في الوقت الذي تستعد فيه إيران والقوى الدولية لاستئناف المفاوضات الأسبوع المقبل، بشأن إحياء الاتفاق النووي، تستمر مؤشرات أفول فرص إعادة إحياء الاتفاق، بالتالي الصورة أكثر تشاؤماً وليس تفاؤلاً على غرار الوضع حين انتخب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة.
وتتعدد مؤشرات تلاشي فرص إعادة الاتفاق النووي لعام 2015، وبروز البحث عن خيارات وبدائل للتعامل مع الوضع الجديد في حال فشلت مفاوضات فيينا.
التشاؤم حيال إعادة الاتفاق النووي
بعد تحديد موعد الجولة السابعة لمباحثات فيينا، فإن الأجواء أكثر تشاؤمية، فالتفاؤل الذي صرّح به كل من الإيرانيين والأميركيين والأوروبيين بشأن إحياء الاتفاق بعد فوز جو بادين قد ولى بالتزامن مع تلاشي طموحات الرئيس الأميركي تجاه الملف الإيراني، والذي بدأ باتفاق أوسع وأشمل مروراً بالاقتصار على الملف النووي وانتهاءً بمقترح اتفاق مؤقت، أعلن الإيرانيون رفضه بشكل أساسي.
وقد بدا ذلك فى تصريحات روبرت مالي، المبعوث الأميركي بشأن إيران، حيث صرح أنه إذا استمرت إيران في مسلكها يجب أن تكون الولايات المتحدة والحلفاء الآخرون مستعدين لأي خيار تتخذه طهران.
من جهة أخرى، إذا كانت الولايات المتحدة تستهدف إبرام اتفاق مؤقت فهذا لن يحل المشكلة وهو ما تمت الإشارة له فى تحليل سابق لنا، فقد تخفف الولايات المتحدة عدداً محدوداً من العقوبات، وهو ما لن يحل المسألة الإيرانية، بل على العكس قد يُكسب إيران المزيد من الوقت للمفاوضات.
في مقابل الصورة القاتمة المسيطرة على المجتمع الدولي تجاه احتمالات إعادة الاتفاق النووي أو فشلها، تعمل طهران على تعزيز وضعها النووي، حيث يواصل الإيرانيون منع المفتشين من دخول المواقع الرئيسية، على الرغم من سلسلة من الاتفاقات مع رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد جاء تقرير الوكالة بأن مخزون إيران، اعتباراً من 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، كان يتجاوز مرات عدة الحد المنصوص عليه في الاتفاقية مع القوى الدولية بموجب الاتفاق النووي، حيث أعاد الإيرانيون تشغيل المنشآت وسارعوا بتخصيب اليورانيوم بوتيرة أسرع بكثير، ومنذ فبراير (شباط) الماضي، لم تتمكن الوكالة الدولية من الوصول إلى لقطات المراقبة للمواقع النووية الإيرانية أو أجهزة مراقبة التخصيب والأختام الإلكترونية. وتراهن طهران على أن تكون لها اليد العليا في المناقشات، حيث تعتقد أنها تستطيع الاستفادة من تقدمها النووي للحصول على مزيد من التنازلات من الولايات المتحدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تزامناً مع فشل المجتمع الدولي في التعامل مع الملف النووي الإيراني، تعمل السياسة الإسرائيلية تجاه النووي الإيراني على تعطيل المنشآت والقدرات النووية لطهران، إذ على مدار العام الماضي تعرضت المنشآت النووية لإيران إلى نحو 4 تفجيرات إلى جانب اغتيال العالم النووي المشرف على البرنامج النووي لإيران.
الخيارات المتاحة أمام واشنطن
إضافة إلى المقترح الأميركي الخاص باتفاق مؤقت يوقف استئناف إيران أنشطتها النووية، مقابل رفع بعض العقوبات، ربما على واشنطن البحث عن بدائل أخرى للضغط على إيران، ولذلك قد تلجأ الولايات المتحدة لحليفي إيران، أي روسيا والصين من أجل الضغط عليها، وقد سبق أن تعاونت روسيا مع المجتمع الدولي والتزمت بحظر تصدير الأسلحة لإيران عام 2010 بإيقافها صفقة بيع أسلحة لإيران، كما يمكن إقناع الصين بوقف واردات النفط من إيران، وتشديد العقوبات، بما في ذلك استهداف مبيعات النفط للصين، لكن هذين البديلين يشوبهما بعض التحديات، ومنها هل يمكن أن تكون الصين منفتحة على التفاهم مع الولايات المتحدة بشأن إيران على الرغم من الحرب الباردة الدائرة بين واشنطن وبكين، وإلى أي مدى تكمن مرونة واشنطن التنازل لبكين إزاء بعض الملفات، مقابل الضغط على إيران، ومن جهة روسيا فسيلزمها تحقيق تقدم فى بعض الملفات الثنائية بينها وبين الولايات المتحدة، أو دعم الحل السياسي في سوريا لصالح نظام بشار الأسد.
يمكن كذلك أن يكون شن عمليات سرية لتخريب برنامج إيران النووي، أحد الخيارات المطروحة أمام واشنطن ومعها تل أبيب مثلما حدث منذ عشر سنوات، ومن ثم تصاعد الحروب الإلكترونية بين الأطراف الثلاثة.
وبعيداً من التصعيد العسكري الذى تنتهجه إسرائيل ربما يكون تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعدم تعاون إيران وتكرار انتهاكها لالتزاماتها بالاتفاق أهم الخيارات للضغط عليها، والتي معها قد يتحول الملف النووي لإيران إلى مجلس الأمن لفرض عقوبات أممية مرة أخرى عليها، لكن الفيتو الروسي والصيني سيظلا عائقاً أمام هذا السيناريو.