أعلنت إثيوبيا رفضها قرار الأمم المتحدة القاضي بتشكيل "لجنة تحقيق أممية" حول "الانتهاكات المرتكبة في إقليم تيغراي"، وقالت إنها لن تتعاون مع هذه اللجنة. ولفتت وزارة الخارجية الإثيوبية في بيان إلى أن هناك "خيبة أمل شديدة لاستخدام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، من قبل بعضهم لتعزيز أجندة ذات دوافع سياسية".
دوافع سياسية
وأفاد البيان أيضاً أنه "بغض النظر عن الطلبات المتكررة من قبل حكومة إثيوبيا للمجلس بعدم عقد الجلسة الخاصة، والانخراط بطريقة بناءة وروح تعاونية مع إثيوبيا، فقد نجح بعضهم في تحقيق هدفهم من خلال الحصول على أغلبية الأصوات في المجلس" لإصدار تكوين هذه اللجنة. وأضاف، "يتم ذلك ضد توصيات اللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان التي تم تقديمها إلى رئيس مجلس حقوق الإنسان بتاريخ 14 ديسمبر (كانون الأول)"، وقالت الخارجية إنها "تعتبر الجلسة التي عقدها المجلس بشأن الوضع في إثيوبيا الجمعة 17 ديسمبر، ذات دوافع سياسية"، مشددة على أنها "لن تتعاون مع الآلية المنشأة المفروضة عليها".
اعتقالات جماعية
وكان الاتحاد الأوروبي طالب بعقد جلسة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول الوضع في إثيوبيا، ووافق مجلس حقوق الإنسان في تصويت الجمعة 17 ديسمبر على ضرورة التحقيق في بواعث القلق الجدية بشأن الانتهاكات والتجاوزات الخطرة المزعومة لحقوق الإنسان في إثيوبيا، من خلال تحقيق دولي لبحث تأثير الصراع الذي بدأ في "تيغراي" شمال البلاد قبل 13 شهراً. ووفق بيان لمجلس حقوق الإنسان فإن المندوبين أبلغوا بأن "تسعة من بين كل 10 أشخاص في المنطقة يحتاجون الآن إلى مساعدات إنسانية".
وفي كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان قالت نائب المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ندى الناشف "إنه من المحتمل أن أكثر من 400 ألف شخص في تيغراي يعيشون ظروفاً شبيهة بالمجاعة، وأن ما لا يقل عن مليوني شخص في تيغراي وأمهرا وعفر نزحوا بسبب النزاع، والعديد منهم لا يتلقون المساعدة التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة". وأشارت الناشف إلى أن "حال الطوارئ التي أعلنت في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) أدت إلى اعتقالات جماعية لمن يعتقد أنهم متعاطفون مع جبهة تحرير شعب تيغراي"، مضيفة أنه جرى اعتقال الآلاف من أتباع تيغراي العرقيين، إلى جانب أكثر من 10 صحافيين وموظفين من الأمم المتحدة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وجاءت كلمتها قبل التصويت على مشروع قرار قُدّم إلى المجلس لإنشاء لجنة دولية لخبراء حقوق الإنسان بشأن إثيوبيا، حظي بتأييد 21 دولة ومعارضة 15 دولة وامتناع 11 عن التصويت.
وبحسب القرار يجب أن يتألف فريق التحقيق الجديد من ثلاثة خبراء في مجال حقوق الإنسان، يتم تعيينهم من قبل رئيس مجلس حقوق الإنسان.
التزام بموجب القانون الإنساني
وكانت إثيوبيا أكدت في وقت سابق التزامها القاطع بضمان إجراء التحقيقات اللازمة حول انتهاكات حقوق الإنسان في إقليم "تيغراي" شمال البلاد. وقال وزير الخارجية الإثيوبي دمقي مكونن إن الحكومة الإثيوبية ملتزمة تماماً بضمان إجراء التحقيقات اللازمة حول مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان بإقليم "تيغراي"، وقال في كلمة ألقاها خلال الدورة الـ 46 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 24 فبراير (شباط) الماضي، إن أديس أبابا ملتزمة بإجراء تحقيق شفاف حول مزاعم انتهاكات لحقوق الإنسان بالإقليم، مشيراً إلى أن الحكومة تشعر بقلق شديد تجاه هذه المسألة.
وكانت الخارجية الإثيوبية أصدرت في مارس (آذار) 2021 بياناً أوضحت فيه أن حكومة إثيوبيا تدرك تماماً التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن أديس أبابا طرف فيه، كما تأخذ الحكومة الإثيوبية أي مزاعم تتعلق بانتهاكات وجرائم حقوق الإنسان بجدية بالغة، ولهذا تحركت بشكل سريع لإجراء التحقيق اللازم للتحقق من تلك الادعاءات وتقديم الجناة إلى العدالة.
تدخل في الشؤون الداخلية
وقالت إثيوبيا إن قرار مجلس الأمن تشكيل لجنة تحقيق أممية "محاولة لإيجاد طريقة بديلة للتدخل في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة، ولا يخدم أي غرض سوى تفاقم الوضع على الأرض".
وفي رسالة موجهة إلى رئيس مجلس حقوق الإنسان نزهة خان وأعضاء مجلس حقوق الإنسان والمفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليت، قالت مفوضية حقوق الإنسان الإثيوبية إن "إنشاء هيئة جديدة للتحقيق في كامل الفترة منذ الثالث من نوفمبر 2021 أمر متكرر ويؤدي إلى نتائج عكسية لعمليات التنفيذ الجارية، ومزيد من التأخير في إنصاف الضحايا والناجين".
وأشار بيان الخارجية الإثيوبية إلى أن "الاتجاه في انتشار الآليات من خلال المجلس في معظم الحالات يفشل في تحقيق الأهداف غير البناءة لفرضها على الدول التي ترفض التدخل في شؤونها الداخلية، ولهذا السبب تؤكد إثيوبيا رفضها القاطع للدورة الاستثنائية ونتائجها ذات الدوافع السياسية التي تقوض الثقة في عمل مجلس الأمن، فضلاً عن سلامة أراضيها وسيادتها الوطنية واستقلالها السياسي".
إجراء أممي
مقرر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان السابق في السودان المستشار القانوني عبدالمنعم عثمان محمد طه أشار إلى أن "ما تواجهه إثيوبيا جراء تيغراي يتطلب عملاً مشتركاً بين الحكومة الإثيوبية ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة". وقال، "كون هناك مشكلة إنسانية حقيقية جراء الحرب في تيغراي أمر لا يمكن إنكاره"، لذا يتطلب الأمر التصدي بآليات حكومية ودولية تراقب الواقع الإنساني وتعمل على حث كل الأطراف للقيام بالواجبات الإنسانية المطلوبة في تحقيق السلام، وبذل كل الجهود في وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين والضعفاء في مختلف المناطق، وأشار طه إلى أن ما تواجهه إثيوبيا جراء قضية "تيغراي" يشبه الحال السودانية التي عاشها إقليم دارفور خلال العقدين الماضيين. وأضاف، "من واجبات المجتمع الدولي والأمم المتحدة القيام بالمهمات الإنسانية وفق شفافية لا تؤثر في السمعة الدولية لهذه المنظمات، حتى تجد التعاون الحقيقي من الحكومات والأطراف المعنية".
وفسر طه تحفظات الحكومة الإثيوبية تجاه "لجنة التحقيق الأممية" بالمنطقية في ظل مخاوف ذات أبعاد سياسية تؤثر في سيادة البلاد. واستدرك، "لكن توجه الأمم المتحدة نحو إنشاء اللجنة الأممية إجراء أممي لا بد منه بعد وصول الحال الإنسانية في إقليم تيغراي والمناطق الأخرى المتأثرة بالحرب إلى ترد يتطلب خطوات جادة من قبل المجتمع الدولي لمحاسبة مرتكبي الجرائم الإنسانية وعدم إفلاتهم من العقاب، إلى جانب الحفاظ على أرواح مئات آلاف المواطنين المتأثرين جراء الحرب، كي لا يكونوا عرضة لأفعال منافية للقانون الإنساني".