كشفت بيانات رسمية حديثة عن أن معدل التضخم الأوروبي ارتفع ليسجل أعلى مستوى له في 24 سنة مع ارتفاع أسعار الطاقة، إذ ترتفع أسعار المستهلكين الأوروبيين بأسرع وتيرة لها منذ عام 1997.
وبلغ معدل التضخم السنوي في 19 دولة تستخدم اليورو، بما في ذلك أكبر اقتصادات أوروبا، ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، مستوى 4.9 في المئة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مدفوعاً بشكل أساسي بارتفاع أسعار الطاقة، وفقاً لمكتب الإحصاء التابع للاتحاد الأوروبي.
وهذا هو أعلى معدل منذ 1997، عندما بدأ الاتحاد الأوروبي في جمع البيانات استعداداً لإطلاق اليورو بعد ذلك بعامين، وبزيادة من 4.1 في المئة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ووفقاً لتقديرات "يوروستات"، فقد ارتفعت أسعار الطاقة بنسبة 27.4 في المئة خلال شهر نوفمبر الماضي. وبلغ تضخم أسعار الخدمات مستوى 2.7 في المئة.
في مذكرة بحثية حديثة، قالت كاتارينا كينز، الخبيرة الاقتصادية في "أكسفورد إيكونوميكس"، إن هذه الأرقام جاءت بعد يوم من تقدير ألمانيا، وهي أكبر اقتصاد في أوروبا، أن أسعار المستهلك ارتفعت بنسبة 5.2 في المئة في نوفمبر. وتجاوز التضخم الألماني مستوى أربعة في المئة للمرة الأولى منذ ما يقرب من 30 سنة في سبتمبر (أيلول) الماضي.
ارتفاعات مستمرة في أسعار الطاقة
أسهم ارتفاع أسعار الطاقة بشكل أكبر في قراءة التضخم الأخيرة، وفقاً لمكتب الإحصاء الأوروبي، يوروستات، إذ تقترب أسعار الطاقة من تسجيل أعلى ارتفاع سنوي في الأسعار خلال شهر نوفمبر الماضي عند مستوى 27.4 في المئة، مقابل نحو 23.7 في المئة خلال شهر أكتوبر الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتأتي البيانات في وقت ينتظر فيه صانعو السياسة المزيد من البيانات حول متغير أوميكرون الجديد لفيروس كورونا.
وأثارت قيود السفر التي تم تنفيذها في أعقاب الكشف عن السلالة الجديدة مخاوف بشأن الكيفية التي يمكن أن تعانيها الاقتصادات خلال تلك المرحلة. فيما يجادل المحللون بأن الدول باتت مجهزة بشكل أفضل للتعامل مع الفيروس الآن مقارنة بأول عمليات إغلاق لجائحة كورونا، لكن اللاعبين في السوق كانوا على أهبة الاستعداد مع احتمال فرض مزيد من القيود.
ومع ذلك، ارتفعت أسعار المستهلكين مرة أخرى في منطقة اليورو على خلفية ارتفاع تكاليف الطاقة وقضايا سلاسل التوريد.
ففي ألمانيا -البلد الذي كان خائفاً تاريخياً من ارتفاع معدلات التضخم- وصل معدل التضخم إلى أعلى مستوى له في 29 عاماً خلال شهر نوفمبر الماضي، إذ ارتفع بنسبة ستة في المئة على معدلات العام الماضي.
الاتجاه ذاته في فرنسا، حيث بلغ معدل التضخم 3.4 في المئة خلال شهر نوفمبر، وهي أعلى قراءة منذ عام 2008، أي خلال 13 عاماً.
خطط لإنهاء برنامج مشتريات السندات الطارئة
في المقابل، كشف نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي لويس دي جويندوس، في تصريحات خلال الأسبوع الماضي، عن أن البنك المركزي لا يزال يخطط لإنهاء برنامج مشتريات السندات الطارئة في مارس (آذار) المقبل. ومع ذلك، يريد اللاعبون في السوق معرفة كيف سيعدل البنك المركزي أدواته الأخرى.
فيما قال عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، فابيو بانيتا، إنه لا توجد حاجة إلى تشديد السياسة النقدية هذه المرة للسيطرة على التضخم المدفوع بعوامل مؤقتة.
وأشار وفق وكالة "بلومبيرغ"، إلى أن "زيادة الأسعار في بعض الدول تسبب قلقاً". وأضاف "البنك المركزي لا يتدخل لأنه إذا فعل، سيكون ضرره أكثر من نفعه. إنه مثل المرض، حيث لا تصلح كل الأدوية لكل الأمراض".
وأوضح بانيتا أن دول الاتحاد الأوروبي تتعرض لصدمات في التوريد، وصنَّف التضخم إلى جيد وسيئ وقبيح، مشيراً إلى أن معدل التضخم الحالي "سيئ" لكنه مؤقت أيضاً، مدفوعاً بمشاكل سلاسل التوريد، وزيادات أسعار الطاقة، التي تتجه لأن يتم التغلب عليها. وقال إنه إذا ما بدا التضخم أنه سيصبح أكثر ديمومة فسيكون هو من بين أول من يطالب بتدخل البنك المركزي الأوروبي.
وكانت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، قد صرحت قبل أيام، بأن التضخم بمنطقة اليورو قد تبدأ حدته في التراجع خلال شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، على أقرب تقدير.