كشف تقرير حديث عن أن روسيا مدينة للبنوك الغربية بـ121 مليار دولار، لكن تشير وتيرة التصعيد القائمة بين موسكو والتحالف الغربي إلى أن هذه الأموال لن تتمكّن البنوك من استعادتها. ويُعد مصرف "غولدمان ساكس"، ومصرف "جي بي مورغان تشيس" أول البنوك الغربية الكبرى التي خرجت من روسيا بعد الهجوم على أوكرانيا. ومن المرجح أن يتبعها المزيد بتكلفة تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات.
في مذكرة بحثية حديثة، قال بنك "غولدمان ساكس"، إنه "بصدد إنهاء أعماله في روسيا امتثالاً للمتطلبات التنظيمية والتراخيص". وفي غضون ساعات من هذا القرار، تبعه بنك "جي بي مورغان تشيس"، وهو أكبر بنك أميركي، حيث أكد أنه "يعمل بنشاط على تفكيك" أعماله الروسية.
تأتي عمليات المغادرة في أعقاب تدافع البنوك الغربية على حساب الانكشاف الائتماني في روسيا بعد أن أمر الرئيس فلاديمير بوتين بالهجوم على أوكرانيا، مما أدى إلى فرض عقوبات تشمل معظم النظام المالي للبلاد، بما في ذلك البنك المركزي وكبار المقرضين التجاريين في السوق الروسية.
البنوك العالمية تتعرض لمخاطر ائتمانية
عمليات الخروج تأتي أيضاً بعد تدافع الشركات الغربية لهجرة كل قطاع آخر من قطاعات الاقتصاد الروسي تقريباً، وفي الوقت الذي تحذر فيه وكالات التصنيف من أن تخلف روسيا عن سداد ديونها بات وشيكاً.
وبحسب بنك التسويات الدولية، الذي علق عضوية روسيا يوم الخميس الماضي، فإن البنوك الدولية تدين بأكثر من 121 مليار دولار على كيانات روسية. البنوك الأوروبية لديها أكثر من 84 مليار دولار من إجمالي المطالبات، مع فرنسا وإيطاليا والنمسا الأكثر تعرضاً، والبنوك الأميركية مدينة بنحو 14.7 مليار دولار.
وفي وقت سابق، كشف "غولدمان ساكس تشيس"، عن تعرضه لمخاطر ائتمانية تجاه روسيا بقيمة 650 مليون دولار في ديسمبر (كانون الأول) 2021، فيما أعلن "جي بي مورغان تشيس"، أن أنشطته الحالية في روسيا "محدودة".
البنوك الأخرى التي لديها المزيد لتخسره قد تتبع قريباً نهج "غولدمان ساكس" و"جي بي مورغان تشيس"، في الخروج من روسيا. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في تصريحات حديثة، إن الوضع الاقتصادي في روسيا "غير مسبوق على الإطلاق"، وألقى باللوم على الغرب التي تشن أقسى الحروب الاقتصادية التي تواجهها روسيا في تاريخها الحديث"، فيما أعرب الرئيس الروسي عن دعمه خطط مصادرة الأصول التي خلفتها الشركات الغربية التي علقت أو تخلت عن عملياتها في روسيا، حيث قال حزب "روسيا الموحدة"، الحاكم في روسيا، إن لجنة حكومية وافقت على الخطوة الأولى نحو تأميم ممتلكات الشركات الأجنبية التي تغادر البلاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح أن اللجنة الحكومية المعنية بنشاط سن القوانين تدعم مشروع قانون يسمح بضم الشركات التي يمتلك فيها الأجانب من "الدول غير الصديقة" أكثر من 25 في المئة إلى إدارة الخارجية لمنع إفلاسها وإنقاذ الوظائف. وذكر البيان، أن شركات الأغذية الفنلندية المملوكة للقطاع الخاص، فاتسر وفاليو وبوليج، كانت أحدث شركات تغلق عملياتها في روسيا. وأضاف، "حزب روسيا الموحدة يقترح تأميم مصانع الشركات التي تعلن خروجها وإيقافها للإنتاج في روسيا خلال العملية الخاصة الجارية في أوكرانيا".
ضغوط تواجه جودة أصول البنوك الغربية
وعلى الفور، سرعان ما ردت الشركات وأكدت أنها لن تعود إلى السوق الروسية، بينما كانت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، قد حذرت في وقت سابق، من أن "جودة أصول البنوك الأوروبية الغربية الكبيرة ستتعرض لضغوط" بسبب تداعيات الهجوم الروسي على أوكرانيا، وأن عملياتها تواجه أيضاً مخاطر متزايدة، بينما تتسابق للامتثال للعقوبات الدولية.
قال بنك "سوسيتيه جنرال" الفرنسي في مذكرة بحثية حديثة، إنه "يلتزم بصرامة بجميع القوانين واللوائح المعمول بها ويطبق بجدية الإجراءات اللازمة لتطبيق العقوبات الدولية بصرامة بمجرد إعلانها". وقال البنك إنه كان لديه ما يقرب من 21 مليار دولار من التعامل مع روسيا في نهاية العام الماضي، بينما قال بنك "بي أن بي باريبا" الفرنسي، إن تعرضه في كل من روسيا وأوكرانيا يبلغ إجمالي 3 مليارات يورو (3.3 مليار دولار). وقالت شركة "يوني كريدي" الإيطالية التي تعمل في روسيا منذ عام 1989، إن ذراعها الروسية كانت "شديد السيولة وذاتية التمويل"، وأن الامتياز يمثل 3 في المئة فقط من إيرادات البنك. وأشارت إلى أن إجمالي تعرضها في روسيا يبلغ 7.4 مليار يورو (8.1 مليار دولار).
ويوم الخميس الماضي، قال بنك "كريدي سويس"، إن تعرضه لروسيا يبلغ مليار فرنك سويسري (1.1 مليار دولار)، بينما أعلن "دويتشه بنك"، أن تعرضه "محدود" في روسيا، مع تعرض إجمالي للقروض إلى 1.4 مليار يورو (1.5 مليار دولار). وقال البنك الألماني إنه قلص بشكل كبير تعرضه في روسيا منذ 2014، مع اتخاذ مزيد من الإجراءات خلال الأسبوعين الماضيين.
الأزمة سوف تمتد إلى البنوك الأميركية
في الوقت نفسه، قد تشعر البنوك الأميركية بالألم أيضاً، حيث كشف "سيتي غروب"، عن أن لديه ما يقرب من 10 مليارات دولار من إجمالي التعرض في روسيا. وأخبر مارك ماسون، المدير المالي للبنك، المستثمرين، أن البنك أجرى اختبارات لتقييم العواقب "في ظل أنواع مختلفة من السيناريوهات ذات الضغوط". وقال إن البنك قد يخسر ما يقرب من نصف انكشافه في سيناريو "خطير".
وأشار إلى أنه سوف يلتزم بخطته للتخلي عن أعماله المصرفية للأفراد، لكن قد يكون من الصعب جداً العثور على مُشترٍ في ظل المناخ السياسي والاقتصادي. وقال في بيان: "بينما نعمل نحو هذا الخروج، فإننا ندير تلك الأعمال على أساس أكثر محدودية بالنظر إلى الظروف والالتزامات الحالية... مع خروج الاقتصاد الروسي من النظام المالي العالمي نتيجة حرب أوكرانيا، نواصل تقييم عملياتنا في البلاد".
وتناول البنك المركزي الأوروبي المخاطر على القطاع المصرفي في بيان أصدره، الخميس الماضي، وقال إن النظام المالي في أوروبا لديه سيولة كافية، وهناك إشارات محدودة على التوتر. وقال لويس دي جويندوس، نائب رئيس البنك المركزي، إن "روسيا مهمة من حيث أسواق الطاقة، ومن حيث أسواق السلع، ولكن من حيث انكشاف القطاع المالي والقطاع المالي الأوروبي، فإن روسيا ليست وثيقة الصلة بالموضوع". وأوضح أن "التوترات التي شهدناها لا يمكن مقارنتها على الإطلاق بما حدث في بداية الوباء".