ذاكرة الشعب العماني مليئة بالكوارث الطبيعية التي شهدتها البلاد على مدار السنوات الماضية، من عواصف الأمطار وارتفاع منسوب مياه البحر وجريان السيول الجارفة، التي تسببت في غرق بعض مدن السلطنة بين عامي 2015 و2019، إضافة إلى الكوارث الأخيرة كـ"إعصار شاهين" و"أخدود العزم" اللذين تسببا في حدوث الفيضانات وخسائر مادية وبشرية كبيرة لا حصر لها.
وتم تصنيف سلطنة عمان في المرتبة الأولى في قائمة أكثر الدول الخليجية تسجيلاً للهزات الأرضية خلال العام الماضي، إذ سجلت 35 هزة أرضية أغلبها خفيفة خلال العام الماضي فقط، وهي متأثرة بالنشاط الزلزالي في نطاق منطقة بندر عباس الإيرانية.
الأعلى خليجياً
وصنفت مخاطر الزلازل في سلطنة عمان بـ"المعتدلة"، وفقاً لتقرير نشره مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث، مشيراً إلى أن خرائط تقييم المخاطر الزلزالية الحتمية تشير إلى أن نشاط الخطر الزلزالي الأعلى نسبياً في الجزء الشمالي الشرقي من البلاد.
وبحسب التقرير، تحل السلطنة المرتبة الأولى خليجياً في تسجيل الهزات الأرضية خلال العام الماضي، تليها دولة الإمارات، إذ سجلت 15 هزة أرضية خلال العام الماضي، وتتأثر البلاد بالنشاط الزلزالي في منطقة بندر عباس أيضاً.
وتأتي دولة الكويت في المرتبة الثالثة، إذ سجلت في أغلب محافظاتها 3 هزات أرضية شعر بها السكان خلال العام الماضي، هذا التواتر في الهزات خلال عام واحد لم تشهده الكويت منذ نحو 6 سنوات، كون الدولة تقع في الجنوب الغربي من حزام "زاغروس" القادر على إحداث زلازل قوية تصل قوتها إلى 7.5 درجة.
أما السعودية، فتأتي في المرتبة الرابعة، إذ سجلت هزتين أرضيتين خلال العام الماضي، وهي متأثرة بالنشاط الزلزالي بمنطقة بوشهر الإيرانية. وهناك سبب آخر لحدوث الزلازل المفاجئة أو النادرة، وهو تراكم إجهاد الصفائح التكتونية الإقليمية واسعة النطاق التي تضغط على تصدع البحر الأحمر.
أما المرتبة الخامسة، فتحتلها مملكة البحرين، وصنف خطر حدوث زلزال بالمنخفض للغاية، وسجلت هزة واحدة خلال العام الماضي، وهي متأثرة بشكل محدود بالنشاط الزلزالي بمنطقة بوشهر أيضاً. أما دولة قطر، فتحتل المرتبة الأخيرة كأقل دول الخليج تعرضاً لهزات أرضية، إذ لم تسجل أي هزة خلال العام الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح التقرير أن هناك فرصة لحدوث الزلازل في كل من السعودية وعمان والإمارات والكويت بنسبة 10 في المئة، ويحتمل أن يتسبب في أضرار خلال الـ50 عاماً المقبلة، فيما تصل نسبة فرصة حدوث الزلازل في كل من مملكة البحرين ودولة قطر إلى أقل من 2 في المئة.
تكييف البنيان
وشدد التقرير الصادر من مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث على ضرورة مراعاة مخاطر النشاط الزلزالي في جميع مراحل المشروعات المعمارية في دول الخليج أثناء التصميم والبناء، إذ إن المباني العمودية والكثافة السكانية في المدن قد تفرض تحديات طبيعية صامتة وتغيرات جيولوجية مفاجئة.
وكشف التقرير أن النشاط الزلزالي خطره قد يتسارع في المنطقة العربية بخاصة في الشرق الأوسط خلال الأربعين عاماً المقبلة، وعلى البلدان ألا تتساهل في تطبيق شروط صارمة لمعايير سلامة البنى التحتية والمباني العمودية، والأخذ في عين الاعتبار مخاطر وكوارث طبيعية كالأنشطة الزلزالية والهزات الأرضية والفيضانات، التي باتت احتمالاتها وتداعياتها المستقبلية مقلقة رغم ضعف قوتها حالياً.
وأوصى التقرير دولة الإمارات بأن "المباني المكونة من خمسة طوابق أو أكثر، ينبغي أن تطبق معايير الأمان والمخاطر الزلزالية في التصميمات الهندسية"، كما أوصى بمراعاة مخاطر النشاط الزلزالي في جميع مراحل المشروعات المعمارية، بخاصة أثناء التصميم والبناء في كل من السعودية وسلطنة عمان ودولة الكويت.
وأكد أنه على الحكومات الخليجية التنبه وزيادة تكييف مخططات التنمية المستقبلية مع هذه المخاطر، لتلافي نقاط الضعف في البنى التحتية وتقليص التركز العمراني والاكتظاظ في المدن والعواصم، وزيادة الإقبال على السكن خارج دوائر المدن المكتظة، وإعادة النظر في المخططات العمرانية المستقبلية بحيث يُعاد توزيع التوسع العمراني من أجل تخفيف التركيز في المدن والعواصم.