Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المعارضة التركية تسعى إلى تشكيل تحالف ضد حزب "العدالة والتنمية"

يتعين على تلك الأحزاب أن تفوز بأغلبية برلمانية مطلقة حتى تتمكن من إجراء تغييرات تشريعية

اجتماع قادة أحزاب المعارضة الستة في أنقرة (أ ف ب)

بدعوة من رئيس "حزب الشعب الجمهوري" كمال كليتشدار أوغلو، التقى قادة أحزاب المعارضة الستة للمرة الأولى في عشاء عمل يوم السبت الماضي.

بطبيعة الحال، فإن تحرك المعارضة نحو السعي إلى التحالف، وهو ما يقلق حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، خطوة قيمة للغاية بالنسبة إلى المعارضة، وذلك لأن التحالف يضم أحزاباً يسارية وليبرالية ويمين الوسط ومحافظة وإسلامية في تركيا.

"نظام برلماني معزز"

والطرف المهم الذي لم يكن من الممكن دعوته إلى الاجتماع في الظرف الراهن هو "حزب الشعوب الديمقراطي" الذي يمثل معظم الأكراد.

ويبدو أن أطراف هذا التحالف لم يتخذوا خلال الاجتماع قراراً في شأن هذه المسألة، وقد تبين أن ستة من قادة المعارضة اتفقوا على العودة لنظام برلماني معزز.

ولكن هل تستطيع المعارضة تغيير السلطة خلال الانتخابات المقبلة؟

بالنظر إلى الصورة السياسية نجد إجابة بسيطة لهذا السؤال الصعب :نعم يمكنها ذلك، إذ إن دعم الناخبين لكل من أردوغان وتحالف الجمهور الذي يضم حزب العدالة والتنمية إلى جانب الحركة القومية وأحزاب أخرى صغيرة، انخفض إلى أقل من 45 في المئة خلال الانتخابات البلدية لعام 2019، واستقر عند 40 في المئة عام 2020، بحسب استطلاعات الرأي الموثوقة التي أجريت أخيراً، ولم تزل هذه النسبة تميل إلى الهبوط خلال العام الماضي، وإن كانت بنسب طفيفة.

تغيير وارد

لذلك إذا بقي كل شيء على حاله وتوخّت أحزاب المعارضة الحذر في أسلوبها تجاه "حزب الشعوب الديمقراطي" الذي يحظى بتأييد كبير من الأكراد، فهناك احتمال كبير بأن الحكومة ستتغير.

في واقع الأمر تظهر لنا الدعوة المفتوحة التي وجهها الرئيس رجب طيب أردوغان وشريكه رئيس "حزب الحركة القومية" دولت بهجلي إلى رئيس حزب الخير ميرال آكشنر ورئيس حزب السعادة تمل كارامولا أوغلو، كي ينضما إلى تحالف الجمهور الذي يتزعمه الحزب الحاكم، أن القائمين على الحكومة بدأوا أيضاً يدركون أن السلطة قابلة للتغيير.

صحيح أن نسبة أصوات حزب السعادة (الإسلاموية) في حدود واحد في المئة من الأصوات، إلا أن وجودها الحالي في صفوف هذا التحالف المعارض سيسهل الطريق أمام الناخبين المحافظين الذين صوتوا في السابق لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم، ولكنهم على الرغم من عدم رضاهم عن أداء الحكومة لم يكونوا ليصوتوا لحزب يساري أو قومي بحت، بسبب مواقفهم الدينية، فالمعارضة تواصل استراتيجيتها حول جلب الأصوات الإسلامية أيضاً من خلال ضم حزب السعادة الإسلاموي إلى صفوفها.

خطوتان سياسيتان

كما أن الناخبين القوميين الذين لم يصوتوا لـ"حزب الشعب الجمهوري اليساري"، سيصوتون لتحالف المعارضة بسبب ضمها لرئيسة "حزب الخير" التي انفصلت عن حزب "الحركة القومية"، ولهذا السبب حاولت الحكومة جاهدة جذب هذين الحزبين بخاصة، لكنها لم تنجح في الوقت الراهن.

 كما قلت قد تتغير الحكومة خلال الانتخابات المقبلة، لكن بالطبع هذا احتمال حسابي، وكي يتحول هذا الإمكان الحسابي إلى حال فعلية، يجب اتخاذ خطوتين سياسيتين، إحداهما أكثر تحدياً من الأخرى، فالأولى هي اتفاق أطراف هذا التحالف المعارض على مرشح رئاسي يحظى بترحيب واسع لدى جميع الأطراف، ويمكن أن يصوت له كل الناخبين المؤيدين لأحزاب المعارضة من دون أي خسارة، بل يجب أن يكون هذا المرشح بمستوى يجلب الأصوات حتى من الموالين السابقين لحزب "العدالة والتنمية"، ولكنهم غاضبون من أردوغان لأسباب اجتماعية واقتصادية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والواقع أن أطراف التحالف المعارض لم يتوافقوا بعد على مرشح بهذه المواصفات، ولا يزالون يبحثون عن شخص يحتضن الجميع.

والخطوة الثانية هي تشكيل تحالف ثالث يضم المعارضين الآخرين الذين لم ينخرطوا مع هذه الأحزاب الستة، حتى لا تذهب الأصوات المعارضة في مهب الريح، وإذا اقتنع "حزب الشعوب الديمقراطي" فإنه يمكن للأحزاب الصغيرة الأخرى التجمع هنا، مما يمكّن من جلب الأصوات المترددة في كفة المعارضة.

تحالف ثالث

نعم تشير معلومات إلى أن هناك جهوداً رامية إلى تشكيل هذا التحالف الثالث، لكنها لم تصل بعد إلى مستوى يمكن اعتبارها خطوات فعلية تتخطى حدود التمنيات، ويتعين على المعارضة التي تريد تولي السلطة أن تفوز، على الأقل، بأغلبية برلمانية مطلقة حتى تتمكن من إجراء تغييرات تشريعية، وبمعنى آخر يتعين عليها الحصول على 301 مقعد في البرلمان المؤلف من 600 شخص.

ومع ذلك تحتاج المعارضة إلى التخلص من موقفها المتهاون القائل إن أي منافس سيفوز ضد أردوغان في الانتخابات المقبلة، بسبب سوء أداء حكومة حزب "العدالة والتنمية" التي أغرقت البلاد في أزمة بسبب سلطتها التعسفية، وفقدت طاقتها القديمة.

وبينما تتحرك المعارضة من أجل تشكيل تحالفات واتخاذ خطوات استراتيجية، فإن أردوغان لا يزال غامضاً ولم تتبلور استراتيجيته، وربما ما زالت لديه أوراقه التي يعتبرها رابحة خلال الأيام المقبلة، ولا أستبعد منه أن يقتطع بعض الوجوه اللامعة من صفوف "حزب الشعوب الديمقراطية" وسائر الأحزاب الصغيرة الأخرى، ليلوح لجماهيره بأنه لا يزال مرتبطاً بمختلف الشرائح في المجتمع.

من المهم أن نضع في اعتبارنا أنه خلال أيام الانتخابات المقبلة ستزيد عائدات السياحة والتصدير وربما سيتحسن مستوى التوظيف قليلاً، كما أن الحكومة ستوزع الموارد العامة بسخاء على الناخبين.

استخدام كل إمكانات الدولة للفوز

إضافة إلى ذلك يمكن لأردوغان شطب بعض أو كل القروض والديون الطلابية التي تخص 15 مليون شخص، ويمكنه اتخاذ خطوة أخرى نحو تطييب قلوب 10 ملايين متقاعد من إجراء بعض التحسينات الطفيفة على أجورهم.

وعلى الرغم من القوانين المانعة من ذلك، فإننا نعلم أن حكومة حزب "العدالة والتنمية" لن تتورع عن استخدام كل إمكانات الدولة في سبيل الفوز بالانتخابات.

وأخيراً أقول إن نجاح المعارضة التي تسعى إلى إقامة تحالفات ضد حزب "العدالة والتنمية" مرهون بمدى نجاحها في استقطاب أكبر قدر ممكن من الناخبين إلى صفوفها، بمعزل عن حسابات سياسية ضيقة لا تتعدى نطاق أهدافها الشخصية أو الحزبية المحدودة، والأهم الأخطر من كل ذلك هو أنهم إذا تهاونوا بالأكراد واستبعدوهم فسوف يرون أردوغان رئيساً مرة أخرى عام 2023.

المزيد من تحلیل