باتت التحديات التي تواجهها البشرية في مكافحة الاحترار "أكبر من أي وقت مضى"، هذا ما قاله رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، هوسونغ لي، الاثنين 14 فبراير (شباط)، خلال اجتماع شارك فيه 195 بلداً لوضع اللمسات الأخيرة على تقرير قاتم عن تداعيات التغير المناخي.
وبعد أكثر من قرن ونصف القرن من التنمية الاقتصادية عبر الوقود الأحفوري، ارتفعت حرارة الأرض قرابة 1.1 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية. ما ضاعف موجات الحر والجفاف والعواصف والفيضانات المدمرة.
وفي الجزء الأول من تقريرها الذي نشر في أغسطس (آب) الماضي، قدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن درجة الحرارة ستصل في 2030، أي قبل عشر سنوات مما كان متوقعاً، عتبة +1.5 درجة مئوية، الهدف الأكثر طموحاً لـاتفاق باريس.
وقبل الجزء الثالث المقرر إصداره في أبريل (نيسان) بشأن حلول لخفض انبعاثات غازات الدفيئة، يبحث الجزء الثاني الذي تبدأ المفاوضات حوله الاثنين، في تأثيرات الاحترار وطرق الاستعداد له (التكيف).
ويفترض أن يسهم هذا الجزء في تقليل تداعياته في القارات كلها وعلى كل الأصعدة: الصحة والأمن الغذائي ونقص المياه ونزوح السكان وتدمير النظم البيئية.
وقال لي في بث مباشر عبر الفيديو إن "الحاجة إلى تقرير مجموعة العمل 2 لم تكن يوماً كما هي عليه الآن، لأن التحديات الآن هي أكبر من أي وقت مضى".
بينما أعلن رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس، أن "نحو 4.5 مليار شخص على هذا الكوكب واجهوا كارثة مرتبطة بظاهرة جوية في العشرين عاماً الماضية". وتابع "نحن نعزز الغلاف الجوي بالوقود الأحفوري"، مقارناً النتيجة بـ"الأداء المعزز" للرياضيين الأولمبيين الذين استخدموا منشطات محظورة.
الحياة ستتغير
وأظهرت نسخة أولية من هذا النص حصلت عليها وكالة الصحافة الفرنسية في يونيو (حزيران) الماضي، أن الحياة كما نعرفها ستتغير حتماً على المدى القصير.
في القارات كلها تقريباً، يشهد العالم ازدياد وتيرة الكوارث الطبيعية وشدتها، كما في العام الماضي حين اجتاحت الحرائق الغرب الأميركي واليونان وتركيا، وغمرت الفيضانات مناطق في ألمانيا والصين، وسجلت درجات حرارة قياسية اقتربت من 50 درجة مئوية في كندا.
وقالت مديرة الشؤون المناخية في الأمم المتحدة إنغر أندرسون "نحن نعلم (...) أن زيادة تأثيرات تغير المناخ تفوق بشكل كبير جهودنا للتكيف معها".
وأضافت "نحن نعلم أن العالم اطلع على الأدلة العلمية التي قدمتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ عاماً بعد عام وعقداً بعد عقد، لكن الإقرار بها ليس إلا خطوة أولى".
تعهد
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي مواجهة هذا المشهد والحاجة إلى خفض الانبعاثات بنحو 50 في المئة بحلول عام 2030 كي يبقى الاحترار تحت عتبة + 1.5 درجة مئوية، تعهد قادة العالم في قمة المناخ "كوب 26" في غلاسغو في نوفمبر (تشرين الثاني) تسريع وتيرة مكافحة الاحترار المناخي.
وعلق وقتها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأن ذلك "لا يكفي" لدرء "كارثة المناخ التي تستمر في تهديد" الكوكب، داعياً إلى التخلص من استخدام الفحم.
وقال المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري لوكالة الصحافة الفرنسية إنه فيما يطلب من الدول تعزيز طموحها بحلول نهاية 2022 في قمة المناخ "كوب 27" في مصر، "آمل بأن يكون هذا التقرير بمثابة تحفيز بالنسبة إلى البعض".
وأعرب لي، الاثنين، عن أمله بأن يسهم التقرير في "دمج العلوم الاقتصادية والاجتماعية بشكل أقوى، وتزويد صناع القرار بمعلومات ومعارف لمساعدتهم على تطوير سياسات واتخاذ قرارات".
حدود التكيف
ومن المقرر أن ينشر هذا التقييم الجديد للهيئة الأممية في 28 فبراير، بعد أسبوعين من الاجتماع الافتراضي لـ195 دولة من الدول الأعضاء التي ستدقق، سطراً بسطر، كلمة بكلمة، في "ملخص صناع القرار".
وفي هذا التقرير الجديد، الذي ينشر بعد التقرير الأخير الصادر قبل سبع سنوات، يتم إيلاء الاهتمام إلى "التكيف"، أي الحلول للتعامل مع آثار تغير المناخ.
وأوضحت الرئيسة المشاركة للهيئة ديبرا روبرتس أن "التركيز على حلول (التكيف) ليس قائمة تسوق لما يمكن القيام به فحسب، بل هو تقييم لفعالية الإجراءات وجدواها أيضاً".
من جانبه، قال عالم المناخ لوران بوب، أحد واضعي التقرير، إن "هناك حدوداً للتكيف".
وأضاف "في بعض المناطق، إذا تجاوزت درجات الحرارة مستويات عالية جداً، لن تكون الحياة البشرية ممكنة. وإذا ارتفع مستوى سطح البحر في بعض المناطق الساحلية بأكثر من متر، لن تكون الحماية بالسدود ممكنة".