بعد أكثر من 7 سنوات على قيام "داعش" بقتل نحو 1000 سجين في سجن بادوش في محافظة نينوى عقب سيطرته عليها في يونيو (حزيران) 2014 إثر سيطرة التنظيم على الموصل، اطلع مجلس الأمن الدولي على تقرير في شأن هذه "المجزرة" بعد العثور على رفات الضحايا، بالقرب من موقع السجن، بعدما قام التنظيم بإعدامهم ودفنهم في مقابر جماعية.
ففي يوم 11 يونيو 2014 دخل عناصر "داعش" سجن بادوش بعد انسحاب الحراس منه والقوات الأمنية المكلفة حمايته، وجمعوا السجناء وفرزوهم طائفياً، ومن ثم نقلوا نحو 1000 سجين إلى وديان قريبة من السجن وأعدموهم بالرصاص، حيث تم العثور على مقابر للضحايا ينتمون إلى محافظات الوسط والجنوب.
أول إحاطة لمجلس الأمن
وأكد المستشار الخاص كريستيان ريتشر، في أول إحاطة له أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول عمل فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة لـ"داعش"، الوصول الوشيك لنقطة تحول محتملة في الجهود المبذولة لتحقيق العدالة لضحايا جرائم التنظيم. وقال في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) إن "التحقيقات توصلت إلى استنتاجات بشأن القتل الجماعي للسجناء في سجن بادوش المركزي"، مبيناً "أن فريق التحقيق وجد أن هذه الهجمات تشكل جرائم حرب وضد الإنسانية، ويعمل على وضع صيغته النهائية لدعم الملاحقات القضائية المحلية لهذه الجرائم".
وشدد المستشار الخاص على الطبيعة الحاسمة للتعاون الجاري بين فريق التحقيق وحكومة العراق، مشيراً إلى "ضرورة تبادل الأدلة بطريقة تفيد المحاكم لتحقيق العدالة للضحايا ومحاسبة الجناة على جرائمهم الدولية". ويبدو "أن هذه القضية وقضايا أخرى يمكن تصنيفها ضمن الجرائم ضد الإنسانية، ويمكن مطاردة مرتكبيها دولياً، لا سيما في ظل توفر الأدلة الكافية التي تدين مرتكبيها لملاحقتهم قضائياً عبر الشرطة الدولية (الإنتربول)".
تجريم عناصر "داعش"
وأكد عضو مفوضية حقوق الإنسان فاضل الغراوي، "أن هناك أدلة كافية لتجريم عناصر داعش واعتبار جريمتهم ضد سجناء بادوش جرائم ضد الإنسانية. وأن القرار الأممي رقم 2379، هو الذي أعطى صلاحية بتعيين مستشار خاص لإجراء التحقيقات وتوثيقها في ما يتعلق بالجرائم والانتهاكات التي قام بها التنظيم ضد أبناء الشعب العراقي"، مشيراً إلى "أن الإحاطة السابعة الخاصة بمجزرة بادوش تشير إلى جريمة وقعت ضد مئات الأشخاص بسبب انتماءاتهم على أساس الدين، وهي جريمة ضد الإنسانية، كما تمثل أدلة دامغة تصل إلى مصاف الإبادة الجماعية وجرائم حرب في موضوع المقاضاة على المستوى الدولي".
وبحسب قرار مجلس الأمن رقم 2379 عام 2017، "فإنه طلب من الأمين العام إنشاء فريق تحقيق برئاسة مستشار خاص لدعم الجهود المحلية الرامية إلى مساءلة داعش من طريق جمع وحفظ وتخزين الأدلة في العراق على الأعمال التي قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تعديل القوانين
وأوضح الغرواي، "أن عناصر داعش يحاكمون حالياً في العراق وفق قانون مكافحة الإرهاب، وقدمنا كمفوضية مشروعين إلى مجلس النواب لغرض تشريعهما، هما القانون النموذجي للجرائم الدولية في العراق، والقانون الذي يتعلق بتعديل المحكمة الجنائية المركزية لمحاكمة النظام السابق"، لافتاً إلى "أن التعديل غير اسم المحكمة الجنائية إلى محكمة عصابات داعش الإرهابية"، معرباً عن أمله "أن يتم تشريع القانون بعد انعقاد مجلس النواب بدورته الجديدة بهدف ملاحقة عناصر التنظيم على المستوى الوطني والدولي".
الملاحقات مستمرة
وتابع الغراوي، "أن جرائم داعش لا تسقط بالتقادم ومن الممكن ملاحقة عناصر داعش دولياً عبر تبادل المجرمين من خلال استثمار الدولة العراقية للقرارات الدولية لملاحقة المجرمين في كل الدول عبر الشرطة الدولية لينالوا محاكمة عادلة"، موكداً "أن الأدلة في قضية سجن بادوش اكتملت وقدمت إلى مجلس الأمن".
محكمة خاصة بـ"داعش"
بدوره كشف عضو البرلمان السابق عن اللجنة القانونية صائب خدر عن أن "قانون محاكمة عناصر داعش ضمن محكمة خاصة في طور الصياغة لدى الحكومة"، مشيراً إلى "حاجة العراق لهذا القانون لأنه ليس عضواً في المحكمة الدولية" .وقال إن "موضوع محاكمة عناصر تنظيم داعش من القضايا المهمة التي تخص العراقيين إلا أنه لا يوجد غطاء قانوني أو قانون يتعامل مع الجرائم التي ارتكبها "داعش" مثل جرائم الإبادة الجماعية ضد الإيزيديين والجرائم الأخرى"، مشيراً إلى "وجود قانون واحد فقط، وهو قانون مكافحة الإرهاب، وهذا القانون لا يغطي هذه الجرائم" .وأوضح "أنه اقترح في مجلس النواب السابق مشروع قانون لمحاكمة عناصر داعش في محكمة متخصصة، وتمت الموافقة على المقترح وأحيل إلى مجلس القضاء ومجلس الوزراء لدراسته من الناحية القانونية والمالية، إلا أنه لم يسعف الوقت لإقراره بسبب حل البرلمان"، مشيراً إلى "أن عملية التدويل مهمة لمحاكمة عناصر داعش ومطاردتهم وإحالة المجرمين الذين ارتكبوا هذه القضايا، ليمنع تكرارها في العراق وبلدان أخرى".
وتابع، "العراق ليس عضواً في المحكمة الجنائية العليا، لهذا لا نستطيع أن نحيل هذه القضايا إليها"، لافتاً إلى "أن المجتمع الدولي اعترف بالإبادة ضد الإيزيديين لكن محاكمة عناصر داعش تتم حالياً وفق قانون مكافحة الإرهاب لحين إصدار القانون الجديد الخاص بهم".
وارتكب "داعش" سلسة من المجازر عقب السيطرة على عدد من المدن العراقية في يونيو من عام 2014، في عدد من المدن العراقية قبل أن يتم طردهم عام 2017، أبرزها قتل أكثر من 3 آلاف جندي عراقي خلال خروجهم من قاعدة سبايكر في مدينة تكريت، وسبي الإيزيديات، وقتل الإيزيديين، إذ تتحدث إحصاءات رسمية عراقية عن مقتل وخطف نحو 7600 إيزيدي .
كما قام التنظيم بسبي وخطف آلاف النساء والأطفال والتركمان في قضاء تلعفر في محافظة نينوى، وعدد آخر من المناطق التركمانية في صلاح الدين وكركوك، فضلاً عن قتل المئات من أهالي مدينة الموصل ودفنهم في منطقة الخسفة خارج المدينة.