خاض المخرج المصري المخضرم يسري نصرالله تجربة الإخراج التلفزيوني الدرامي لمسلسل "منورة بأهلها" الذي قدم بطولته ليلى علوي وباسم سمرة وغادة عادل وناهد السباعي وغيرهم من النجوم، وهو من تأليف محمد أمين راضي.
أثار المسلسل جدلاً كبيراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبين الجمهور لتناوله كثيراً من القضايا الشائكة، وأثيرت حول العمل بعض الاتهامات مثل الإساءة إلى المسيحيين.
وفي حوار مع "اندبندنت عربية" تحدث نصرالله عن أسباب قبوله تقديم مسلسل بعد مشواره السينمائي الطويل، وسر حماسته للعمل مع المؤلف أمين راضي، وسبب قبوله العرض خارج رمضان وعلى منصة رقمية.
سر التجربة
في البداية كشف نصرالله أن "أهم ما يحمس أي مخرج هو وجود فكرة مميزة وبراقة تثيره، سواء للسينما أو التلفزيون، ولأن الأخير مجال شديد الاختلاف فيجب أن تكون الفكرة لافتة وقوية، لتتحمل تعدد الحلقات ووجود أحداث وخطوط درامية متشعبة ومثيرة، وهذا ما وجدته في سيناريو مسلسل (منورة بأهلها) لمحمد أمين راضي لأنني أحب أعماله، فهو يعتمد أسلوب سرد مختلف عن أي مؤلف آخر، إذ يقص الحكاية ويدخل من خلالها عوالم غير مألوفة، وتشعر في أعماله أنه يسرد قصصاً من وحي الخيال يتخللها بعض المواقف الحقيقية التي حدثت بالفعل، ولهذا فالعمل بالنهاية يعتمد على قصة مثيرة من خيالنا، وهذا السبب الأول في قبولي الدخول إلى الدراما التلفزيونية".
ويضيف، "وصراحة قد يكون دخول المنصات الرقمية مجال المنافسة سبباً كبيراً في حماستي لتقبل فكرة الإخراج التلفزيوني، إذ أجدها غيرت الفكرة العامة المرتبطة بالمسلسلات، وهي الوجود بمواسم معينة فقط، والاستعجال في التنفيذ من دون تحضير كاف، والتطويل لحشو عدد حلقات معين لأسباب تسويقية، ومنذ دخول المنصات الرقمية تغير مفهوم المسلسلات وأصبحت تحصل على كفايتها من التحضير ولا ترتبط بعدد حلقات ولا تجبر على الحشو، كما أن العمل من خلال المنصات يعتمد على الجودة مثل السينما بالضبط، وهذا جعلني شديد الحماسة لخوض التجربة التي تأخرت عشرات السنوات".
أوجه اختلاف
ويوضح نصرالله أوجه الاختلاف التي يراها بين الدراما والسينما ويجدها مربكة له كمخرج سينمائي مخضرم، مشيراً إلى أن المخرج السينمائي يستطيع مراقبة ردود أفعال الجمهور منذ بداية عرض الفيلم، ويكون الإقبال علامة ومؤشراً إلى النجاح وردود الأفعال، لكن في المسلسلات الأمور تكون غامضة بعض الشيء ولا يمكن قياس رد فعل الجمهور بشكل دقيق أو معيار محدد مثل السينما.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبالنسبة إلى الشق الفني والإنتاجي فإن تجربة الإخراج التلفزيوني بحسبه "مختلفة تماماً عن الإخراج السينمائي، وهناك فرق كبير بين الاثنين من حيث الاقتصادات، فالسينما مختلفة عن الدراما، فالأولى يوجد فيها منتجون كبار وفيها كثير من مصادر التمويل، بينما الدراما لا يتوافر لها هذا التمويل بشكل دائم ومستقر، كما تتعرض الدراما لظروف قاسية منها خطر الاحتكار والرقابة الشديدة، وهي مرتبطة بشروط أكثر قسوة من السينما"، مؤكداً أنه لم يتنازل في إخراج مسلسل "منورة بأهلها" عن طريقته وشغفه الفني، بل نفذه بروح مخرج سينمائي واستمتع به مثلما استمتع بإخراج أعماله السينمائية العديدة.
اتهامات للأديان
وعن ردود الأفعال حول مسلسل "منورة بأهلها" يرى أنها جيدة جداً، إذ أثار العمل ردود فعل إيجابية بشكل إجمالي عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال الآراء الصحافية والنقدية، ومع ذلك هناك ردود فعل سلبية حدثت قبل متابعة المسلسل بالكامل وفهم أحداثه.
بعض الآراء كانت قاسية ضد يسري نصرالله بسبب مسلسل "منورة بأهلها"، إذ اتهم بـ "التخريف" والإساءة إلى المسيحيين والمسلمين في الوقت ذاته.
وحول تلك الاتهامات علق نصرالله "أنا بريء من هذه الاتهامات، وأكثر ما أثار انتباهي بعض الذين وصفوا العمل بالتخريف، لأنهم لم يفهموا بعض أحداث المسلسل وكانت آراؤهم متسرعة، إذ لم يكن عرض سوى حلقات قليلة، وعلى هؤلاء الانتظار لحين اكتمال المشاهدة، لأن المنطق يقول لا تحكم على شيء من دون إكمال متابعته. ولم أرد على بعض الآراء القاسية، فهذه التعليقات ناتجة من مغرضين ولجان إلكترونية ولا يجب الرد عليها".
وتابع، "قيل أيضاً إنني ضد المسيحيين لأنني قدمت نموذج فتاة مسيحية تعرضت لظروف قاسية، والغريب أنه قيل أيضاً إنني ضد المسلمين، لأن هناك نماذج سلبية مسلمة، وطبيعي أن يكون هناك تنوع بين الشخصيات والخير والشر، ولا مجال لوضع فكرة الاتهام لديانات لمجرد وجود شخصية شريرة أو درامية لها شكل مختلف".
ونفى نصرالله ما تردد عن تدخله في سيناريو مسلسل "منورة بأهلها"، وقال بشكل قاطع، "لم أتدخل، محمد أمين راضي كاتب كبير، وفي بداية تعارفنا قرأت له سيناريو حينها لم يتم تنفيذه عنوانه (عاصمة جهنم)، وتابعت أعمالاً من تأليفه مثل (نيران صديقة) و(السبع وصايا)، وبنظرته وتقويمه وجدته مؤلفاً مختلفاً له عالمه الخاص به، وهذا العالم يشبهني أيضاً، ولهذا كانت فكرة التعاون بيننا في العوالم الدرامية الخيالية المشوقة نفسها مثل (ألف ليلة وليلة)، إذ يفضل تقديم الخيال الممزوج بالواقع بشكل غير تقليدي".
تعامل النجوم
وعن اختياراته للنجوم في أعماله وطريقة توجيهه لهم، يجيب نصرالله "أنا مخرج يحب الممثل جداً ويريد أن يقدمه في أفضل صورة وإحساس، لكن لا أعمل مع أي نجم لمجرد أنه مشهور، ولم يفرض عليّ أحد من المنتجين أو صناع الفن طوال تاريخي فناناً أو نجماً مهما كان، وكمخرج أحب العمل مع فنانين جيدين وموهوبين، وبمعنى أدق فنانين حقيقيين، ولا يعنيني أن لدي نجماً كبيراً في العمل، وبالتالي عليّ أن ألمعه وأسلط عليه الضوء، فأنا أهتم بالشخصية مهما كان الممثل الذي سيجسدها، والممثل الحقيقي يهتم بدوره ويتفانى فيه ليخدم الدور، لا العكس بجعل الدور يخدمه، وهذا ما قصدته بكلمة الممثل الحقيقي الذي يعنيه تقديم الدور بشكل جيد مهما كانت الظروف".
ويضيف نصرالله، "بعضهم يفهم الإخراج بشكل خاطئ ويصوره أنه تحريك كاميرات وتكوين كادرات فنية جميلة، لكن بالنسبة لي فإن أهم شيء في الإخراج هو التمثيل والتقاط مشاعر وانفعالات الممثل سواء في السينما أو التلفزيون، وهذا ما يشعرني بأنني مخرج أستحق هذه المهنة وشرفها".
وعن أحدث أعماله يوضح المخرج المصري "أحضر لفيلم جديد بعنوان (أسطورة زينب ونوح)، ولن أستطيع الكشف عن أي من تفاصيله في الوقت الحالي، وسأبدأ تصويره في الشتاء المقبل، لأن طبيعة العمل تدور في موسم الشتاء، أما بالنسبة إلى الدراما فسيتم تقديم أكثر من موسم من مسلسل (منورة بأهلها)، لكنني لا أعلم إن كنت سأخرج الأجزاء الجديدة أم لا".