حذر اقتصاديون من اتساع فجوة عدم المساواة في الثروات في بريطانيا بسبب الوباء بعد 14 عاماً من الاستقرار النسبي، وهو ما خالف الاتجاه السائد في عديد من البلدان الأخرى، حيث تتسع الانقسامات في شكل مطرد. وأظهرت بيانات من مكتب الإحصاءات الوطنية يوم الجمعة أن أغنى 10 في المئة من الأسر تمتلك 43 في المئة من إجمالي الثروة في بريطانيا بين أبريل (نيسان) 2018 ومارس (آذار) 2020. في المقابل كان النصف السفلي من السكان يملك 9 في المئة فقط من هذه الثروة.
ومع ذلك على مدى السنوات الـ14 الماضية ظل عدم المساواة في الثروة الذي يقاس بمعامل جيني (من المقاييس المهمة الأكثر شيوعاً في قياس عدالة توزيع الدخل القومي، تعتمد فكرته على منحنى لورنز، ويمتاز بأنه يعطي قياساً رقمياً لعدالة التوزيع) مستقراً إلى حد كبير، وفقاً لمكتب الإحصاء الوطني البريطاني.
وعلى عكس عديد من البلدان التي زاد فيها عدم المساواة في الثروة بين عامي 2000 و2019 بما في ذلك الولايات المتحدة وإيطاليا وروسيا والصين، وفقاً لتقديرات كريديت سويس خلال تلك الفترة ظل التفاوت في الثروة مستقراً إلى حد كبير أو انخفض في فرنسا وألمانيا.
وكشفت البيانات أيضاً، أن ثروة أغنى 1 في المئة من الأسر في بريطانيا العظمى تمتلك أكثر من 3.6 مليون جنيه سترليني (4.8 مليون دولار أميركي) لكل أسرة في المتوسط، أي 230 مرة أعلى من 15400 جنيه استرليني (20.9 ألف دولار أميركي)، أو أقل لمن هم أقل ثراءً الذين يمثلون 10 في المئة.
وقال آرون أدفاني، الأستاذ المساعد في جامعة وارويك، لـ"فايننشال تايمز"، "هذه نتائج مذهلة"، مضيفاً "أنه من المحتمل أن يتم التقليل من فجوة الثروة لأن الأغنياء هم أقل استعداداً للاستجابة للاستطلاع".
علاوة على ذلك، لم يتم تضمين الثروة المتأتية من ملكية الشركات في المسح، ما أدى إلى مزيد من التشويه.
وقال روبرت بالمر، المدير التنفيذي في "تاكس جستس يو كي أي"، وهي مؤسسة تعني العدالة الضريبية في المملكة المتحدة، "إنه حتى قبل أزمة فيروس كورونا "كان من الواضح أن عدم المساواة في الثروة راسخ".
من جانبه قال أشار كريشان شاه، الباحث في مؤسسة القرار البحثية، إلى أنه "مع محدودية الموارد المالية لحمايتهم من الصدمات الاقتصادية، كانت الأسر الأشد فقراً بلا شك في أسوأ وضعية ونحن نتجه نحو الوباء".
وتعتبر أحدث أرقام مكتب الإحصاء الوطني أشمل مجموعة من البيانات المتاحة حول توزيع الثروة، ولكنها لا تغطي فترة الوباء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نمو ثروات الأغنياء خلال الجائحة
في حين أظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني البريطاني المنفصلة التي صدرت الشهر الماضي أن إجمالي الثروة في المملكة المتحدة زاد خلال الأزمة، حيث حذر الاقتصاديون من عواقب وخيمة على المساواة في الدخل والحراك الاجتماعي.
وقال ديفيد ستوروك، الخبير الاقتصادي في معهد الدراسات المالية، "أدى النمو القوي في أسواق الأسهم العالمية وأسعار المنازل في المملكة المتحدة إلى مكاسب كبيرة في ثروة أصحاب المعاشات التقاعدية ومالكي المنازل، الذين يجلسون في الجزء الأوسط والجزء العلوي من توزيع الثروة".
وأضاف، "أن كثيراً من المدخرات المتراكمة خلال الوباء كانت من جانب الأسر ذات الدخل المرتفع، في حين أن ذوي الدخل المنخفض "سحبوا مدخراتهم وزادوا ديونهم".
وأظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني أن أغنى 1 في المئة يمتلكون متوسط أصول معاشات تقاعدية للأسر يبلغ حوالى مليوني جنيه استرليني (2.7 مليون دولار أميركي) في العامين السابقين حتى مارس (آذار) 2020. في حين أن أقل من نسبة 10 في المئة كانت تمتلك ثروة في الأصول المادية فقط مثل السيارات والأثاث.
ثروات الأسهم
وكانت الثروة المالية مثل تلك الموجودة في الأسهم لأغنى 1 في المئة أكبر من الثراء في أدنى 80 في المئة من السكان، وكشفت بيانات مكتب الإحصاء الوطني أيضاً عن اختلافات ملحوظة بين الفئات العمرية، حيث بلغ متوسط ثروة أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و65 سنة حوالى 25 مرة أعلى من أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 سنة، مما يعكس الاختلافات في الممتلكات وأصول المعاشات التقاعدية.
وكان متوسط الثروة في الجنوب الشرقي، المنطقة الأكثر ثراء 503.400 جنيه استرليني (684.3 دولار أميركي) أعلى بثلاث مرات من الشمال الشرقي، الذي يمتلك أدنى الأصول، حيث يبلغ 168.500 جنيه استرليني (229 دولار أميركي).
وفي لندن، كان متوسط ثروة الأسرة 340300 جنيه استرليني (362.6 دولار أميركي) أي أعلى بشكل هامشي من المتوسط الوطني، ولكن أقل بكثير من أغنى منطقة.
وهذا يعكس رأس المال الذي لديه أدنى معدل ملكية في البلاد، وانخفاض المشاركة في معاشات التقاعد الخاصة وانخفاض الثروة المتوسطة، في حين ظلت العاصمة لندن المنطقة الأكثر تفاوتاً في توزيع الثروة.