يقول ناشطون إن مقتل عشرات المهاجرين الذين غرقوا في القنال الإنجليزي وهم يحاولون الوصول إلى المملكة المتحدة يجب أن يجبر الحكومة على تغيير أسلوب مقاربتها "القاسي وعديم الفعالية".
وتأتي ماساة الأربعاء في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) وسط ارتفاع عمليات العبور إلى مستوى قياسي، إذ بلغت سلفاً حوالي 26 ألف عبور حتى الآن في هذا العام، على الرغم من التعهدات المتكررة من قبل وزيرة الداخلية بجعل هذا الطريق " متعذراً"، والتهديدات باعتقال أولئك الذين يصلون عبره وزجهم في السجن.
وقالت بريتي باتيل إنها تريد أن تنقذ الأرواح بواسطة خطط تهدف إلى دفع زوارق المهاجرين المطاطية على العودة لفرنسا، وتجريم وصول طالبي اللجوء إلى المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة.
إلا أن عملية تقويم قامت بها وزارة الداخلية قد حذرت من أن الإجراءات من هذا النوع يمكن أن تشجع على استخدام "وسائل لدخول المملكة المتحدة تنطوي على مجازفة أكبر"، ولفتت إلى أن "الأدلة التي تثبت نجاعة [فعالية] هذا النهج محدودة".
وإذ انخفض العدد الإجمالي لطلبات اللجوء إلى بريطانيا منذ عام 2019، بحسب إحصاءات وزارة الداخلية، فإن استخدام الزوارق الصغيرة ارتفع ارتفاعاً كبيراً بسبب الجهود الرامية إلى إيقاف عبور الشاحنات وتقليل حركة النقل الجوي والعبارات والشحن أثناء جائحة فيروس كورونا.
وترى "الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة" التي تقود التحقيقات حول شبكات التهريب التي تنظم عمليات العبور من فرنسا، إن هذه ستستمر في العمل طالما كان هناك طلب على خدماتها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا تفعل الحكومة سوى القليل لمعالجة هذا الطلب بعد قطع الطرق القانونية الآمنة أمام الراغبين بطلب اللجوء إلى المملكة المتحدة، وكان من هذه السبل مشروع "دابز" الذي اشتمل على نقل الأطفال من طالبي اللجوء من مناطق البر الأوروبي مباشرة إلى بريطانيا.
وبعدما سيطرت "طالبان" على أفغانستان في أغسطس (آب) الماضي رحب الوزراء بوضع برنامج لإعادة توطين 20 ألف لاجئ من تلك المنطقة بشكل مباشر، غير أن العمل به لم يبدأ حتى الآن.
وقال أحد الوزراء لأعضاء البرلمان إن ذلك البرنامج لا يزال في مرحلة "التصميم [ الإعداد]"، الأمر الذي حمل النواب على إثارة المخاوف من أن يكون الأشخاص المؤهلون للاستفادة منه قد قتلوا سلفاً، وإن مزيداً من الأشخاص سيموتون قبل انطلاق عملية إعادة التوطين.
وغالباً ما تدعم الحكومة برامج من هذا النوع إلا أنها لا تفعل شيئاً لطالبي اللجوء الذين وصلوا بالفعل إلى أوروبا بطرقهم الخاصة ومن دون مساعدة أحد.
وتشارك وزارة الداخلية في "جهود اتصالات" غير محددة، في محاولة لإقناع المهاجرين بعدم خوض تجربة الرحلات المتجهة إلى المملكة المتحدة.
وليس من الواضح مدى تأثير حملات من هذا النوع، فقد دفعت الحكومة بين ديسمبر (كانون الأول) وأبريل (نيسان) عام 2020، مبلغاً قدره 23.200 ألف جنيه استرليني (30590 دولار أميركي) لقاء نشر إعلانات موجهة في "فيسبوك" و"إنستغرام" باللغات الإنجليزية والكردية والعربية والفارسية والبشتونية.
وهي تفضي بالمرء إلى موقع زائف يدعي "تزويد المهاجرين وهم في الطريق معلومات مجانية موثوقة ومهمة"، ويحمل شعارات من قبيل "لا تعرض حياتك أنت وحياة طفلك إلى الخطر" و "سنقوم بإعادتكم [على أعقابكم]".
ويصرح الوزراء بشكل متكرر أن على اللاجئين أن يتقدموا بطلب اللجوء في "أول بلد آمن" يصلون إليه، غير أن قلة منهم تفعل ذلك.
واوضحت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن القانون الدولي لا ينص على إلزام اللاجئين بالقيام بذلك، وأن هذا المبدأ سيؤدي إلى إلقاء أعباء كبيرة على كاهل البلدان الواقعة على الخط الأساس لطرق اللاجئين مثل اليونان وإيطاليا.
وينبغي بموجب القانون البريطاني على كل من يسعى إلى طلب اللجوء للمملكة المتحدة، أن يكون موجوداً فعلاً في البلاد، مما يجعل الوصول إلى بريطانيا إلزامياً على الرغم من عدم توفر سبل آمنة للوصول إليها.
وكما يشرح مرصد الهجرة التابع لجامعة أكسفورد "يجب أن يكون الشخص في المملكة المتحدة من أجل طلب اللجوء إليها، فليس من الممكن التقدم بالطلب من خارج البلاد، كما لا توجد تأشيرة دخول خاصة باللجوء".
ويضيف المرصد، "ولذلك فطلب اللجوء إلى المملكة المتحدة يستوجب من الشخص المعني أن يدخل إليها، إما بطرق غير شرعية، مثل قارب صغير أو شاحنة أو بالاستعانة بوثائق مزورة، أو بوسيلة أخرى مثل السياحة أو الدراسة".
ومع وجود آلاف المهاجرين ممن يعتقد أنهم جاؤوا إلى الساحل الفرنسي سلفاً على أمل الوصول إلى المملكة المتحدة، فقد سأل أحد أعضاء البرلمان لماذا لا تستطيع الحكومة الاعتماد على نقاط المراقبة الحدودية الخاصة بها في فرنسا من أجل معالجة طلبات هؤلاء، ومن ثم نقلهم مباشرة إلى بريطانيا بأمان.
وأجابت الوزيرة باتيل بأن "الاقتراح باستعمال [نقاط] مراقبة متجاورة لمعالجة طلبات اللجوء بشكل فعال، ليس شيئاً تقبل الحكومة البريطانية أو الحكومة الفرنسية النظر فيه".
وكررت وزيرة الداخلية إدعاءات من دون أدلة تسندها، بأن 70 في المئة من الأشخاص الذين يعبرون القنال هم "مهاجرون لأسباب اقتصادية"، غير أن مسؤولي وزارة الداخلية يقولون إن الإيرانيين والسوريين والأكراد العراقيين [الهاربين من مناطق الصراعات] يشكلون الغالبية بين هؤلاء الذين وصلوا في الأسابيع الأخيرة.
ورأى أنفر سولومون، وهو الرئيس التنفيذي لمنظمة "مجلس اللاجئين"، أنه "من المؤكد أن مأساة من هذا الحجم هي في مثابة ناقوس خطر لتنبيه الحكومة إلى ضرورة تغيير نهجها والالتزام في نهاية المطاف بتوسيع الطرق الآمنة أمام هؤلاء الرجال والنساء والأطفال ممن هم في حاجة ماسة إلى الحماية".
وأضاف، "كم من الأرواح يجب أن تزهق قبل أن نضع حداً في نهاية الأمر للتكتيك القاسي والخطير المتمثل في معاقبة أو إبعاد أولئك الذين يحاولون العثور على الأمان في بلادنا؟"
من جانبه، لفت مايك أدامسون، الرئيس التنفيذي للصليب الأحمر البريطاني، إلى أنه "لا إجابات بسيطة، لكننا نحث الحكومة على إعادة النظر بخططها الهادفة إلى جعل الوصول إلى نظام اللجوء في المملكة المتحدة أكثر صعوبة".
وتابع أدامسون، "يجب أن يبدأ هذا بخطط طموحة [ لفتح] طرق آمنة جديدة".
ولم تبد الحكومة مساء الأربعاء الماضي أي علامة على تغيير طريقة مقاربتها للمسألة".
وقالت وزيرة الداخلية في سلسلة من التغريدات، إن الكارثة "بمنزلة التذكير الأبرز بأخطار محاولات عبور القنال التي تنظمها هذه العصابات المجرمة التي لا تعرف الرحمة".
وأضافت الوزيرة، "وهذا هو السبب في وضع هذه الحكومة خطة جديدة للهجرة من شأنها أن تصلح شوائب نظام طلب اللجوء، وتعالج العديد من عوامل الجذب القائمة منذ زمن طويل، والتي تشجع المهاجرين على القيام بالرحلة المحفوفة بالأخطار من فرنسا إلى المملكة المتحدة".
© The Independent