أكدت نائبة وزير الدفاع الأوكراني غانا ماليار أن القوات الروسية المحتشدة على حدود بلادها ليست جاهزة لاجتياح وشيك لبلادها، الأمر الذي يخشاه الغربيون، لكنها تُستخدم لـ"ابتزاز" يمارسه الكرملين. وقالت ماليار، "نرى حشداً للقوات المسلحة، ولكن ليس هناك تدريب لوحدات هجومية، لا نرى إعداداً لبنى تحتية ضرورية لتصعيد فوري"، واعتبرت في مؤتمر صحافي على خط الجبهة بين الجنود الأوكرانيين والانفصاليين الموالين لموسكو في شرق أوكرانيا أن "روسيا تتوسل حشد القوات لممارسة ضغوط سياسية وابتزاز". ورأت أن هدف موسكو هو "تدمير التحالفات السياسية والأمنية بين الغربيين"، وكرّرت موقف بلادها القائل إن "الحرب الروسية - الأوكرانية بدأت في 2014" حين استولى متمردون تدعمهم روسيا على مساحات شاسعة من الأراضي، شرق أوكرانيا، بعيد ضم موسكو لشبه جزيرة القرم في الجنوب.
عقوبات صارمة
وكان المستشار الألماني أولاف شولتس قال إن موسكو فهمت أن الغرب يقف صفا واحدا في تصميمه على فرض عقوبات صارمة في حال غزت روسيا أوكرانيا، لكنه أشار إلى أن الوضع لا يزال متوتراً، وأضاف شولتس في مؤتمر صحفي بعد محادثات مع رئيسة الوزراء الدنمركية مته فريدريكسن، "من السابق لأوانه القول إن المشكلات تم حلها. إنها مشاكل خطيرة للغاية وستظل قائمة لبعض الوقت، لذلك فهي تستحق اهتمامنا"، وقال شولتس إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي يعملون بشكل منسق بشأن العقوبات المحتملة، والتي يتم إعدادها بعناية بالغة.
إلى ذلك، أعلنت أوكرانيا، الأربعاء، أن المساعي الدبلوماسية الأوروبية الهادفة إلى منع الغزو الروسي تؤتي ثمارها، لكن الوضع "لا يزال متوتراً".
وقال وزير الخارجية دميترو كوليبا للصحافيين بعد محادثات مع نظيره الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، "الوضع لا يزال متوتراً لكن تحت السيطرة، والدبلوماسية تستمر في خفض التوترات".
أوكرانيا تطالب بعقوبات وقائية
وأضاف، "الطريقة التي تستجيب من خلالها العائلة الأوروبية الأكبر لهذه الأزمة، ستحدد مستقبل الأمن الأوروبي وأمن كل دول أوروبية على حدة".
وجاءت تعليقات كوليبا في أعقاب جولة دبلوماسية مكوكية بدأها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بين موسكو وكييف وواصلها في برلين.
وتسعى أوكرانيا إلى التقليل من أهمية الحديث عن احتمالات نشوب حرب، لما لذلك من تأثير سلبي على مناخ الاستثمار والمزاج العام في البلاد. لكنها دعت في الوقت نفسه إلى فرض عقوبات وقائية على روسيا بهدف معاقبتها على دورها في النزاع المستمر منذ ثمانية أعوام في الشرق الانفصالي لأوكرانيا.
وقال كوليبا، "من دون مبالغة، تسعى روسيا إلى الانتقام لخسارة الاتحاد السوفياتي الحرب الباردة، ولهذا نتحدث اليوم حول الدفاع عن كامل الهندسة الأمنية لأوروبا".
وأضاف، "موقف أوكرانيا هو أنه خلال السنوات الماضية عكفت روسيا على الانتهاك وبشكل خطر للقانون الدولي واتفاقات مينسك المتعلقة بتسوية النزاعات الانفصالية، ولهذا السبب يجب أن تعاقب بفرض عقوبات".
وتابع، "هذه العقوبات مصممة بطريقة تجعلها تفرض في حال حدوث موجة جديدة من التصعيد أو أي عدوان روسي مسلح تجاه أوكرانيا".
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن كييف في حاجة إلى اتخاذ إجراء ضد روسيا قبل شنها أي هجوم.
وواصل كوليبا أن روسيا انتهكت بالفعل القانون الدولي، وإن ذلك يعد مسوغاً لفرض عقوبات، مشيراً بذلك إلى إصدار جوازات سفر روسية لبعض المواطنين الأوكرانيين في منطقتين انفصاليتين شرق أوكرانيا.
وأردف وزير الخارجية الأوكراني، "بعض العقوبات كان يمكن فرضها في وقت سابق، والآن أيضاً من أجل إظهار الجدية والاستعداد لعمل حاسم".
مؤشرات إيجابية
من جانبه قال الكرملين، الأربعاء، إن هناك "مؤشرات إيجابية" في شأن تسوية للأزمة الأوكرانية، عقب لقاء الرئيسين الفرنسي والأوكراني في كييف.
والتقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، وسط مساع دبلوماسية أوروبية تهدف إلى تبديد المخاوف إزاء احتمال قيام موسكو بغزو أوكرانيا.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين، "برزت مؤشرات إيجابية على أن الحل لأوكرانيا يمكن أن يستند فقط إلى الالتزام باتفاقات مينسك" الموقعة عام 2015 بين كييف والانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا.
لكنه أضاف أن ليس هناك مؤشر من زيلينسكي إلى أن السلطات الأوكرانية مستعدة "للإسراع في القيام بما كان ينبغي على كييف القيام به منذ فترة طويلة". وتابع بيسكوف، "لذا هناك مؤشرات إيجابية ومؤشرات أقل إيجابية".
طلبت روسيا من بريطانيا، الأربعاء 9 فبراير (شباط)، الكف عن الكلام في شأن العقوبات عند ذهاب وزيري خارجيتها ودفاعها إلى موسكو لإجراء محادثات تأتي وسط توتر متعلق بأوكرانيا، وإلا ستواجه احتمال اختصار هذه الاجتماعات.
ومن المقرر أن يسافر وزير الدفاع بن والاس ووزيرة الخارجية ليز تروس إلى موسكو هذا الأسبوع في ظل أزمة مرتبطة بحشد قوات روسية قرب حدود أوكرانيا أثارت مخاوف من أن تكون موسكو تستعد لشن هجوم عليها.
وتنفي روسيا عزمها ذلك، وقدمت مجموعة مطالب أمنية للغرب تشمل اعتراضاً رسمياً على أي ضم محتمل لأوكرانيا في حلف شمال الأطلسي. وتهدد حكومات غربية بفرض عقوبات على موسكو إذا ما غزت أوكرانيا.
وذكرت وكالة "تاس" للأنباء، أن السفير الروسي لدى لندن أندري كلين قال، إن موسكو مهتمة بالمحادثات إذا ما كانت لدى بريطانيا اقتراحات بناءة للرد على مطالبها الأمنية.
وأضاف "إذا كانوا قادمين إلى روسيا لتهديدنا مجدداً بالعقوبات، فالأمر بلا معنى بالمرة. نحن نقرأ كل شيء ونرى كل شيء، نعلم ونسمع. في هذه الحالة سيكون الحوار والحديث في موسكو موجزاً جداً".
واشنطن مهتمة
أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأربعاء، أن احتمال غزو روسيا أوكرانيا هو "صلب" اهتمامات حكومة بلاده.
واللافت أن هذا التصريح جاء خلال توجه بلينكن إلى أستراليا لحضور الاجتماع الرابع لوزراء خارجية تحالف "كواد" الرباعي، الهادف إلى تعزيز الشراكة مع الهند وأستراليا واليابان في مواجهة تصاعد قوة الصين الاقتصادية والعسكرية.
وشدد بلينكن على أن "الأهمية" التي توليها واشنطن لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في مواجهة تحدي الصين، لا تزال قائمة على الرغم من المستجدات الكبيرة في السنوات الماضية في أزمات في الشرق الأوسط وفي شرق أوروبا الآن.
وبدأ بلينكن زيارته إلى أستراليا بعد ساعات على مؤتمر صحافي في واشنطن مع كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي سعى لإظهار جبهة موحدة في مواجهة التهديد الذي يمثله حشد ما يقدر بـ140 ألف عسكري روسي عند الحدود الأوكرانية.
وقال بلينكن، الاثنين، في مؤتمر صحافي، إن ما تدلي به بلاده "ليس تهويلاً، إنها بكل بساطة حقائق".
ألمانيا وفرنسا وبولندا "موحدة" لتجنب حرب
أكدت فرنسا وألمانيا وبولندا أنها "موحدة" في سبيل "تجنب اندلاع حرب في أوروبا"، وذلك خلال جولة دبلوماسية مكوكية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قادته، مساء الثلاثاء، إلى برلين بعد أن زار كلاً من موسكو وكييف.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتيز، الثلاثاء، إن برلين "موحدة" مع باريس ووارسو حول هدف المحافظة على السلام في أوروبا، فيما شدد الرئيس البولندي أندريه دودا على أن تجنب حرب في أوروبا أمر ممكن.
وجاء اللقاء في برلين حيث اجتمع شولتيز مع الرئيس البولندي ورئيس فرنسا في ختام يومين زار خلالهما ماكرون كلاً من كييف وموسكو.
وقال دودا "علينا إيجاد حل لتجنب اندلاع حرب. كما سبق أن قلت، هذه مهمتنا الرئيسة. أعتقد أننا سنحققها"، فيما شدد ماكرون على ضرورة "إيجاد طرق ووسائل معاً للانخراط في حوار حازم مع روسيا"، مشدداً على أن هذا هو "المسار الوحيد لتحقيق السلام في أوكرانيا".
وتضغط موسكو على كييف لتقديم تنازلات لمتمردين مدعومين من روسيا في الشرق الأوكراني يخوضون معارك في مواجهة القوات النظامية منذ عام 2014 في إطار نزاع أودى بأكثر من 13 ألف شخص.
تعهد مزدوج
في كييف أعلن ماكرون الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي أنه انتزع من أوكرانيا وروسيا "تعهداً مزدوجاً" باحترام اتفاقيات مينسك للسلام التي أبرمت عام 2015 بشأن النزاع في شرق أوكرانيا.
وقال ماكرون في مؤتمر صحافي مشترك أعقب محادثاته مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، "لا يمكننا التقليل من شأن لحظة التوتر التي نعيشها".
وتابع، "لا يمكننا حل هذه الأزمة عبر عقد محادثات على مدى بضع ساعات... ستسمح لنا الأيام والأسابيع والشهور المقبلة بتحقيق تقدم". وأكد الرئيس الفرنسي، أنه يرى إمكانية للمضي قدماً باتجاه خفض حدة التوتر مع روسيا بشأن أوكرانيا.
وأعلن ماكرون، الثلاثاء، أنه حصل من نظيره الروسي فلاديمير بوتين أثناء محادثاتهما، على تأكيد "بعدم حصول تدهور أو تصعيد" في الأزمة بين روسيا والغرب حول أوكرانيا.
بدوره، أعرب زيلينسكي عن أمله في أن يمهد اجتماع مرتقب، الخميس، في برلين لكبار المسؤولين الطريق لقمة تجمع قادة كل من: روسيا، وأوكرانيا، وفرنسا وألمانيا بهدف إعادة إحياء خطة السلام المجمدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لقاء ماكرون - بوتين
كان ماكرون أول رئيس لدولة غربية يلتقي بوتين منذ تصاعد التوتر في ديسمبر (كانون الأول). ويلتقي المستشار الألماني أولاف شولتيز بدوره بوتين في موسكو في 15 فبراير (شباط) بعد محطة له في كييف أيضاً.
وقال بوتين، الذي طالب حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة بضمانات أمنية واسعة، بعد محادثاته مع ماكرون، إن موسكو "ستبذل كل ما في وسعها لإيجاد تسويات تناسب جميع الأطراف".
وأشار إلى أن مقترحات تقدم بها ماكرون بإمكانها أن "تشكل أساساً لخطوات إضافية" باتجاه تخفيف حدة الأزمة المرتبطة بأوكرانيا، من دون أن يقدم تفاصيل. لكنه لم يتطرق إلى ما الخطوات التي يعتزم اتخاذها بشأن عشرات آلاف الجنود الروس المنتشرين عند حدود أوكرانيا.
وندد بوتين مجدداً برفض الدول الغربية الموافقة على شرطه وقف توسع حلف شمال الأطلسي شرقاً وسحب جنوده ومنشآته العسكرية من أوروبا الشرقية، نافياً أن يكون هدد أوكرانيا.
وأعلنت الرئاسة الفرنسية، أن بوتين وافق على البحث في مقترحات قدمها ماكرون. كذلك أشار قصر الإليزيه إلى تعهد الجانبين "عدم إطلاق مبادرات عسكرية جديدة، ما من شأنه التهيئة لاحتواء التصعيد".
انفراج وليس معجزة
اعتبر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الثلاثاء، أن زيارة الرئيس إلى روسيا حملت معها "عنصر انفراج" في الأزمة بين الغرب وموسكو بشأن أوكرانيا، لكنها لم تحقق أي "معجزة".
وقال بوريل للصحافيين في ختام زيارته إلى واشنطن "ما دام هناك استعداد للجلوس إلى طاولة المفاوضات والتحاور، أعتقد أنه سيكون هناك أمل في عدم الدخول في مواجهة عسكرية".
وأضاف أن زيارة ماكرون إلى روسيا، الإثنين، واجتماعه مع نظيره الروسي شكلت "إشارة إيجابية" و"مبادرة جيدة"، قائلاً "أعتقد أنها تشكل عنصر انفراج"
لكن بوريل على الرغم من تفاؤله قال، إن المشكلة "لم تحل بعد".
وأضاف أن "زيارة الرئيس ماكرون لموسكو كانت مهمة، لكنها لم تحقق معجزة"، مع عدم وجود إشارات بخفض التصعيد من قبل روسيا.
وقال، إن أهم شيء بالنسبة إلى السلطات الروسية ليس أوكرانيا، ولكن "الهندسة الجديدة للأمن في أوروبا"، مضيفاً أنهم "يعارضون هذه الهندسة".
وأضاف بوريل "أنهم يمارسون ضغوطاً على أوكرانيا من أجل التفاوض على شيء مهم بالنسبة إليهم وهو توسع حلف شمال الأطلسي والمخاوف الأمنية لديهم".
"خطوط حمر"
وحددت كييف، الإثنين، ثلاثة "خطوط حمر" تقول، إنها لن تتجاوزها من أجل التوصل إلى حل وهي: عدم تقديم أي تنازلات في ما يتعلق بسلامة الأراضي الأوكرانية وعدم الخوض في أي محادثات مباشرة مع الانفصاليين وعدم السماح بأي تدخل في سياستها الخارجية.
عسكرياً تعهدت روسيا سحب قواتها المنتشرة في بيلاروس في إطار مناورات عسكرية تنتهي في فبراير. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيكسوف، إن "أحداً لم يقل إن القوات الروسية ستبقى في بيلاروس".
وواصلت موسكو، الثلاثاء، تعزيز قواتها قرب أوكرانيا، وأعلنت أن ست سفن حربية في طريقها من البحر المتوسط إلى البحر الأسود للمشاركة في مناورات بحرية دولية مقررة مسبقاً.
في المقابل، قال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف لقناة تلفزيونية محلية، إن كييف تخطط لإجراء تدريبات خاصة بها تستخدم خلالها صواريخ مضادة للمدفعية زودها بها الغرب وطائرات قتالية مسيرة تركية، وذلك رداً على التدريبات الروسية- البيلاروسية.
وأرسلت الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة تعزيزات عسكرية إلى أوروبا. ووصلت دفعة أولى من العسكريين الأميركيين قوامها مئة جندي إلى رومانيا.