على وقع أصوات القصف والانفجارات استيقظ أحمد محمد متولي، الطالب في جامعة خاركوف الأوكرانية، فجر الخميس 24 فبراير (شباط)، لتبدأ ساعات من الرعب وسط مصير مجهول. فبعدما ترك بلده مصر لدراسة الصيدلة في شرق أوكرانيا، وجد نفسه وسط أتون حرب لا يعلم أحد مداها. لم تصبه القذائف، ولكن الرعب الذي عاشه قد لا يُمحى من ذاكرته أبداً، ويعيش الآن على أمل العودة إلى وطنه، وإن كان من دون الشهادة الجامعية التي اغترب من أجلها.
أحمد لم يكن المصري الوحيد العالق في أوكرانيا وسط الحرب، فحسب وزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج هناك ستة آلاف مصري بينهم ثلاثة آلاف طالب في أوكرانيا، موزعون على 21 مدينة، لا يستطيعون العودة إلى أرض الوطن بسبب توقف الطيران بعد الغزو الروسي.
روى متولي لـ"اندبندنت عربية" أنه كغيره من أهالي مدينة خاركوف (على بعد نحو 400 كيلومتر من العاصمة كييف)، اضطر للجوء إلى المخابئ للاحتماء من القذائف الروسية، في انتظار توفير ممر آمن للخروج إلى مناطق بعيدة عن العمليات العسكرية وتمكنه من مغادرة أوكرانيا.
صعوبة المغادرة
وقال المسؤول الإعلامي للجالية المصرية في أوكرانيا أحمد فرحات، والمقيم بالعاصمة "كييف"، إن إدارة الجالية تحاول التواصل مع أعضائها للاطمئنان على أحوالهم، وطمأنتهم مع فتح قنوات اتصال مباشرة مع السفارة المصرية ووزارة الهجرة، مشيراً إلى أن عدداً من المصريين في أوكرانيا نزحوا عبر الحدود إلى بولندا ورومانيا للهروب من جحيم الحرب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكشف فرحات عن أن بعض المصريين لا يزالون عالقين في مدينة خاركوف شرق أوكرانيا، بسبب صعوبة حالة المرور وتزاحم السيارات، وسط محاولات معظم السكان هناك للنزوح إلى مناطق أكثر أماناً.
وأوضح فرحات أنه قرر الالتزام في منزله بالعاصمة كييف بصحبة عدد من المصريين، وسط تخوف مما قد يقابلهم في طريقهم إذا تحركوا للمناطق الحدودية، كاشفاً عن أن الوضع الحالي غير مستقر في جميع مدن أوكرانيا مع تزاحم المواطنين على شراء المواد والسلع الغذائية، التي من المرجح نفادها من المخازن خلال أيام، علاوة على الحد من استخدام البطاقات المصرفية واستبدال الدفع نقداً بها.
بدء المغادرة
وأكد علي فاروق، رئيس الجالية المصرية في أوكرانيا، أن جميع الطلاب المصريين لم يصبهم أي أذى، مضيفاً أن مئات الطلاب المصريين في خاركوف غادروا باتجاه رومانيا وبولندا الجمعة، والمزيد يتحركون في الساعات المقبلة، كلما توفرت وسائل نقل وطرق آمنة، فيما لا يزال بعضهم عالقين في منازلهم، وتتواصل معهم السفارة المصرية هناك باستمرار للاطمئنان على أحوالهم.
وطالبت السفارة المصرية في كييف، عبر بيان رسمي، رعاياها في الأماكن الهادئة بالتوجه إلى بولندا أو رومانيا وعبور الحدود ثم السفر إلى مصر، أما من هم في أماكن خطرة، فطلبت منهم البقاء في أماكنهم، معلنة عن أرقام لتواصل الجالية المصرية في أوكرانيا مع مسؤولي السفارة، ثم أصدرت بياناً لاحقاً أكدت فيه خطورة الأوضاع، وطالبت كل من في المدن بعدم التحرك في ضوء استمرار الاشتباكات.
تحرك حكومي
وفي بيان رسمي، كشفت نبيلة مكرم وزيرة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج، عن تواصلها مع الطلاب المصريين في أوكرانيا لاتخاذ إجراءات سريعاً من أجل إعادتهم إلى أرض الوطن، بشكل عاجل.
وأكدت الوزيرة أنه لا يوجد أي حالات مصابة أو وفيات بين أفراد الجالية المصرية بأوكرانيا، مشيرة إلى أنها استمعت لاحتياجات وطلبات عدد كبير من المصريين هناك، وحاولت طمأنتهم بعد سيطرة شعور الخوف عليهم بشأن مصيرهم وسط استمرار القصف الروسي على أوكرانيا.
كما ذكرت وزارة التعليم العالي المصرية أن كل الجامعات الأوكرانية أكدت في تواصلها مع السفارة المصرية بكييف، التزامها الكامل بمراعاة مصالح الطلاب والحرص على مستقبلهم، مشددة على أن الوزارة مستمرة في "التنسيق والمتابعة مع سفارتنا في أوكرانيا للاطمئنان على أمن الطلاب المصريين، وضمان الحفاظ على مستقبلهم".
ووصلت أصداء حالة المصريين بأوكرانيا إلى البرلمان، إذ تقدمت عضو مجلس النواب المصري سكينة سلامة ببيان عاجل إلى رئيس المجلس بشأن الطلاب المصريين في أوكرانيا، متسائلة عن سياسة وزارة الهجرة لمغادرة الطلاب المدن التي تمثل خطراً عليهم، والعمل على رجوعهم إلى مصر وفقاً لرغبة الطلاب.