تعتبر المناطق البرية الجميلة والوعرة في جبل أوتاي موطناً للعشرات من الأنواع المهددة بالانقراض، بما في ذلك فراشة كينو تشيكرسبوت وبعض آخر أشجار سروفبسي المتبقية، وهي شجرة يعود تاريخها إلى العصر الجليدي. كما أن تلك الأراضي بما فيها من منحدرات صخرية خطيرة معرضة للانزلاق، "موبوءة بالرتيلاء" أيضاً، وهي موطن طبيعي لأنواع مثل الافاعي الجرسية.
غير أن هذه المنطقة النائية في ضواحي تيخوانا قد أصبحت في ظل إدارة ترمب، مثل العشرات من الأماكن على طول 2000 ميل من الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، موقعاً لبناء "الجدار الكبير والجميل" للرئيس في ذلك الوقت.
وقد أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، حالة الطورائ على الحدود للتسريع في تشييد الجدار، على الرغم من أن عدد الأشخاص الذين يدخلون الولايات المتحدة بشكل غير قانوني كان في أدنى مستوياته خلال عقد من الزمن. وتم تجاوز دراسات الأثر البيئي التي ترافق عادة كل المشاريع الفيدرالية الضخمة، وذلك بفضل إعفاء الأمن القومي لعام 2005 الذي يسمح للحكومة بالمناورة حول عشرات القوانين الفيدرالية التي يُفترض فيها أن توفر الحماية للأرض والحياة البرية المهددة بالانقراض والمياه النظيفة والهواء.
وقد انتقلت الآليات الثقيلة إلى جبل أوتاي عام 2019 لتبدأ العمل على شق طريق في الوديان الوعرة شديدة الانحدار. وفاقمت إزالة الغطاء النباتي وتفجير الديناميت عبر الصخور لتسوية الأرض، مخاطر تآكل التربة.
والجدار الذي يبلغ ارتفاعه 30 قدماً، هو سياج من القضبان الفولاذية التي تنتصب قرب بعضها بعضاً، والمغروسة في أطنان من الخرسانة. ويُعتبر مثالاً يحرك المشاعر بوجه خاص على حملة الرئيس السابق السخيفة التي تشبه الحملات الصليبية. يتأرجح السياج الفولاذي فوق الجبل ويمضي هبوطاً إلى منحدر حاد قبل أن ينتهي هذا الجزء وتبدأ فجوة تبلغ بضع مئات الأقدام تفصله عن القسم التالي من السياج.
وراقبت صحيفة "اندبندنت" مشهداً غريباً ظهر فيه شخصان، بدا أنهما كانا مسؤولين حدوديين من المكسيك والولايات المتحدة، منهمكان في حديث ودّي وسط هذا الفراغ.
ويرى دانيال واتمان من "تحالف أصدقاء صداقة المتنزه" المعني بالحفاوة بالثقافة المشتركة لمن يعيشون على جانبَي الحدود، أنه "حين ترى الجدار وسط الجبل، تظهر التفاهة التي تتمثل في إنشاء هذه الجدران في المقام الأول".
وقال لصحيفة "اندبندنت" إن "كل هذا الدمار، لم يمنع حقاً أي شخص من العبور على أي حال". وكانت وزارة الأمن الداخلي مترددة لأعوام عدة في إقامة حاجز في منطقة جبل أوتاي.
وقال متحدث باسم هيئة "الجمارك وحماية الحدود الأميركية" وهي وكالة إنفاذ القانون الفيدرالية التي تشرف عليها وزارة الأمن الداخلي، هو ريتشارد كايت، موضحاً في 2006، "أنت ببساطة لا تحتاج الى سياج في سلسلة جبلية. إنها تضاريس وعرة يصعب السير فيها، ناهيك عن قيادة السيارة. ليس هناك سبب لإنشاء قطيعة فاصلة حين تكون الأرض في حد ذاتها حاجزاً مادياً".
وإن تكلفة أعمال البناء الصعبة هذه غير واضحة. ولم يُجِب سلاح المهندسين الذي يقود مشاريع الإنشاءات الفيدرالية، في وقت النشر ]عن سؤال حول التكلفة[. لكن قيل إن تكلفة جدار ترمب في الأراضي البرية بجاكومبا في ولاية كاليفورنيا، وهي منطقة نائية بالقدر ذاته إلى الغرب، وصلت إلى 49 مليون دولار أميركي (حوالى 35 مليار جنيه استرليني)، لكل ميل واحد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى الرغم من بعض الادعاءات الصادرة عن أشخاص محافظين بأن الحدود الجنوبية "مفتوحة على مصراعيها"، فقد كان هناك حاجز بطول حوالى 650 ميلاً حين تسلّم ترمب زمام السلطة. كما يقوم بين سان دييغو في ولاية كاليفورنا ومدينة تيخوانا المكسيكية، حوالى 12 ميلاً من السياج المزدوج الذي يمتد من الشاطئ على طرف المحيط الباسيفيكي إلى ميناء الدخول في أوتاي ميسا.
"لا يمكن اختراقها فعلياً"؟
وبشكل إجمالي، فإن 458 ميلاً من "نظام الحواجز" قد جرى إنشاؤها خلال ولاية ترمب، وتشتمل على 85 ميلاً في مواقع جديدة و373 ميلاً تم تحديثها.
ولم تدفع المكسيك لقاء ذلك كله. فقد غطى دافعو الضرائب الأميركيون التكلفة. إلا أن جزءاً من مبلغ الـ 15 مليار دولار (20.64 جنيه استرليني) المخصص للمشروع قد تم تحويله من قبل جو بايدن لدفع تكلفة مشاريع أخرى.
وقال ترمب إنه جعل الحدود "لا يمكن اختراقها فعلياً"، لكن شأن الجدار، هذا الزعم مليء بثغرات [شوائب] كثيرة. ويقال إن قسماً في تكساس، بلغت تكلفته 27 مليون دولار لكل ميل، قد تم اختراقه، بواسطة سلالم مصنوعة يدوياً قيمتها 5 دولارات، في أبريل (نيسان).
وذكر أحد موظفي الحدود ساخراً "السلالم والجدران متلازمان كما الجزر والبازلاء". ولفتت تقارير أخرى إلى أن المهربين يستعملون أدوات كهربائية من النوع الذي يمكن العثور عليه في محال معدات "إفعل ذلك بنفسك" لنشر فتحة في ألواح الجدار.
وكان ذلك قبل أخذ الأنفاق في الاعتبار. فقد تم اكتشاف 224 نفقاً بين عامي 1990 و2016 على طول الحدود الجنوبية، وصل عمق بعضها إلى 70 قدماً.
وكتبت فاندا فيلباب بروان من معهد بروكنغز للسياسات في عام 2017، "سيظل العمال غير القانونيين والمخدرات يجدون طريقهم عبر أي حاجز تنتهي الإدارة من بنائه [تشييده]".
وأضافت "ولن يكون جدار كهذا مهماً لهؤلاء الأشخاص الذين صاروا مهاجرين غير شرعيين من خلال البقاء لمدة أطول من تلك المحددة في تأشيرات دخولهم، وفاق عدد هؤلاء لأعوام كثيرة أولئك الذين أصبحوا مهاجرين غير شرعيين عن طريق عبور الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك".
وقالت الطبيعة الأم كلمتها أيضاً. فقد هبّت رياح معتدلة نسبياً بلغت سرعتها 37 ميلاً في الساعة على أجزاء من الجدار في كاليفورنيا في يناير (كانون الثاني) 2020. وفي أغسطس (آب)، انتزعت أمطار موسمية تاريخية بوابات الفيضانات المعدنية من مفصلاتها في الجدار قرب توكسون في ولاية أريزونا.
"إن الأمر يشبه بناء جدار بارتفاع 30 قدماً على طول مقبرة أرلينغتون".
لكن كانت هناك عواقب وخيمة للجدار. وأصبحت عبارة "شيّدوا الجدار" أشبه بصرخة لتحشيد المؤيدين في حملة ترمب الانتخابية التي تميزت ببث الفرقة والدعوة إلى تغليب المصالح القومية [مصالح الأميركيين على مصالح المهاجرين]، وتخللتها نوبات عنصرية اشتملت على وصف المكسيكيين بـ"المغتصبين" والإيحاء بأنهم "يجلبون المخدرات ويجلبون الجريمة" إلى الولايات المتحدة.
كان الجدار بمثابة مدخل إلى تطرف بعض أكثر المساعدين في إدارته حماسة، ممن ساعدوا على تطبيق سياسات "عدم التسامح"، ومنها الفصل المتعمد بين أفراد العائلات على الحدود الجنوبية.
ولم يتم العثور حتى الآن على الآباء أو الأوصياء القانونيين لحوالى 303 من الأطفال المهاجرين الذين تم فصلهم عن ذويهم، وذلك بحسب ما جاء في دعاوى قُدمت أخيراً إلى المحكمة. ويقلّل هذا الرقم إلى حد بعيد من حجم المشكلة، على نحو ما يشير إليه لي غيليرنت، وهو المحامي الرئيس في قضية فصل أفراد العائلة المرفوعة أمام "الاتحاد الأميركي للحريات المدنية".
وكتب غيليرنت لصحيفة "اندبندنت" في رسالة بالبريد الإلكتروني، قائلاً "لم نستطِع حتى الآن تحديد أماكن وجود 303 من العائلات أو الأوصياء الشرعيين، بيد أن مئات الأسر الأخرى التي تم تحديد أماكنها لا يزال أفرادها منفصلين عن بعضهم بعضاً. ويحدونا الأمل أن نتمكّن من خلال مفاوضاتنا مع إدارة بايدن أخيراً من البدء بسرعة بلمّ شمل العائلات التي اتصلنا بها".
لقد نجح الجدار أيضاً في نحت ندبة عميقة عبر مئات الأميال من أراضٍ جبلية وصحراوية فريدة، بما فيها جبل أوتاي، وصحراء تشيهواهوان في نيومكسيكو، وجزر سكاي في أريزونا ووادي ريو غراندي السفلي في تكساس.
وتقول مجتمعات قبلية إن مواقع أسلاف الأميركيين الأصليين قد تعرّضت للتدنيس. ويتهم هؤلاء المقاولين الحكوميين باستعمال الديناميت في مقابر قديمة تابعة لأمة توهونو أودهام، التي تمتد أراضيها من جنوب أريزونا إلى شمال مكسيكو، وبقطع صبار ساغوارو القديم الذي يعود إلى قرن من الزمان.
وقال رئيس [أمة توهونو أودهام] نيد نوريس جونيور في جلسة استماع بمجلس الكونغرس "بالنسبة إلينا، فهذا لا يختلف عن ]قيام وزارة الأمن الداخلي[ ببناء جدار بارتفاع 30 قدماً على طول مقبرة أرلينغتون".
اتصلت صحيفة "اندبندنت" بهيئة "الجمارك ومراقبة الحدود الأميركية" للتعليق.
وقد منع الجدار الحيوانات البرية من التحرك بحرية كما أنه عاث دماراً في بيئة هشة كانت تعاني بشدة من أزمة المناخ.
ويقول راندي سيراجليو، وهو من مركز التنوع البيولوجي في توكسون، لـ"اندبندنت" إن "تأثيرات الجدار الحدودي شاملة وضخمة، وهي تذهب إلى أبعد بكثير من حيث تجري الإنشاءات على طول الحدود".
وقدّم تحالف من منظمات مجتمعية وقبلية وبيئية التماساً إلى إدارة بايدن لإزالة أجزاء من الجدار في المواقع التي يسبب فيها أكبر قدر من الضرر، واستعمال مخصصات الجدار السابقة لدفع تكاليف ترميم الموائل الطبيعية الحساسة وإصلاح الأراضي التي تُعتبر مقدسة لدى سكان أميركا الأصليين.
وترى الدكتورة إيميلي بيرنز، وهي عالمة أحياء ومديرة تحالف جزر سكاي غير الربحي، لـ"اندبندنت" أن "الجدار يجب أن يهدم، وفي كل الأمكنة الاستراتيجية".
وتضيف "ينبغي أن تكون البوابات الموجودة في الجدار مفتوحة ومشرعة، ويجب إطفاء الإنارة لأنها تؤدي إلى خلل في أنماط الهجرة. من الضروري إزالة الجدار الذي تمدد من خلال معابر النهر وسهول الفيضانات، وذلك لأنه يقوم بعرقلة دفق المياه وعرقلة سريانه، وغالباً ما تكون هذه المعابر ذات أهمية حاسمة بالنسبة إلى ممرات الحياة البرية. يجب أن تكون المناطق ذات الأهمية الثقافية على رأس قائمة الأماكن التي تتم فيها إزالة الجدار".
ويلفت أنصار حماية البيئة إلى أن الجدار قد قطع بشكل متزايد مصادر المياه الشحيحة وجفّف أخرى، وذلك في أعقاب ضخ فرق الإنشاءات ملايين الغالونات من المياه الجوفية لخلط الخرسانة وللرش على الطرقات من أجل تخفيف الغبار.
إن تأثير الجدار مدمّر في المنطقة التي يؤدي ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى موجات جفاف أشد فيها. ويقول سيراجليو "في محمية سان برناردينو للحياة البرية ]في أريزونا[ و]متنزه[ نصب بايب التذكاري الوطني في أوريغون، جاءت المياه الجوفية من طبقات المياه الجوفية القديمة التي لن يُعاد ملؤها، في الأقل ليس خلال حياتنا نحن".
ويضيف سيراجيليو أن الجدار "سحق النظام [البيئي] الموجود" في محمية سان برناردينو الصغيرة التي تم إنشاؤها لحماية أنواع فريدة مهددة بالإنقراض وأراضٍ رطبة. وأردف "النظام يعيش حالياً على أجهزة الإنعاش. لقد تسبب ]الجدار[ بجفاف بعض البرك المائية، وقتل أنواع مهددة بالانقراض كانت في المحمية".
تمتد سلاسل جبال جزيرة سكاي إلى جنوب شرقي ولاية أريزونا وشمال المكسيك، وقد سُمّيت بهذا الاسم لأن الغابات الموجودة على ارتفاعات عالية تصعد بشكل حاد خارج صحراء سونوران، ما يخلق بعض أغنى حالات التنوع البيولوجي على وجه الأرض. فالمنطقة موطن لنصف الطيور في أميركا الشمالية، وما يزيد على 7 آلاف نوع من النباتات والحيوانات.
وقد أجرى تحالف جزر سكاي واحدة من الدراسات القليلة التي تمكّنت من رصد تأثير الجدار، بعدما قامت هذه المؤسسة غير الربحية بتركيب العشرات من الكاميرات التي تعمل عن بعد على امتداد 34 ميلاً من الحدود قبل بدء الإنشاءات.
وكشف هذا المشروع عن أن طرق الهجرة لعشرات الأنواع من الحيوانات الكبيرة، بما فيها الدب الأسود وأسد الجبل والفهد والذئب المكسيكي، قد تم إغلاقها بواسطة السياج، الذي سدّ أيضاً طرق الحيوانات من أنواع الفرائس كالظباء الأميركية ذات القرون الشوكية [شائكة القرون] والخنازير البيكارية التي تنثر البذور، والمخلوقات الأصغر حجماً مثل قوطي والبومة القزمة وطيور سُمّن مونتيزوما.
وفي الوقت الذي لا يمنع الجدار حركة بعض الحيوانات الصغيرة، "أو [حركة] الناس" كما تضيف الدكتورة بيرنز، فإنه يعيق بشكل كامل طريق كثير من الأنواع المهمة.
وتتابع "تتحرك هذه الأنواع بين سلاسل جبال جزر سكاي منذ آلاف السنين التي لا تُعدّ ولا تُحصى... وسيستغرق الأمر وقتاً طويلاً لإدراك حجم هذا الاضطراب القاري بشكل كامل".
ووجدت دراسة أخرى حديثة أنه يمكن للجدار الحدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك أن يعيق في المجمل حركة 122 نوعاً من الثدييات التي نزحت جراء تأثيرات تغيّر المناخ.
ويقول الباحث مارك تيتلي، الذي يحضّر الدكتوراه في قسم العلوم الحيوية بجامعة دورهام، وشارك في تأليف الورقة البحثية لـ"تندبندنت" إن "من المعروف أن جدراناً وسياجات حدودية كتلك التي أقامتها إدارة ترمب، تؤذي الحياة البرية من خلال تشتيت السكان وتفتيت الموائل الطبيعية أو إرباك الحياة البرية".
ويضيف "لقد أظهر بحثنا أنه عندما تضيف التغيير المناخي إلى الخليط الموجود، فإن من الممكن أن تصبح التأثيرات أسوأ إذا كانت تمثل عقبة أمام الحياة البرية أثناء تنقّلها".
" إنهم يريدون بناؤه مهما كلّف الأمر"
كما يدعو أنصار البيئة أيضاً إلى إزالة أجزاء الجدار في ولاية تكساس، التي تشهد أعاصير أكثر حدة وتقلباً، وذلك بسبب أزمة المناخ.
ولإفساح المجال لجدار ترمب، قام عمال البناء "بفتح ثغرات كبيرة" في نظام حاجز الفيضان الموجود، والمؤلف من سدود تحمي التجمعات السكانية من العواصف الثائرة على امتداد نهر ريو غراندي.
وقد وعد الرئيس جو بايدن الناخبين بعدم بناء "ولا قدم واحد" من الجدار عندما يباشر مهماته الرسمية.
وأعلنت إدارته في أبريل أنها ستعمل على معالجة الفياضانات وتآكل التربة من الأجزاء غير المكتملة من الجدار. وأوضحت وزارة الأمن الداخلي أنها ستتابع العمل في "بعض المشاريع المنفصلة" على الحدود، من أجل تفادي "أخطار مادية مباشرة".
وبدأ مسؤولون بإجراء إصلاحات على 13.4 ميل من السدود التي تم المساس بها على طول نهر ريو غراندي. وذكر مسؤولون أن الجدار لن يُشيّد. ومن ناحيتها، أشارت الوزارة إلى أنها ستعالج أيضاً "الانضغاط غير المناسب للتربة ومواد البناء" على امتداد أجزاء من الحاجز الذي يبلغ طوله 14 ميلاً في سان دييغو.
لكن أنصار [حفظ] البيئة يقولون إن هذا العمل يذهب إلى أبعد من تدعيم الأجزاء المتضررة، وهو يرقى إلى مواصلة بناء الجدار.
يقول سيراجليو "إن الأمن الداخلي هي وكالة كبيرة للغاية، مترامية الأطراف وقوية، مع وجود كثرٍ من الراسخين فيها، الذين تم تعيينهم من قبل ترمب، والضباط المحترفين ممن يؤمنون ]بجدوى[ الجدار الحدودي، ويريدون بناءه مهما كلّف الأمر".
ويضيف "لا يخضع هؤلاء إلى نوع الإشراف ذاته، القانوني أو سواه، الذي تخضع له الوكالات الأخرى، لا سيما وكالات إنفاذ القانون. إن المؤمنين الحقيقين [بمشروع الجدار] هم هناك على الأرض يفعلون ما يستطيعون فعله، بصرف النظر عن الإعلانات السياسية الآتية من العاصمة".
وفي أغسطس، التقط سكوت نيكول، وهو ناشط بيئي في نادي سيرا، صوراً يصفها بأنها دليل على إنشاء جدران حدودية جديدة في مقاطعة هيدالغو في ولاية تكساس. ويقول بشأن نهر ريو غراندي، إن "جدران السدود الحدودية" يجري بناؤها في أربعة أماكن على الأقل، حيث لم يبدأ العمل على جدار ترمب نهائياً ولا تحتاج السدود الأصلية إلى إصلاح.
وقد أثّر هذا العمل في محمية الحياة البرية في المنطقة، طبقاً لما ورد في تقريره. ويصف سيراجليو ذلك بأن من "السخف "الترويج لهذا العمل كما لو كان مسألة تتعلق بالأمان [والأمن]".
ويقول إن "تعبئة خندق مفتوح هو مسألة تتصل بالأمان... أما استكمال بناء الجدار فهو لا يتعلق بالأمان. في الحقيقة إن ذلك يجعل الناس والحياة البرية أقل أماناً".
كما شارك واتمان صوراً مع صحيفة "اندبندنت" من جبل أوتاي في كاليفورنيا، تظهر فيها فرق عمال الإنشاءات مع خلاطات الإسمنت والحفارات وما بدا أنه منطقة تجميع لمئات الأعمدة الفولاذية.
ويلفت إلى أن مسؤولي الحدود المكسيكيين منعوه من زيارة منطقة تقع على مسافة أبعد إلى الشرق كانت تقارير قد أفادت بأنها تشهد استمرار أعمال إنشاء الجدار، وأخبروه عند محاولته ]الوصول إلى المنطقة[ أنه موجود على ملكية خاصة. ويشير واتمان إلى أنه كان قد سعى إلى الحصول على إذن من صاحب الأرض كما فعل في زيارات سابقة تمت من دون وقوع حوادث.
وقد أمره مسؤولو الحدود أيضاً بحذف الصور التي التقطها بواسطة كاميرته. ويذكر أن هؤلاء لم يكونوا مهتمين بالصور التي التقطها لنباتات ولكنهم ركزوا على صور الجدار.
ويقول إن معالم الخوف ظهرت حينها على المسؤولين المكسيكيين.
ويردف "خرجت بفكرة أنهم كانوا يتعرّضون لضغوط من قبل حرس الحدود لإبعاد الناس. غير أنهم لا يقولون ذلك. أعتقد أنهم كانوا قلقين قليلاً بشأن الكيفية التي سيبدو عليها الأمر إذا تم نشره على منصات التواصل الإجتماعي. حتى إن ]الضابط [ قد لمّح في إحدى المناسبات إلى أنه كان يخشى من أن تُوجّه إليهم تهمة مساعدة الناس في العبور".
لم تردّ هيئة "الجمارك وحماية الحدود الأميركية" على رسالة وجّهتها لها صحيفة "اندبندنت" بالبريد الإلكتروني، طالبة منها التعليق على هذه التقارير. ولم يردّ البيت الأبيض بدوره أيضاً على رسالة مماثلة بالبريد الإلكتروني لطلب التعليق على أعمال الإنشاءات الواضحة للجدار.
وفي ولاية أريزونا، تقول الدكتورة بيرنز، بينما يظل الناشطون مستنفرين لمراقبة مزيد من أعمال الإنشاءات للجدار، فإن المساءلة في المناطق النائية هي غالباً صعبة.
وتضيف "قالوا إنهم سيواصلون مشاريع تتصل بسلامة الإنسان... هناك كثير من الأشياء التي يمكن إدراجها تحت هذا العنوان، ولا شيء من هذا محدد بشكل واضح تماماً في الوقت الحالي. ليس هناك من يتنفس الصعداء ويحسب أن الأمر انتهى".
ومما يثير القلق الأكبر أن الآتي أسوأ.
يوضح سيراجليو أن "آلاف الأعمدة والمعدات، كما أن الإمدادات موجودة في أكوام ضخمة على طول الحدود بانتظار أن يتم نصبها". ويضيف "نحن نعلم أنه في أي وقت سيروق لهذه الشركات الانطلاق من جديد بقوة والبدء بجني ملايين الدولارات الأميركية مجدداً".
© The Independent