اندلعت أعمال شغب ومواجهات بين قوات الأمن ومواطنين أردنيين، بعدما قضت محكمة أمن الدولة بحبس نائب البرلمان المفصول أسامة العجارمة، 12 عاماً بالأشغال المؤقتة. وأفادت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية "بترا" بأن الحكم صدر في جلسة علنية، وتقرر حبس بقية المتهمين مع الأشغال المؤقتة لمدة راوحت بين سبعة وثمانية أعوام.
ويتوقع أن يتم تخفيض الحكم الصادر بحق العجارمة، لامتصاص غضب عشيرته، وتعتبر الأحكام الصادرة عن محكمة أمن الدولة غير قطعية وقابلة للطعن أمام محكمة التمييز.
ويصف مراقبون توقيت الحكم الذي صدر، الأربعاء 26 يناير (كانون الثاني)، بأنه مدروس لتزامنه مع دخول البلاد عاصفة ثلجية ستمنع المحتجين من النزول إلى الشارع، فضلاً عن قرار سابق للحكومة بتعليق الدوام في مختلف أنحاء المملكة بعد الساعة الـ 12 ظهراً بالتوقيت المحلي استعداداً للأجواء الصعبة التي ستشهدها البلاد.
إساءة للملك الأردني
وقبل نحو سبعة أشهر، أثار العجارمة الجدل على خلفية تصريحات وصفت بأنها مسيئة للملك الأردني عبدالله الثاني، وتحمل في طياتها تهديدات مباشرة له، ما تسبب بفصله من مجلس النواب، لتنطلق بعدها أحداث شغب واشتباكات غير مسبوقة مع الدرك والأمن، بخاصة في المناطق التي تقطنها قبيلته التي تُعدّ إحدى أكبر القبائل الأردنية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتسبب العجارمة في حينه بما وصف بأنه أكبر تمرد وعصيان عشائري في الأردن، بعد أن تفاعلت قضية احتجاجه تحت قبة البرلمان على "تسييس" قطع التيار الكهربائي في البلاد، ليتم تحويله إلى محكمة أمن الدولة بتهمة الإخلال بالسلم الأهلي. واعتبر العجارمة في حينه أن انقطاع التيار كان "متعمداً"، لمنع مسيرات تضامنية للعشائر مع فلسطين في ظل "العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة".
تضامن كبير
ومع سطوع نجم العجارمة في البرلمان، حظي بتضامن كبير على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن الأمر تحوّل لاحقاً إلى أكثر من مجرد نائب ناشط، بعد دعوة صريحة للتمرد والانقلاب على الدولة، بحسب مراقبين، وتوتير العلاقة التاريخية بين العشائر والنظام في الأردن.
ودأب النائب العجارمة بعد قرار تجميد عضويته إلى الظهور بطريقة اعتبرت مستفزة للحكومة ولا تخلو من الرسائل السياسية والأمنية، وقام بحشد آلاف من أنصاره من عشيرته وعشائر أردنية أخرى في بيوت شعر للدلالة على تاريخ القبائل الأردنية، وتوسط العجارمة أنصاره مرتدياً الأسلحة النارية وشاهراً سيفه خلال خطابات، فُهم منها أنها دعوة للتمرد والخروج على النظام.
توتر مع العشائر
وظلت العلاقة بين عمان والعشائر طوال أعوام إيجابية وقوية، بموجب عقد اجتماعي غير مكتوب تم إقراره عند تأسيس الدولة، لكن منذ سنوات تشكو العشائر الأردنية من إقصاء متعمد ومحاولات لطمس هويتها وإبعادها عن مراكز صنع القرار عبر إحلال تيار ليبرالي بات يتحكم في معظم مفاصل الدولة.
وتقول قبيلة العجارمة، إحدى أقدم وأكبر العشائر الأردنية، أن ولاءها للنظام الأردني مطلق، لكنها ترى أنه لا بد من الإصلاح السياسي منعاً لأي تأزيم، وبدأت العلاقة بين الدولة والعشائر بالتراجع منذ نحو عقدين، مع توجه المملكة نحو تحولات اقتصادية واجتماعية كالخصخصة ووقف ريعية الدولة.