في وقت يسارع رجال السياسة في الجزائر إلى البحث عن مخرج للأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد، بدأت التحضيرات للموعد الرياضي "كأس أفريقيا للأمم" الذي ستحتضنه مصر ابتداء من 21 يونيو (حزيران) الحالي، على مدار شهر كامل، ما قد يؤثر في الحراك الشعبي، ويخفف من نشاطه وحيويته، خصوصاً في ظل التحفيزات التي تقدمها حكومة بدوي من أجل تسهيل تنقل الأنصار، إضافة إلى شغف الجزائريين بكرة القدم ونجوم فريقهم الوطني، غير أن تحقيق نتائج سلبية في مصر قد يلهب الحراك ويجعله يتمسك أكثر بضرورة رحيل كل رموز النظام بشعار" يتنحاو قاع".
رهان رياضي لـ "النظام المؤقت"
ويراهن "النظام المؤقت" في الجزائر على كأس أفريقيا للأمم لكرة القدم التي ستقام بجمهورية مصر، بعد حوالى 20 يوماً، والتي تكون بمشاركة الفريق الجزائري من أجل تهدئه الشارع وتخفيف الضغط السياسي للحراك، بعد أن يوجه بوصلته نجوم "الخضر"، عبر متابعة المباريات في الساحات العمومية كما جرت عليه العادة، إضافة إلى المتابعة العائلية، أو التنقل إلى مصر لتشجيع الفريق، وفي كل الحالات ستجذب مشاركة "الخضر" في كأس أفريقيا اهتمام شباب الحراك ولو بشكل مؤقت، ليخفت الصوت السياسي للشارع ويتحول إلى حديث رياضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وزير الرياضة يدفع لتنقل قوي للأنصار
وفي إطار تشجيع الشعب على الاهتمام بمشاركة فريقه الوطني، ومتابعة مقابلاته في كأس أفريقيا، تبحث الجهات المعنية عن تسهيل تنقلات الأنصار إلى مصر، وكذلك توفير كل الإمكانات لوضع المتابعين بالجزائر في ظروف ملائمة من خلال نصب الشاشات العملاقة في الساحات العمومية أو في الملاعب والمركبات الرياضية، وهو ما أشار إليه وزير الشباب والرياضة الجزائري رؤوف سليم برناوي، حين أوضح أن مصالحه الوزارية ستساعد الأنصار على التنقل إلى مصر لمؤازرة "الخضر" في النهائيات الأفريقية.
وتابع أنه من أجل دفع الأنصار إلى التنقل أو مزيد من الاهتمام، فإن المنتخب الجزائري لديه الإمكانات للتتويج بكأس أفريقيا للأمم، مضيفاً "وفرنا كل الإمكانات لوضع النخبة الوطنية في أريحية بهدف التألق خلال العرس القاري وتحقيق الانتصار تلو الآخر".
"رمز الحراك" يتحول إلى ساحة لمتابعة المباريات؟
وقال الإعلامي المهتم بالشأن الرياضي سفيان مهني في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إن التنقل إلى مصر سيكون قوياً، بحكم قرب المسافة التي تجعل التكاليف في المتناول، و كذلك إجراءات الحصول على التأشيرة سهلة مقارنة مع دول أخرى، إضافة إلى أن البلد عربي، وتابع أنه من المنتظر أن نشاهد عائلات جزائرية في الملاعب المصرية، حيث تستغل مشاركة "الخضر" من أجل قضاء العطلة والسياحة، مبرزاً أنه كلما تعلق الأمر بالمنتخب الوطني فإن الاهتمام سيتضاعف إلى أقصى الدرجات، وكل شيء يهون من أجل المنتخب في الجزائر، وعليه فإن القليل من سيهتم بالحراك.
أبواق الفتنة
وتابع مهني أنه في حال تأهل المنتخب الجزائري وملاقاته نظيره المصري، فإنه من المتوقع أن تتحرك أبواق الفتنة من أجل إشعال الفتيل، وتوجيه الحراك عن مساره، بمحاولة الدفع إلى التصادم بين الشعبين الجزائري والمصري، كما حدث في وقت سابق، وواصل أنه قد تتحول ساحة البريد المركزي "رمز الحراك"، إلى ساحة لمتابعة مباريات المنتخب الوطني الجزائري، معتقداً أن الحراك سيتراجع بسبب عدم حضور القاطنين من خارج العاصمة، الذين يفضلون البقاء في محافظاتهم ومتابعة الكأس الأفريقية، خصوصاً أن اللقاءات تقام ليلاً.
تسهيلات وإغراءات
وكشفت تقارير إعلامية جزائرية أن الاتحاد الجزائري لكرة القدم تلقى بلاغاً من نظيره المصري، يحدد فيه عدد التذاكر التي ستكون مخصصة للجماهير الجزائرية الراغبة في السفر إلى مصر من أجل تشجيع "الخضر" في هذه المنافسة، وتبين أن حصة المشجعين الجزائريين خلال المباريات الثلاث من الدور الأول بلغت 2100 تذكرة.
وفي السياق نفسه، شرعت الوكالات السياحية في التحضير لنقل جماهير المنتخب الجزائري، من خلال عروض مغرية، مثل إقامة في غرف ثنائية وثلاثية في فندق من ثلاث نجوم، لمدة أسبوعين، إضافة إلى تأشيرة الدخول، والنقل من المطار إلى الفندق ومن الفندق إلى الملاعب، بحوالى 12 مليون سنتيم، أي ما يعادل 100 دولار، بينما بلغت سفرية إلى مصر لمتابعة كل العرس الكروي الأفريقي، أي لمدة شهر كامل حوالى 160 دولاراً.
وكان السفير المصري في الجزائر أيمن مشرفة وعد بمنح المناصرين الجزائريين تسهيلات خاصة للحصول على تأشيرات دخول التراب المصري. ودعاهم للتنقل بقوة إلى مصر من أجل تشجيع منتخبهم الوطني، وكذلك القيام بالسياحة والاستجمام، متوقعاً أن يمنح 100 ألف تأشيرة هذه السنة للجزائريين.
أطراف الحراك تستثمر
ما يوحي إلى أن مشاركة الفريق الجزائري في كأس أفريقيا بمصر، قد تكون منعرج الحرك، إيجاباً أو سلباً، رد المدرب جمال بلماضي، على سؤال بخصوص الحراك الشعبي أنه "مثل الجميع، نحن من الشعب، وحقيقة أتمنى كل الخير للشعب الجزائري". وأوضح عبد النور بورومة أستاذ علم الاجتماع في جامعة الجزائر لـ"اندبندنت عربية"، أن الجزائري معروف بطبعه العصبي أو "النرفزة" في تعاطيه مع القضايا الوطنية، سواء في المجال الرياضي أو السياسي أو الثقافي أو التاريخي، وكان عديد المواقف والأحداث شاهداً على ذلك، وعليه، يمكن توقع تحول الحراك إلى فضاء للتشجيع الرياضي خلال كأس أفريقيا المقررة بعد 20 يوماً.
أضاف بورومة أن هذا الحدث الرياضي ستستثمر فيه كل أطراف الحراك، من السلطة القائمة أو المعارضة أو أبواق العصابة وأذرعها إلى الانفصاليين، وحذر من محاولات الدفع نحو الفوضى في حال تحقيق نتائج سلبية، من أجل الحصول على تبرير لإنهاء الحراك.