هوت أسعار النفط بشكل حاد، مواصلة خسائرها للأسبوع الخامس على التوالي، مع تزايد قلق المستثمرين من آثار سلالة جديدة من كورونا، إلى جانب مخاوف من تضخم فائض المعروض العالمي في الربع الأول من العام المقبل، بعد إفراج منسق عن كميات من احتياطيات الخام لدى مستهلكين رئيسيين بقيادة الولايات المتحدة.
وسجلت أسعار الخام أكبر تراجعات على الإطلاق منذ 27 أبريل (نيسان) 2020، عندما كان فيروس كورونا ينتشر بسرعة في الولايات المتحدة. وهبطت أسعار العقود الآجلة لخام "برنت"، تسليم يناير (كانون الثاني) 2022، خلال هذا الأسبوع إلى أدنى مستوى لها منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، متراجعاً 7.8 في المئة، بما يعادل 6.17 دولار، ليغلق دون مستوى 73 دولاراً عند 72.72 دولار للبرميل.
وفقدت أسعار العقود الآجلة لخام "غرب تكساس الوسيط"، تسليم يناير، 7.79 دولار بنسبة 10.3 في المئة عند 68.15 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى لها في شهرين.
أسوأ أداء يومي
وبنهاية تعاملات الجمعة، آخر تداولات الأسبوع، سجل خام "برنت" أكبر تراجع بيوم واحد منذ أبريل من عام الوباء، بنسبة 11.55 في المئة، فيما هوى الخام الأميركي في أكبر خسارة يومية منذ بداية العام الحالي بنحو 13 في المئة.
وجاء الهبوط الحاد لأسعار الخام بالتزامن مع تراجع أسواق الأسهم العالمية في ظل مخاوف اقتصادية من تداعيات ظهور المتحور الجديد لفيروس كورونا، الذي اكتشف لأول مرة في جنوب أفريقيا، وبات يعرف باسم "أوميكرون"، ويعود هذا التأثير إلى مخاوف من أن تؤدي السلالة الجديدة التي قالت بريطانيا إن العلماء يعتبرونها أهم سلالة مكتشفة حتى الآن من فيروس كورونا، إلى فرض قيود على السفر، وتقوض النمو الاقتصادي والطلب على الوقود.
وفرضت بريطانيا ودول أوروبية أخرى قيوداً على السفر من دول جنوب أفريقيا، التي جرى رصد السلالة الجديدة فيها.
وتحركت السلطات حول العالم بقلق بالغ الجمعة، بعد أنباء اكتشاف السلالة الجديدة في جنوب أفريقيا، وكان الاتحاد الأوروبي وبريطانيا من بين المناطق التي شددت إجراءات السفر إليها، بينما سعى الباحثون لمعرفة ما إذا كانت تحورات السلالة الجديدة مقاومة للقاحات.
وحتى وقت قريب، كانت أسعار النفط في ارتفاع مستمر، إذ وصلت إلى أعلى مستوياتها في سبع سنوات الشهر الماضي مع تركيز السوق على الارتفاع السريع في الطلب الذي تزامن مع رفع الإغلاق، وتعافي الاقتصادات في مواجهة زيادة بطيئة في الإمدادات من أعضاء "أوبك+". وصعد خام "برنت" نحو 60 في المئة هذا العام، مدفوعاً بأزمة طاقة أوسع مع تعافي الاقتصادات من جائحة كورونا.
لكن، هذا الصعود انقلب رأساً على عقب، بسبب متحور كورونا الجديد، وذلك بعد مغازلة 85 دولاراً للبرميل في العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وبعدها انخفض النفط الخام الآن 15 في المئة عن أعلى مستوى جرى تسجيله أخيراً.
احتياطي النفط الاستراتيجي
يترقب المستثمرون رد فعل منظمة "أوبك" على إعلان إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الثلاثاء، عن خطط للإفراج عن ملايين البراميل من النفط من الاحتياطيات الاستراتيجية بالتنسيق مع دول أخرى من كبار المستهلكين في محاولة لتهدئة الأسعار.
وقرر بايدن استخدام 50 مليون برميل من مخزون الولايات المتحدة النفطي الاستراتيجي بالتنسيق مع دول أخرى من كبار المستهلكين، مثل الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة في محاولة لتهدئة الأسعار، على الرغم من خطر تعثر الطلب بسبب انتشار حالات الإصابة بكورونا في أوروبا.
واستجابة لذلك، أعلنت الهند أنها ستفرج عن خمسة ملايين برميل من احتياطياتها الاستراتيجية، فيما قال متحدث باسم حكومة المملكة المتحدة، إن بريطانيا ستسمح بسحب 1.5 مليون برميل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي كوريا الجنوبية، أشارت وزارة الصناعة إلى الموافقة على المشاركة في سحب مشترك من الاحتياطيات النفطية استجابة لطلب من الولايات المتحدة، مضيفة أن التفاصيل بشأن حجم وتوقيت السحب من احتياطيات النفط ستتقرر من خلال التشاور مع الدول الأخرى.
وبحسب تقارير صحافية، ستعقد اليابان مزادات على نحو 4.2 مليون برميل من مخزونها الوطني بحلول نهاية العام الحالي، الذي يساوي نحو يوم أو اثنين من الطلب المحلي.
وفي أحدث خطوة في هذا الشأن، أعلنت الصين، الأربعاء، عن استخدام مخزونها النفطي الاحتياطي، بالتعاون مع دول أخرى، لخفض أسعار الخام.
وبينما تقدر الكمية الإجمالية للسحب من الاحتياطيات بين 70 و80 مليون برميل، وهو ما يقل عن حجم الاستهلاك العالمي في يوم واحد، وعما كان يتوقعه مشاركون في السوق، وهو ما دفع بنك غولدمان ساكس إلى وصف ذلك بأنه "قطرة في محيط".
اجتماع "أوبك+"
وتخيم توقعات زيادة المعروض من النفط على آفاق اجتماع "أوبك+"، التحالف التي يضم "أوبك" وعشر دول من خارجها، في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) لاتخاذ قرار بشأن الإنتاج الفوري. وسيقرر التحالف ما إذا كان سيواصل زيادة الإنتاج بواقع 400 ألف برميل يومياً في يناير المقبل.
وقررت منظمة أوبك عقد اجتماع، الأربعاء المقبل الموافق الأول من ديسمبر 2021، فيما سيجتمع تحالف "أوبك+" بدوره في اليوم الذي يليه.
وسيعقد "أوبك+" اجتماعاً للجنة المراقبة الوزارية المشتركة الثلاثاء المقبل الموافق 30 نوفمبر، ويسبقه اجتماع اللجنة الفنية المشتركة في 29 نوفمبر.
وأكد تحالف "أوبك+" مطلع الشهر الحالي الاستمرار في خطط الإنتاج، متمسكاً بخطة الزيادة التدريجية بمقدار 400 ألف برميل يومياً في ديسمبر المقبل.
الملف النووي الإيراني
يأتي ذلك في الوقت الذي من المقرر أن تبدأ المفاوضات النووية بين إيران والقوى الدولية الكبرى، الاثنين المقبل، بهدف التوصل إلى تفاهم يعيد إحياء الاتفاق النووي المبرم، عام 2015، الذي انسحبت منه الولايات المتحدة، منتصف 2018، الذي قد يؤدي إلى رفع العقوبات الأميركية عن صادرات النفط الإيرانية.
وتملك إيران رابع أكبر احتياطيات نفطية في العالم، وتعتمد اعتماداً كبيراً على إيرادات الخام. وقال مسؤولون في وزارة النفط الإيرانية إن طهران تعتزم زيادة الإنتاج إلى 3.8 مليون برميل يومياً من 2.1 مليون برميل يومياً إذا توصل الغرب والحكومة الإيرانية إلى اتفاق.
وسيعيد ذلك إنتاج إيران إلى مستواه قبل فرض العقوبات، لكنه سيستغرق وقتاً، بسبب انخفاض مستوى الاستثمار على مدى سنوات في حقول النفط الناضجة وتقلص الإنتاج بشدة في ظل العقوبات.
زيادة الرسوم
اقترحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة، مجموعة كبيرة من التغييرات على برنامج التأجير الاتحادي للنفط والغاز في البلاد، بما في ذلك زيادة رسوم شركات الحفر وفرض قيود على وصولها إلى مناطق الحياة البرية والمناطق الثقافية الحساسة.
وجاءت التوصيات في أعقاب مراجعة استمرت أشهراً تهدف إلى ضمان استفادة الناس من التنقيب في الأراضي والمياه الاتحادية. لكن في علامة على الجدل الشديد المحيط بهذه القضية، انتقدت جماعات حماية البيئة المقترحات، ووصفتها بأنها ضعيفة للغاية وانتقدتها الصناعة باعتبارها صارمة جداً.
وبموجب البرنامج الاتحادي الأميركي لتأجير النفط والغاز يتعين على وزارة الداخلية إجراء مزادات منتظمة لصناعة الحفر لتعزيز الاكتفاء الذاتي من الطاقة المحلية وجمع الأموال للخزائن العامة.
وانتقدت صناعة النفط والغاز الأميركية المقترحات قائلة إنها ستزيد التكاليف على منتجي الطاقة المحليين في وقت ترتفع فيه أسعار البنزين بالتجزئة بالفعل. وفي الوقت نفسه اعترضت جماعات البيئة المقترحات باعتبارها ضعيفة للغاية.