تزامناً مع توقع تأجيل الانتخابات الرئاسية الليبية في 24 ديسمبر (كانون الأول)، انتشرت بشكل كثيف مجموعات مسلحة في مناطق عدة جنوب العاصمة طرابلس، الثلاثاء 21 ديسمبر.
ولم تصدر السلطات الرسمية أي تعليق رسمي في شأن أسباب هذا الانتشار الكثيف وخلفياته، وهو الثاني للمجموعات المسلحة في العاصمة طرابلس في أقل من أسبوع.
وأظهرت صور ومقاطع فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي سيارات مسلحة بمدافع رشاشة، ودبابة، في أحد شوارع حي الفرناج، قرب الحرم الجامعي، فيما أغلقت متاريس رملية بعضها الآخر بحراسة مسلحين.
ولم ترد أنباء عن اشتباكات أو تبادل لإطلاق النار في هذه المناطق، بحسب إفادات جمعتها وكالة الصحافة الفرنسية.
عودة الهدوء
وسجل الوضع هدوءاً واضحاً، إذ عادت حركة المرور إلى طبيعتها في فترة ما بعد الظهر، بحسب مصور وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت جميلة رزق الله، عضو هيئة التدريس في جامعة طرابلس، "طُلب من المعلمين والموظفين والطلاب إخلاء الحرم الجامعي والمغادرة على الفور، وأغلقت الجامعة بسبب التوترات الأمنية في المنطقة المحيطة".
وبحسب وسائل إعلام محلية، قررت مدارس عدة في الأحياء نفسها جنوب العاصمة، كإجراء احترازي، إغلاق أبوابها.
ولاحقاً، قال رئيس الحكومة الانتقالية عبد الحميد الدبيبة، إن "أزمة الحشد العسكري وحالة الاحتقان التي شهدتها العاصمة طرابلس (اليوم) انتهت، بعد تدخل خيرين".
وأضاف الدبيبة على "تويتر"، "أن الحياة عادت إلى طبيعتها في العاصمة طرابلس"، داعياً إلى عدم الانجرار وراء الحرب.
"ضبط النفس"
وفي وقت سابق، عبرت الأمم المتحدة عن قلقها من "التطورات الأمنية" في طرابلس، داعية جميع الجهات الفاعلة إلى "ضبط النفس".
واعتبرت بعثة الأمم المتحدة، في بيان صحافي، أن هذه التحركات في طرابلس "تخلق حالة من التوتر، وتعزز خطر الصدامات التي قد تتحول إلى صراع".
وأضافت، "يتعين حل أي خلافات بشأن المسائل السياسية أو العسكرية عبر الحوار، لا سيما في هذه المرحلة، إذ تمر البلاد فيها بعملية انتخابية صعبة ومعقدة يرجى منها أن تؤدي إلى انتقال سلمي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ودعت البعثة الأممية جميع الجهات الفاعلة الليبية إلى "ممارسة ضبط النفس في هذه المرحلة الدقيقة، والعمل معاً لتهيئة مناخ أمني وسياسي يحافظ على تقدم ليبيا، ويمكِّن من إجراء انتخابات سلمية وعملية انتقال ناجحة".
وأشارت في ختام بيانها إلى أن المستشارة الخاصة للأمين العام بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز، تعمل حالياً مع الأطراف المعنية في البلاد لتحقيق هذا الهدف.
عدد لا يحصى من الجماعات
وتخضع العاصمة الليبية لسيطرة عدد لا يحصى من الجماعات المسلحة التابعة اسمياً لوزارتي الدفاع والداخلية في الحكومة المؤقتة.
وتحاول ليبيا منذ سقوط معمر القذافي عام 2011 تخليص نفسها من عقد من الفوضى، اتسمت في السنوات الماضية بوجود قوى متنافسة في شرق البلاد وغربها.
وتقرر تنظيم الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر، باعتبارها تتويجاً لعملية سلام برعاية الأمم المتحدة لإنهاء الانقسامات وعدم الاستقرار.
لكن عدم نشر القوائم النهائية للمرشحين والخلافات المستمرة بين المعسكرين المتنافسين يلقيان بظلال من الشك على إمكانية تنظيمها في الموعد المحدد، مع توقع إعلان تأجيلها رسمياً خلال الأيام المقبلة.
مرشحان رئاسيان يجريان محادثات مع حفتر
بدأ مرشحان للانتخابات الرئاسية من غرب ليبيا زيارة غير مسبوقة إلى بنغازي، شرق البلاد الثلاثاء حيث التقيا المشير خليفة حفتر، في وقت تمرّ البلاد بفترة حرجة قبل الانتخابات على خلفية انقسامات سياسية حادة.
وصل المرشحان، وهما وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا ونائب رئيس الوزراء السابق أحمد معيتيق، إلى مطار بنينا الدولي في بنغازي.
وباشاغا ومعيتيق من أبناء مدينة مصراتة الواقعة على بعد 200 كلم شرق طرابلس التي عُرفت بعدائها الصريح للمعسكر الشرقي الذي يقوده المشير حفتر.
وقال مستشار للمرشح باشاغا لوكالة الصحافة الفرنسية إن "البرنامج ينص على لقاءات مع نواب وزعماء سياسيين ورؤساء قبائل"، مبرراً هذه الزيارة بالرغبة بـ"تذليل العقبات التي تعترض طريق الانتخابات وإظهار إمكانية ذلك".
وأجرى المرشحان برفقة مرشحين عن الشرق وآخر عن الجنوب محادثات مع المشير خليفة حفتر الذي يسيطر بحكم الأمر الواقع على الشرق وجزء من الجنوب. ولم يُكشف الغرض من هذه المحادثات أو طبيعتها.
وأعلن فتحي باشاغا قبل انطلاق المحادثات مع حفتر "نريد كسر حاجز الانقسامات الأخير الذي يسود البلاد، ويجب على ليبيا أن تتوحد أيّاً كان الفائز في الانتخابات الرئاسية".
من جهته، قال أحمد معيتيق إن "المرشحين سيتوجهون بعد بنغازي إلى مدن أخرى في الشرق".
وتم في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي التوقيع على وقف إطلاق النار بين المعسكرين المتنافسين في الشرق والغرب، وأنهى الاتفاق الحرب التي شنّتها قوات حفتر على طرابلس وغرب ليبيا، واستمرت 15 شهراً وانتهت بانسحاب قواته إلى سرت منتصف عام 2020.
وأعقب ذلك تشكيل حكومة موحدة جديدة بداية 2021، في نهاية عملية بقيادة الأمم المتحدة، لإدارة المرحلة الانتقالية وتنظيم انتخابات رئاسية تقرّر إجراؤها في 24 من الشهر الحالي.
لكن قبل ثلاثة أيام من هذه الانتخابات الحاسمة، لم يعُد التأجيل موضع شك الآن بسبب الاختلافات في الأساس القانوني للاقتراع، وعدم إعلان قوائم المرشحين النهائية، في غياب إعلان رسمي عن الإرجاء.