على رغم التراجع الطفيف في أسعار النفط الخام بنهاية تعاملات آخر أيام الأسبوع الأول من العام الجمعة، إلا أنها أنهت الأسبوع على ارتفاع قوي مما جعل الأسواق تتوقع مزيداً من الارتفاع خلال عام 2022. وبعدما تجاوز سعر خام برنت القياسي حاجز 82 دولاراً للبرميل، أنهى تعاملات الأسبوع عند سعر 81.75 دولار للبرميل، بينما أغلق سعر الخام الأميركي الخفيف (مزيج غرب تكساس) عند 78.90 دولار للبرميل. ذلك مع تراجع المخاوف بشأن الوضع في طاجيكستان وتأثيره في إنتاجها من النفط، الذي يتراوح ما بين 1.6 و1.8 مليون برميل يومياً. إضافة إلى انخفاض إنتاج النفط الليبي من 1.3 مليون بريميل يومياً إلى 729 ألف برميل يومياً نتيجة أعمال الصيانة في خط أنابيب رئيسي.
لكن في المتوسط الأسبوعي، أضافت أسعار النفط زيادة كبيرة، إذ صعد سعر خام برنت بنسبة 5.2 في المئة بينما واصل سعر الخام الأميركي الخفيف انتعاشه بنسبة 5 في المئة خلال الأسبوع الأول من هذا العام. وعزا المحللون التراجع الطفيف في أسعار النفط الجمعة إلى صدور أرقام سوق العمل الأميركية لشهر ديسمبر (كانون الأول) نهاية الأسبوع، والتي جاءت أقل من التوقعات. وأضاف الاقتصاد الأميركي الشهر الماضي 199 ألف وظيفة فقط، بينما كانت توقعات السوق أن يزيد عدد الوظائف بنحو 400 ألف وظيفة.
وعلى رغم انخفاض المخزونات الأميركية من النفط الأسبوع الماضي، للأسبوع السادس على التوالي، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ سبتمبر (أيلول)، إلا أن القلق بشأن توسع الاقتصاد ضغط على أسعار الطاقة نزولاً كما يقول جون كيلدوف، من شركة "أغين كابيتال مانجمنت"، لوكالة "رويترز".
ويضيف كيلدوف: "وضعت أرقام التوظيف علامة استفهام كبيرة حول توقعات سوق النفط كما أن المخاوف من متحور أوميكرون عادت إلى السوق".
"أوبك+" والطلب العالمي
وعلى رغم قرار تحالف "أوبك+" مواصلة زيادة الإنتاج بعد التخفيض الكبير في الحصص عام 2020 نتيجة انهيار الطلب العالمي بسبب وباء كورونا، إلا أن المتعاملين في العقود الآجلة متفائلون بأن الطلب العالمي على الطاقة سيواصل الارتفاع بما يتجاوز العرض. وبحسب وكالة "رويترز" ارتفع إنتاج "أوبك" الشهر الماضي بنحو 70 ألف برميل يومياً على رغم أن الزيادة المتوقعة بحسب برنامج تحالف "أوبك+" تصل إلى 253 ألف برميل يومياً من دول "أوبك" وحدها.
وذكر تقرير لوكالة "بلومبيرغ" الأحد أن الارتفاع القوي في أسعار النفط في الأسبوع الأول من هذا العام يؤشر إلى أن أسعار النفط ربما تتجاوز حاجز 100 دولار للبرميل الذي توقعه المحللون في السوق وفي البنوك الاستثمارية الكبرى لعام 2022. وأشار تقرير "بلومبيرغ" إلى أن الطلب العالمي في تزايد، ليس فقط بسبب موجة البرد القارس في الشتاء الحالي وإنما قد يستمر ارتفاع الطلب مع عودة قوة التعافي الاقتصادي الذي تباطأ بسبب موجة متحورة "أوميكرون" من وباء كورونا. يضاف إلى ذلك ما يراه المتعاملون في العقود الآجلة للنفط من ضغط على مستويات الإنتاج من كندا وروسيا.
ويخشى أن تسهم الزيادة المضطردة في أسعار الطاقة عموما إلى استمرار ارتفاع معدلات التضخم، خاصة في اقتصادات الدول المستهلكة للطاقة. يقول مايكل تيران من "آر بي إس كابيتال مانجمنت" في مقابلة مع بلومبيرغ: "عادت موجة التفاؤل بارتفاع الأسعار مجددا فمع تحسن الطلب وانخفاض مستويات المخزونات واحتمالات قدرة "أوبك" على زيادة الانتاج أكثر، تشير كل المعطيات إلى مزيد من التفاؤل في السوق".
الطلب العالمي
ويشير تقرير "بلومبيرغ" إلى أن "أوبك" بدأت تتخلى عن تشاؤمها بشأن معدلات زيادة الطلب العالمي، بعدما كانت ترى أن هناك احتمالا بزيادة المعروض في السوق. وحسب "بلومبيرغ" تتوقع أوبك أن تكون الزيادة في العرض في الربع الأول من هذا العام في حدود 1.4 مليون برميل يوميا، وهو ما يقل بنسبة 25 في المئة عن توقعاتها السابقة. بينما تتوقع أوبك ارتفاع الطلب العالمي خلال العام 2022 بمعدل 4.2 مليون برميل يوميا ليتجاوز الطلب العالمي على النفط الخام حاجز 100 مليون برميل يوميا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورغم الضغط على المخزونات الأميركية، لم يرتفع عدد منصات الانتاج في الأسبوع الأخير سوى بمنصة واحدة ليصبح عند 481 منصة، وهو الرقم الأعلى منذ أبريل (نيسان) 2020. لكنه مع ذلك يظل أقل مما يمكنه مواجهة االزيادة في الطلب على الطاقة في الولايات المتحدة. كما أن موجة البرد الشديدة في كندا إلى حد التجمد تثير المخاوف بشأن انتاج كندا من النفط وامداداتها للسوق الأميركية، حسب ما جاء في التقرير.
ويذكر تقرير "بلومبيرغ" أن انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة وكندا لم يعد بعد إلى ما كان عليه قبل انهيار الأسعار في عز أزمة وباء كورونا، وحتى من قبلها. وعلى رغم ارتفاع الأسعار، الذي يشجع عادة منتجي النفط الصخري على معاودة زيادة الإنتاج، إلا أن المساهمين في تلك الشركات يضغطون عليها كي لا تعاود الضخ بكميات كبيرة. وتقول "بلومبيرغ" إن هؤلاء المساهمين لا يريدون أن يتعرضوا مجدداً للأزمة الخانقة والخسائر الهائلة التي تعرض لها قطاع النفط الصخري حين أغرق فائض الإنتاج السوق وهوت الأسعار.