه الدولة، إضافة إلى ما ينتجه القطاع الخاص"، مؤكداً أن حجم الطلب على الوحدات يصل إلى 500 ألف وحدة سكنية سنوياً، بينما إجمالي ما يتم إنتاجه لا يزيد على 300 ألف وحدة سكنية. وقال إن مصر تشهد مليون حالة زواج كل عام تقريباً.
50 ألف وحدة سكنية لصالح الإسكان الفاخر
وأوضح المتحدث ذاته أن الدولة توفر الوحدات السكنية بالنسبة لمحدودي ومتوسطي الدخل، بينما يوفر المطورون العقاريون وحدات الإسكان الفاخر والمتميز لأصحاب الدخول المرتفعة التي يزيد عددها على 50 ألف وحدة سكنية، وطالب بتدخل الدولة لتحرير سعر الوحدة السكنية للإسكان الفاخر من 2.25 مليون جنيه (128 ألف دولار) إلى 3 ملايين جنيه (191 ألف دولار) بسعر فائدة لا يزيد على 8 في المئة، بهدف دفع الركود في قطاع العقارات في مصر خلال الفترة الحالية على الرغم من العجز السنوي، مؤكداً أن الركود يضرب وحدات الإسكان المتميز والفاخر، وليس ما تنتجه الدولة لمحدودي ومتوسطي الدخل.
تحقيق أرباح من العقارات على المدى البعيد
من جانبه، أشار نائب رئيس شعبة الاستثمار العقاري، في اتحاد الغرف التجارية علاء فكري، إلى أن أسعار العقارات في مصر سترتفع العام المقبل بنسبة لا تقل عن الـ 10 في المئة، مضيفاً أن تحقيق أرباح في الاستثمار أو الادخار في العقارات يحتاج إلى دراسة ورؤية شاملة مستقبلية، موضحاً أن المُدخر أو المستثمر الذي يرغب في شراء وحدة أو عقار بغرض البيع السريع بمجرد ارتفاع الأسعار، لن يحقق الأرباح التي يحلم بها.
وأكد أن الاستثمار الجيد في العقارات يتطلب الاحتفاظ بالوحدة أو العقار لمدة 5 سنوات على الأقل، وأن الخبرات والدراسات والتجارب السابقة أثبتت أن مثل هذا النوع من الاستثمار يُحقق أكثر من 100 في المئة ربحاً، مستدركاً، لا يحدث ذلك إلا على المدى البعيد بنظرة مستقبلية، ناصحاً من يسعى للاستثمار أو الادخار في العقارات بالتأني والتريث عند الشراء، باختيار الموقع المناسب والمكان الجغرافي الجيد والمطور العقاري الجيد أو شركة التطوير العقاري ذات السمعة الجيدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أسعار الفائدة في البنوك تنخفض بنسبة 10.5 في المئة منذ 2017
وتقلصت أسعار الفائدة في البنوك المصرية بنحو 10.5 في المئة منذ نوفمبر 2017، إذ سجلت معدلات الفائدة آنذاك 18.75 في المئة على الإيداع و19.75 في المئة على الإقراض، قبل أن يُقلص البنك المركزي المصري تلك المستويات تدريجاً لتهبط إلى 8.25 و9.25 في المئة على الإيداع والإقراض على التوالي حتى آخر اجتماعات لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري في نهاية أكتوبر الماضي.
معدل الاستثمار في الذهب يصل إلى 20 في المئة
أما عن الاستثمار في قطاع الذهب، فقال رئيس شعبة الذهب في الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، وصفي واصف، إن الاستثمار في الذهب سيظل دائماً وأبداً هو الملاذ الآمن للمستثمرين والمدخرين على مر الزمان، مضيفاً أن معدل العائد على الاستثمار في الذهب وصل إلى أكثر من 20 في المئة على مدار 5 سنوات الماضية. في المقابل تراجعت أسعار الفائدة في البنوك المصرية إلى نحو 8.25 في المئة.
ولفت إلى أن العام الماضي وصل سعر غرام الذهب عيار 21 (الأكثر جاذبية للمصريين) إلى نحو 870 جنيهاً (حوالى 55.50 دولار أميركي) قبل أن يرتد إلى 840 جنيهاً (53.50 دولار) في نهاية العام، مشيراً إلى أن السنوات الماضية أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن معدل العائد على الاستثمار والادخار في المعدن النفيس فاق الاستثمار في قطاعات أخرى مثل العقارات، قائلاً، سعر أوقية الذهب (تعادل 35 غراماً من العيار 21) صعد للمرة الأولى في تاريخه إلى 1950 دولاراً أميركياً في أزمة تفشي كورونا في مارس (آذار) 2020، متوقعاً أن يكسر سعر الأوقية حاجز الألفي دولار.
استثمار الفوائض المالية فحسب
ونصح "واصف" المدخرين في مصر بالاستثمار في الذهب في الفوائض المالية لديهم فحسب، بعيداً عن المخاطرة بالأموال الأساسية التي تساعدهم على تحمل أعباء ونفقات الحياة، موضحاً أن الاستثمار في المعدن الأصفر يحتاج إلى مستثمر أو مُدخر صاحب نفس طويل، بينما لا يمنح المعدن الثمين أي أرباح للمستثمر أو المدخر الذي قد يلجأ إلى البيع في أي وقت لسداد نفقات حياتية.
الوقت مناسب... بشروط
من جانبه، قال رفيق عباسي رئيس غرفة صناعة الذهب في اتحاد الصناعات، إن الوقت الحالي مناسب جداً لضخ استثمارات في الذهب أو تحويل المدخرات النقدية إلى ذهب، مؤكداً أن القيمة الشرائية للنقود تنخفض بصفة مستمرة مع ارتفاع معدلات التضخم، في المقابل الذهب سلعة قابلة للبيع في أي وقت أو مكان في العالم وتحتفظ بقيمة النقود فيها.
ونصح عباسي المدخرين بعدم شراء الذهب الكسر (المستعمل والمرتجع) لعدم توافر الجودة المطلوبة، مفضلاً شراء السبائك الذهبية عيار 24 أو شراء الجنيهات الذهبية عيار 21، لافتاً إلى أن تلك النوعيات من الذهب يتم اختبارها في مصلحة الدمغ والموازين التابعة للدولة، قائلاً، مضمونة بنسبة 100 في المئة، بخلاف الذهب المستعمل أو المرتجع الذي قد يشوبه الغش التجاري.
22 طناً ذهب في 9 أشهر
في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، كثف المصريون من عمليات شراء الذهب بنسبة تخطت الـ 50 في المئة، مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2020، مع تراجع أسعار الفائدة في البنوك بعد خفضها من قبل البنك المركزي المصري لأكثر من 400 نقطة أساس على مدار عام 2020.
ووفقاً لتقرير صادر عن المجلس العالمي للذهب في نهاية شهر أكتوبر الماضي، أنفق المصريون أكثر من 1.2 مليار دولار لاقتناء المعدن النفيس في الفترة من يناير (كانون الثاني) الماضي وحتى سبتمبر (أيلول) 2021، بزيادة فاقت الـ50 في المئة على الفترة نفسها من عام 2020، إذ دفع المصريون نحو 13 مليار جنيه (842 مليون دولار) لشراء المعدن الأصفر، وبلغ حجم مشترياتهم خلال العام 22.9 طن، مقابل 15.2 طن خلال الفترة نفسها من 2020".
وأكد التقرير أن شهية المصريين زادت لاقتناء الذهب خلال الربع الثالث من العام الحالي بنسبة بلغت 30 في المئة مقارنة مع نفس فترة المقارنة من عام 2020، إذ أنفق المصريون في الفترة من يناير حتى مارس 2021 نحو 7.2 مليار جنيه (464 مليون دولار) مقارنة مع 5.5 مليار جنيه (356 مليون دولار) خلال الربع الثالث من عام 2020، وبلغت كمية المشتريات من الذهب نحو 8.1 طن خلال الفترة من يناير حتى نهاية مارس خلال 2021، مقابل 5.8 طن في الفترة نفسها من 2020".