قد تتسبّب روسيا في خسائر فادحة للمستثمرين الغربيين إذا لم يسمح لها بتسديد مدفوعات حاملي السندات بسبب تجميد حيازاتها من العملات الأجنبية في الخارج، ووفقاً للبنك الدولي، تقترب البلاد من التخلف عن السداد، ومع ذلك، يشير المحللون إلى أن هذا أمر تقني، نظراً لحقيقة أن روسيا يمكنها سداد ديونها باستخدام الروبل بدلاً من العملة التي تم إصدار السندات بها، ما يعني خسائر فادحة للمستثمرين الغربيين، وبخاصة مع انخفاض الروبل بنحو 30 في المئة مقابل الدولار، ما يجعل قيمته أقل من سنت أميركي واحد، بعد أن أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عن خطوات لمنع بعض البنوك الروسية من نظام الدفع الدولي "سويفت" (نظام لنقل مليارات الدولارات حول أكثر من 11000 بنك ومؤسسات مالية أخرى حول العالم)، وتقييد استخدام روسيا احتياطاتها الهائلة من العملات الأجنبية، ما تسبب في عزوف المستثمرين عن الروبل الروسي .
"في منطقة افتراضية مربعة"
وقالت كبيرة الاقتصاديين بالبنك الدولي، كارمن راينهارت، وفقاً لـ"رويترز"، إن روسيا "في منطقة افتراضية مربعة". وأضافت أن الدولة "لم يتم تصنيفها من قبل الوكالات على أنها تخلف عن السداد انتقائياً حتى الآن، لكنها قريبة جداً"، ووفقاً لرينهارت، ينطبق الشيء نفسه على بيلاروس.
وخفضت كل من وكالتي "فيتش" و"موديز" التصنيف الائتماني السيادي لروسيا بمقدار ست درجات إلى وضع "غير مرغوب فيه"، قائلتين إن العقوبات الغربية تلقي بظلال من الشك على قدرة روسيا على خدمة ديونها، وإنها ستضعف اقتصادها.
وأفادت وكالة "فيتش" في تقريرها بأن "شدة العقوبات الدولية رداً على الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا زادت من مخاطر الاستقرار المالي الكلي، وتمثل صدمة كبيرة لأساسيات الائتمان في روسيا ويمكن أن تقوض استعدادها لخدمة ديون الحكومة"، مشيرة إلى أن التخلف عن سداد روسيا للديون أصبح وشيكاً.
107 ملايين دولار
ومن المقرر أن تدفع روسيا 107 ملايين دولار على شكل قسيمة في 16 مارس (آذار) الحالي بحسب "روسيا اليوم"، في حين أن البنوك الأجنبية لديها ما يزيد قليلاً على 121 مليار دولار مستحقة على روسيا مع تركز كثير من ذلك في المقرضين الأوروبيين، وفقاً لبيانات من بنك التسويات الدولية نقلاً عن "رويترز".
وقال محللون في "جي بي مورغان" إن العقوبات المفروضة على روسيا زادت بشكل كبير من فرصة تخلف الدولة عن سداد ديونها بالدولار والديون الحكومية الأخرى في السوق الدولية، في حين أن روسيا غير قادرة على سداد القروض إلى الدائنين بالعملة الأجنبية لأن القيود المفروضة على نظامها المصرفي التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أدت إلى مئات المليارات من الدولارات من الاحتياطات التي كانت موسكو تخزنها لسنوات مجمدة في الخارج وبعيدة من متناول اليد، كما تم عزل البلاد فعلياً عن أسواق المال الدولية.
العملة الوطنية
وتؤكد روسيا أنها ستدفع ديونها، ولكن بعملتها الوطنية، إذا ظلت احتياطات البلاد من النقد الأجنبي مجمدة، والأسبوع الماضي، وقع الرئيس فلاديمير بوتين مرسوماً بشأن خدمة الديون الأجنبية، ما يسمح لروسيا والشركات الروسية بدفع الدائنين الأجانب بالروبل، كوسيلة لمنع التخلف عن السداد. ووفقاً للمرسوم، سيتم اعتبار المدفوعات منفذة إذا تم تنفيذها بالروبل بسعر الصرف الرسمي للبنك المركزي.
وقال مستثمر روسي بارز لوكالة "ريا نوفوستي"، إن قرار "فيتش" بتخفيض تصنيف ديون روسيا بالعملة الأجنبية إلى حد التخلف عن السداد الوشيك قائم على أساس تقني. وأوضح أليكسي تريتياكوف، الرئيس التنفيذي لصندوق "أريكابيتال إنفسمنت فند"، أن وكالة "فيتش" تتوقع أن تدفع روسيا لسندات اليورو بعملة مختلفة عن العملة التي صدرت بها الأوراق المالية، وهذا يعني، كما يقول تريتياكوف، أنه إذا أراد المدين سداد مدفوعات بعملة أخرى، فمن الضروري إعادة هيكلة الدين، ويجب أن يوافق معظم حاملي السندات على إعادة الهيكلة، وإذا لم يحدث ذلك، فسيكون هناك تخلف عن السداد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان البنك المركزي الروسي قد أدخل عدداً من الإجراءات للاحتفاظ بالعملة الأجنبية التي يمتلكها، في وقت فرضت فيه الهيئة التنظيمية قيوداً على صرف العملات داخل روسيا، وقيدت تحويلات الأموال إلى الخارج، وضاعفت أسعار الفائدة إلى أكثر من الضعف إلى 20 في المئة، وحظرت مؤقتاً على الوسطاء الروس بيع الأوراق المالية التي يحتفظ بها الأجانب، وعلقت مدفوعات الفائدة للمستثمرين الأجانب، إضافة إلى ذلك، ألغت الحكومة الروسية ضريبة القيمة المضافة على شراء الأفراد للذهب لمنح المواطنين الروس فرصة للاستثمار في المعدن الثمين بدلاً من العملات الأجنبية.
الأوراق النقدية
وكانت الولايات المتحدة قد حظرت، تصدير أو إعادة تصدير أو بيع أو توريد، بشكل مباشر أو غير مباشر، من الولايات المتحدة أو من قبل شخص أميركي، الأوراق النقدية المقومة بالدولار الأميركي إلى الحكومة الروسية أو أي شخص موجود في روسيا، مع تكثيف البيت الأبيض ضغوطه الاقتصادية على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا.
وكان الاتحاد الأوروبي قد حظر في الثاني من مارس تصدير واستيراد الأوراق النقدية باليورو إلى روسيا.