خلصت دراسة لأحد مراكز الأبحاث في بريطانيا إلى أن ارتفاع أسعار العقارات في بريطانيا بأكثر كثيراً من معدلات التضخم على مدى العقدين الأخيرين أدى إلى تراكم "ثروة غير عادلة التوزيع وغير خاضعة للضرائب، تفيد الأجيال الكبيرة السن وسكان لندن أكثر من غيرهم".
وبحسب الدراسة، فإن أسعار البيوت في بريطانيا ارتفعت بأعلى معدلات التضخم بنسبة 85 في المئة منذ عام 2000، ما أدى إلى تراكم ثروة لكل مالكي بيوتهم التي يسكنونها تصل إلى نحو 4 تريليونات دولار (3 تريليونات جنيه إسترليني).
أعدت الدراسة مؤسسة "ريزوليوشن فاونديشن" بالاشتراك مع "أبدرن فاينانشيال فيرنس ترست"، واستنتجت أن وباء كورونا ضخَّم من تلك الأرباح، بارتفاع أسعار العقارات في الفترة من نهاية 2019 إلى أواسط العام الحالي 2021 بنسبة في حدود 19 في المئة.
واعتبرت تلك المرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية التي ترتفع فيها قيمة العقارات في فترة ركود اقتصادي.
استندت الدراسة إلى الأرقام الرسمية من مكتب الإحصاء الوطني البريطاني، الذي يجري مسوحاً دورية حول الثروات والأصول وحول موارد الأسر البريطانية. ونقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن الاقتصادي الرئيسي في المجموعة التي أعدت الدراسة آدم كورليت قوله: "أدى الارتفاع الذي يتجاوز التضخم بمراحل في أسعار البيوت على مدى العشرين سنة الماضية إلى تراكم فائض ثروة غير متعوب فيها وغير عادلة وغير خاضعة للضرائب". وأشارت الدراسة إلى عدم العدالة في توزيع تلك الثروة السهلة من حيث المناطق الجغرافية في بريطانيا وما بين الأجيال.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق نتائج الدراسة، ارتفعت ثروة من هم فوق سن الستين في تلك الفترة من امتلاك بيوتهم بقيمة تزيد على 105 آلاف دولار (80 ألف جنيه استرليني)، بينما زادت ثروة من يقل عمرهم عن 40 سنة بنحو 26 ألف دولار (20 ألف جنيه استرليني) في تلك الفترة.
ويعكس ذلك أن عدد كبار السن الذين يملكون بيوتهم التي يسكنونها أكبر، وفي الأغلب اشتروها قبل بداية الارتفاع المضطرد في أسعار العقارات في أواخر التسعينيات من القرن الماضي وبداية هذا القرن.
كما أن نسبة 10 في المئة من السكان الأكثر ثراءً كسبوا ما يصل إلى نحو 230 ألف دولار (174 ألف جنيه استرليني) لكل منهم، مقابل ما كسبه الفرد من ثلث السكان الأكثر فقراً، الذي لا يزيد على 1300 دولار (ألف جنيه استرليني) من أرباح الثروة العقارية. ذلك لأن غالبية ذلك الثلث لا يملكون مساكنهم أصلاً.
كما أن الفارق كبير جداً بين أرباح الثروة العقارية في المناطق المختلفة من بريطانيا. ففي العاصمة لندن بلغ متوسط ما أضيف منذ عام 2000 لمن يمتلك بيته نحو 100 ألف دولار (76 ألف جنيه استرليني)، بينما في شمال شرقي إنجلترا لم يصل ذلك الربح إلى 28 ألف دولار (21 ألف جنيه استرليني) في الفترة نفسها.
وأرجع تقرير مؤسسة "ريزوليوسن فاونديشن" الزيادة في أسعار العقار، التي لا تقتصر على بريطانيا وحدها، إلى الانخفاض الكبير في أسعار الفائدة خلال تلك الفترة. لكن النتيجة كانت زيادة عدد البريطانيين، الذين لا يملكون مسكنهم، كما زادت الفجوة في تراكم الثروة بين الأجيال، بما "يضر بالحراك الاجتماعي، ويزيد من أهمية ثروة الأهل في تحديد فرص الحياة للأبناء".
وطرح التقرير مسألة أن تلك الأرباح نتيجة ارتفاع أسعار العقارات غير خاضعة للضريبة، لأن البيت المستخدم من السكن معفي من ضريبة أرباح رأس المال. وطالبت المؤسسة في تقريرها بإجراء مراجعة للضرائب على العقارات ضمن ضريبة التركات، مشيرة إلى أن تلك الأرباح "تنتقل إلى الورثة" غالباً.
وتقول المؤسسة، التي أسسها رجل أعمال قريب من حزب المحافظين الحاكم مطلع هذا القرن، إن عدم فرض ضريبة على أرباح الثروة العقارية يزيد من فرص زيادة الضرائب على الشركات والأعمال.
ويقترح التقرير تغيير نظام الضريبة على أرباح رأس المال، ليشمل فرض ضريبة على أرباح الثروة العقارية حتى لعقار السكن الرئيسي. ويحدد الاقتراح فرض ضريبة بـ 28 في المئة على الزيادة في قيمة العقارات التي يسكنها البريطانيون، وهو ما يمكن أن يوفر للخزانة العامة أكثر من 5 مليارات دولار (4 مليارات جنيه استرليني) من عائدات الضرائب سنوياً.
المشكلة، أن تلك الثروة وما تعتبره الدراسة أرباح رأسمال نتيجة ارتفاع أسعار العقارات، هي ثروة غير متوافرة، بل مخزونة في البيوت التي يسكنها البريطانيون. بالتالي فهي تختلف عن أرباح رأس المال السائلة التي يكسبها المستثمرون نتيجة الاستثمار في سوق الأسهم أو غيره.