يشهد قطاع غزة طفرة في ارتفاع عدد المواليد الجدد، إذ سجلت الجهات الحكومية خلال عام 2021 المنصرم، ولادة نحو ربع مليون طفل، وأدى ذلك إلى رفع عدد السكان بشكل سريع، في ظل واقع مأساوي يعيشه أهالي القطاع الذين يبحثون عن أدنى فرصة عمل لتوفير لقمة العيش لأطفالهم.
وبحسب الإحصائية السنوية الصادرة عن دائرة الأحوال المدنية في وزارة الداخلية في غزة، فإن عدد سكان القطاع بلغ مليونين و313 ألفاً و747 نسمة، مع نهاية عام 2021، بزيادة تقارب ربع مليون نسمة عن عام 2020، ويعيش هؤلاء على مساحة لا تزيد على 356 ألف كيلومتر.
الأعلى كثافة سكانية
ويعد القطاع من أعلى المناطق في العالم من حيث الكثافة السكانية عند مقارنتها مع مساحته الجغرافية، ويعتقد المختصون في الديمغرافيا (علم الجغرافيا البشرية) أن زيادة أعداد المواليد في غزة تنذر بكارثة سكانية بعد عشر سنوات، في ظل نقص المواد وضيق مساحة القطاع.
وأشارت هيئة الأمم المتحدة في تقريرها الأخير حول الأوضاع في غزة بأن القطاع بات منطقة منكوبة، وغير صالح للحياة مع نهاية عام 2020، في ظل نقص شديد في الموارد الحياتية والمائية، وانعدام فرص إيجاد حلول عملية تساهم في وقف التدهور المعيشي للسكان والبيئي للطبيعة.
وبحسب بيانات جهاز الإحصاء الفلسطيني (مؤسسة حكومية)، فإن الأطفال يشكلون نسبة 49 في المئة من إجمالي سكان غزة، ويبلغ عدد الأطفال دون عمر 18 أكثر من 950 ألف نسمة، بينهم 300 ألف أعمارهم لا تزيد على أربع سنوات.
وسجلت دائرة الرعاية الأولية في وزارة الصحة الفلسطينية أن عام 2021 الأعلى في نسبة الولادات على مدار السنوات العشر الماضية وخلاله بلغت نسبة الولادات نحو ربع مليون طفل تقريباً، ويليه عام 2018 الذي سجل فيه ولادة نحو 60 ألف طفل.
يُقدّر عدد الأطفال دون 18 سنة، وفق إحصاء الربع الأوّل للعام 2019، بأكثر من 900 ألف، رُصد منهم 5.5 في المئة عمالاً سواء بأجر أم من دون أجر. وارتفعت نسبة الأطفال الفقراء من 27 في المئة عام 2011 إلى 31 في المئة عام 2019، وبلغ عدد الأطفال الفقراء 645 ألفاً، بواقع 53 في المئة في قطاع غزة.
4500 مولود شهرياً
يقول مدير وحدة نظم المعلومات الصحية هاني الوحيدي، إن المعدل الشهري للمواليد في غزة يصل إلى 4500 مولود، وفقاً لمؤشرات مركز المعلومات الصحية، ومن بين المواليد عادة ما يكون هناك 51.3 في المئة من الذكور، ونحو 48.3 في المئة إناث.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويوضح الوحيدي أن هناك عدداً من المستشفيات الخاصة بالأطفال في مدينة غزّة، أما في المحافظات الأخرى فلا يوجد مستشفيات متخصصة، وتقدم وزارة الصحة في غزة إلى جانب مقدمي الخدمات الصحية خدمة معقولة للمواليد، على الرغم من أنها تعاني من نقص حاد في الأدوية الخاصة بالأطفال.
وتبلغ نسبة الوفيات بين الأطفال دون سنة، وفق وحدة نظم المعلومات الصحية في غزة، نحو 10.7 لكل 1000 ولادة. وهذا المؤشر مقبول مقارنة بالدول المجاورة، وهو قريب من مؤشر الوفيات في إسرائيل.
ويشير الوحيدي إلى أن أقل عمر إنجاب عند السيدات في غزة يكون عند 15 سنة ويكون 3 في المئة من هذه الفئة حاملاً بما يسمى الحمل الخطر، بينما أعلى نسبة إنجاب عند المتزوجات في عمر 25 سنة بنسبة خصوبة تصل إلى 33.7 في المئة، لافتاً إلى أن الولادات الجديدة عادة ما تكون للأمهات تصنيف ربة منزل بنسبة 94 في المئة، وعادة ما يكون الأب يعمل بنسبة 50 في المئة للمواليد الجدد.
الزواج المبكر وانعدام فرص العمل
وتعزو الاختصاصية الاجتماعية عروب جملة الزيادة الهائلة في أعداد المواليد إلى الزواج المبكر وعدم وجود فرص عمل للوالدين، وتلفت إلى أنّ الفلسطيني يعتقد أنّ الإنجاب قهر للإسرائيلي ومرتبطٌ بالدين، ويتجاهل ربّ الأسرة صعوبات تربية الأطفال والجوانب الاقتصادية ونفقات الأطفال.
وتشير جملة إلى أنّ الحالة النفسية التي يعيشها سكان القطاع بسبب الأوضاع القاسية، ووجود الفراغ الناجم عن عدم توافر فرص عمل، تعد عاملاً مساهماً في تسجيل الأرقام العالية من الولادات. وبحسب الإحصاءات الأخيرة فإن نسبة البطالة في قطاع غزّة تبلغ نحو 85 في المئة، والغالبية من المتزوجين ومن لديهم أسر.
وبحسب الوحيدي فإن وزارة الصحة بالتعاون مع منظمات دولية، نظمت حملات توعية وفحوصات للأمهات في شأن تنظيم الإنجاب، وتمنح الوزارة الأمهات عقاقير علاجية خاصة بتنظيم الأسرة، لكن هناك نقصاً في الأدوية التي لها علاقة بتنظيم الأسرة، بسبب منع الجانب الإسرائيلي إدخالها. ومن ضمن الممنوعات العازل الذكري.
ومن جانبه، يقول أسامة أبو عيطة مدير مكتب غزة لصندوق الأمم المتحدة للسكان إنهم يولوا الصحة الإنجابية أهمية كبيرة، من خلال العمل على تقليص نسبة وفيات الأمهات أثناء الولادة، والتوعية على الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة، من خلال العمل مع وزارة الصحة ومؤسسات المجتمع المدني.
ويعتبر أبو عيطة أن ظاهرة زواج الفتيات القاصر تستحق الاهتمام والمعالجة، من خلال التثقيف ورفع السن القانونية، وبمشاركة وزارتي التربية والتعليم والصحة، والمؤسسات الأخرى.