حصل الفيلم الهندي "حريق في الجبال" على جائزة أفضل فيلم روائي طويل ضمن مجموعة الجوائز التي أعلنتها لجنة التحكيم في منصة الشارقة للأفلام، والتي تم الإعلان عنها في حفلة إعلان الجوائز التي تمت في بيت الشامسي التراثي في إمارة الشارقة. "حريق في الجبال" هو العمل الروائي الطويل الأول للمخرج الهندي أجيتابل سينغ، بعد مسيرة حافلة من إخراج الأفلام القصيرة. ينحاز الفيلم إلى المرأة في مقابل التحيزات الاجتماعية ضدها، وهو نهج نراه واضحاً في سياق الفيلم، الذي يسلط الضوء على الدور الذي تقوم به النساء والصعوبات التي يواجهنها في مجتمع تبدو فيه التحيزات الاجتماعية متجذرة وبالغة العمق.
في الفيلم تطالعنا مجموعة من المشاهد الطبيعية الخلابة التي تم التقاطها بكاميرا محمولة في الغالب، إلى جانب ألوان الملابس الزاهية، والتفاصيل اليومية الغنية، كمشاهد الكلاب التي تسرح في الأنحاء، أو الحيوانات التي يتم ذبحها. غير أن هذا الجمال الذي يبهرنا يتقاطع مع واقع آخر بائس، تمثله بطلة الفيلم "شاندرا" التي تؤدي دورها الممثلة الهندية فيناماتا راي. وهي امرأة شابة تكافح من أجل ادخار الأموال لتوفير العلاج الطبي لابنها المقعد. تواجه بطلة الفيلم تحديات عدة، بداية من زوجها مدمن الكحول، الذي يعتقد أن الطقوس الشامانية هي الحل الأمثل لمشاكلهم والتغلب على اللعنة التي أصابت ابنهم، كما تكافح ضد الرجال الفاسدين في بلدتها، بينما يتعين عليها التحايل على النظرة المتسلطة والأبوية من عائلتها ومجتمعها.
الوجه الآخر للهند
تتراوح مشاهد الفيلم بين إحدى المناطق السياحية القريبة من جبال الهيمالايا، وواقع الحياة في القرى الهندية الفقيرة. ويبرز هذا التراوح بين المناطق السياحية وأسرة شاندرا، الاختلاف بين الهند كما تبدو للسائحين، والصور الأخرى التي عادة ما تتوارى في الخلفية المجهولة للمجتمعات الريفية. تكافح شاندرا في الفيلم من أجل توفير تعليم مناسب لابنها والحصول على الرعاية الصحية له. وهي في سبيل ذلك تنتقل بصعوبة من مكان لآخر حاملة ابنها على ظهرها صعوداً وهبوطاً في مسارات موحلة وطرق غير ممهدة، في الوقت الذي لا يشاركها زوجها الطموح والرغبة نفسيهما، فلديه اعتقاده المستمر بأن منزلهم ملعون، حتى إنه يقوم في النهاية بسرقة أموال زوجته من أجل إقامة طقوس شامانية يظن أنها ستبعد عنهم اللعنة.
ضمت الجوائز التي أعلنت عنها لجنة التحكيم مجموعة أخرى من الجوائز المخصصة للأفلام القصيرة والوثائقية والتجريبية. ذهبت جائزة أفضل فيلم روائي قصير للمخرجة الفلبينية جانوس فيكتوريا، عن فيلمها "أسطورة مانيلا"، وهو يروي قصة صحافية فلبينية في منتصف العمر تكافح من أجل مواصلة عملها في ظل الظروف الصعبة التي فرضها وباء كورونا. تواصل الصحافية العمل والبحث عن قصص جديدة، إلى أن تستيقظ يوماً وهي تعاني أعراض كورونا. تقرر بطلة الفيلم تسجيل هذه اللحظات القاسية مع الوباء، وتصور نفسها للمرة الأولى في حياتها المهنية، كي توثق حالتها وتسجل مشاهد وأصوات المدينة المنكوبة وهي في طريقها إلى المستشفى.
أفلام عربية
أما جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل فقد كانت من نصيب المخرج العراقي ضياء جودة عن فيلمه "الرقص مع رصاصة". صور هذا الفيلم على مدى عشر سنوات، ويروي قصة راقص عراقي شاب يهرب إلى السويد بعد تعرضه لإطلاق نار في بغداد. يسرد المخرج قصة حياة صديقه ومعاناته، بعد أن اضطر إلى مغادرة البلد لبناء حياة جديدة في بيئة آمنة. وحصل فيلم "قلب الشوف" للمخرج المغربي عبد الصمد المنتصر على جائزة أفضل فيلم وثائقي قصير. تدور أحداث الفيلم في الصحراء الواقعة جنوب المغرب، وفيه يحاول المخرج التعرف على الحياة القاسية لسكان الصحراء من البدو. وبعد فشله في إيجاد أشخاص مستعدين للحديث بحرية عن تاريخهم السياسي والاجتماعي القاسي، يتحول المخرج إلى التركيز على الحياة الأصيلة في الصحراء وتسليط الضوء على طبيعة هذه المجتمعات النائية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما جائزة أفضل فيلم تجريبي طويل فحصل عليها المخرج اليوناني آرستوتيليس ماراغكوس عن فيلمه "حراس الخلود" الذي يعتمد على تكثيف مسلسل تلفزيوني قصير مقتبس عن رواية ستيفن كينغ "ذا لانغولييرز". ويعيد بناء دراميته الغيبية، ويزيد من جرعة وقعه المخيف، عبر رسوم التحريك بالأبيض والأسود. في هذا الفيلم يستيقظ عشرة غرباء على متن رحلة متجهة إلى بوسطن ليجدوا أنفسهم وحيدين على متن طائرة. تسوء الأمور أكثر مع هبوط الطائرة، واكتشافهم عالماً تنعدم فيه الحياة الإنسانية. وحصل فيلم "ما بين الخلود وتلبد الغيوم" للمخرج نديم شوقي على جائزة أفضل فيلم تجريبي قصير. تدور أحداث الفيلم في مستعمرة فضائية على الأرض، حيث يتم اعتماد مستقبل المدن الذكية على ضوء ما تبشر به الأنظمة في مواجهة الأزمات البيئية والصحية.
إلى جانب هذه الجوائز حصلت ثلاثة أفلام على تنويه خاص من لجنة تحكيم المهرجان المؤلفة من: باني خوشنودي، وأوكسوا أدوما، وطلال ديركي، ولمياء جريج، وبيتينا شتاين بروغ، وخليل الدنديري، ومايك غودريدغ، وريناتا سانتورو، وهالة لطفي. والأفلام الثلاثة هي الفيلم التونسي "عضيت لساني" إخراج نينا خذة، وفيلم "زاهوري" إخراج ماري أليساندريني، وهو إنتاج مشترك بين الأرجنتين وتشيلي وفرنسا وسويسرا، والفيلم التركي "الساعات" إخراج أجم أرسلاني وبغيت تانل كاتشار.