وسط عديد من الأزمات الدولية المتصاعدة ما بين تغيرات مناخية مخيفة، وحروب إقليمية يخشى من أن تضحى عند لحظة من سخونة الرؤوس صراعات كونية، تطل أزمة الزيادة السكانية حول الكرة الأرضية برأسها، منذرة ومحذرة من إشكاليات كبيرة تعترض مسارات البشرية، وفي المقدمة منها الموارد الغذائية، وقدرة الأرض على تلبية احتياجات البشر، عطفاً على تفجير صراعات من حول المياه العذبة الصالحة للشرب والزراعة، وصولاً إلى البنية التحتية اللازمة لعيش مليارات البشر، وعلى هامشها قضايا الصناعة والتكنولوجيا والرقمنة وبقية إفرازات العقود الأخيرة من نوازل.
وفي الأثناء تبقى علامة الاستفهام المثيرة للتفكر: هل الزيادة السكانية نعمة أم نقمة، أم أن المعضلة تجاوزت حد هذا السؤال وبلغت أطر الأخطار الواضحة؟
ما الذي تقوله الأرقام أول الأمر وبحسب بيانات وإحصاءات الأمم المتحدة المنوط بها تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030؟
11 مليار نسمه بحلول عام 2100
بالنظر إلى البيانات الواردة عبر صندوق الأمم المتحدة للسكان، تفاجئنا الأرقام بالتطورات المثيرة والخطيرة للصعود الصاروخي لعدد سكان العالم.
في عام 1950 قدر العدد بما يقرب من 2.6 مليار نسمة، وبحلول يوليو (تموز) 1987 وصل العدد إلى 6 مليارات نسمة، وعلى مشارف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وبالتحديد في أكتوبر (تشرين الأول) 2011 بلغ عدد سكان العالم نحو 7 مليارات نسمة.
ما هي التوقعات الحسابية لأعداد البشرية مع منتصف القرن الجاري وصولاً إلى نهايته؟
بحسب خبراء المنظمة الأممية فإنه مع الوصول إلى عام 2050 سوف يبلغ عدد سكان الكرة الأرضية نحو 9.7 مليار نسمة، ويرتفع العدد إلى 11 ملياراً مع حلول عام 2100.
يبدو التساؤل التالي مناطقي، بمعنى أين ستتركز الكثافات السكانية، وهل الزيادة تعم كل بقاع الأرض، أم أن هناك أصقاع جغرافية بعينها سوف تعاني من انخفاض على العكس من مواضع أخرى؟
تبدو متناقضات الحياة واضحة في المشهد الديموغرافي العالمي، بمعنى أن أكثر من نصف النمو السكاني العالمي من الآن وحتى عام 2050 سوف يتركز في قارة أفريقيا، التي تعاني في الأصل من قلة الموارد، وضعف التنمية، وسوء البنية التحتية، عطفاً على الحروب الإقليمية.
وحال إضافة الآثار السلبية للتغيرات المناخية على الأراضي الأفريقية، يخلص المرء إلى أن الأزمات سوف تتوالى بما يهدد السلم والأمن الدوليين، بخاصة من جراء النزوح والهجرة غير الشرعية إلى الشمال.
من جانب آخر تبدو القارة الأوروبية معرضة لانخفاض كبير في عديد سكانها، لا سيما مع انخفاض معدلات الخصوبة فيها، إلى 2.1 طفل لكل امرأة في دول مثل البوسنة والهرسك وبلغاريا وكرواتيا وهنغاريا ولاتفيا وليتوانيا، ورومانيا وصربيا وأوكرانيا.
كما أن المشهد ينسحب كذلك على بعض الدول الآسيوية مثل اليابان.
الزيادات السكانية... وتغيرات ديموغرافية
يتساءل المراقب لمشهد زيادة عدد السكان عن الأسباب الخفية وراء الزيادات المتواترة بشكل يعجز معه ضرع الأرض عن تقديم ما يكفي لحياة تلك المليارات.
يمكن القطع بأن زيادة متوسط الأعمار من جراء تحسن نوع الرعاية الصحية، قد أسهم بشكل أو بآخر في زيادة السكان حول الكرة الأرضية، كما أن الزيادة تتم كما أشار إلى ذلك توماس مالتوس، الاقتصادي الإنجليزي الشهير (1766 ـ 1834)، بمتوالية هندسية، في حين أن موارد الأرض تتضاعف بمتوالية عددية.
هل من علاقة بين الدول التي سيزداد فيها عدد السكان وبين التنمية الاقتصادية والنمو المستدام؟
تبدو البيانات الواردة في تقرير صدر في 17 يونيو (حزيران) 2019 عن الأمم المتحدة مثيرة للجدل، ذلك أن تسعة بلدان فقط بحسب التقرير، ستشكل أكثر من نصف النمو المتوقع لسكان العالم، وهي دول متباينة في الشكل والمضمون، وهي بالترتيب من حيث النمو: الهند، ونيجيريا، وباكستان، والكونغو الديمقراطية، وإثيوبيا، وتنزانيا، وإندونيسيا، ومصر، والولايات المتحدة الأميركية.
ولعل قراءة محققة ومدققة للتقرير المشار إليه تقودنا إلى القطع بأن هناك انقلابات ديموغرافية من الوارد حدوثها خلال العقود الثلاثة القادمة، ستكون لها تبعاتها وصراعاتها الواجبة الوجود كما تقول جماعة الفلاسفة.
على سبيل المثال لا الحصر يتوقع التقرير أن تتفوق الهند على الصين لتصبح أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان في حوالى عام 2027.
وهناك توقعات أخرى بتضاعف عدد سكان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بحلول عام 2050 بنسبة زيادة تصل إلى 99 في المئة.
هل ينبغي أن نخاف من سكان العالم؟
في مؤلفه القيم "هل ينبغي أن نخاف من سكان العالم؟" يذكرنا الديموغرافي الباحث الفرنسي الشهير، جاك فيرون، بأن الزيادة المستمرة في عدد سكان العالم كانت دوماً موضع اتهام بتعريض البشرية للخطر، ولتجنب الأسوأ، كثيراً ما تجري التوصية باستقرار عدد سكان العالم، بل أكثر من ذلك، بضرورة انخفاضه، ويسوق فيرون حجج هذا الرأي الذي يربط التغير المناخي واشتداد التلوث واستمرار إزالة الغابات والأراضي الخصبة، التي تصبح يوماً بعد يوم شحيحة بسبب الزحف العمراني والكوارث الطبيعية التي أصبحت أكثر حدة وأكثر تواتراً من ذي قبل، والنمو الديموغرافي غير المسبوق على مدى أكثر من قرن على نطاق الكوكب الأرضي بأسره.
وجهة نظر فيرون هذه تتفق مع أصوات عديدة تستشرف المآلات السيئة لزيادة السكان حول العالم، وجلها يرى أن كوكب الأرض غير قادر بحال من الأحوال على توفير حياة تعادل في رفاهيتها ما يعيشه المواطن في دول الاتحاد الأوروبي لأكثر من 2 مليار نسمة، وليس أكثر.
من جهة ثانية ترى بعض التحليلات أنه حال استمرار الزيادة السكانية على هذا النحو، فإن مستوى الحياة وجودتها ونوعيتها، لن تتجاوز ما يمكن أن يعيشه مزارع فقير يكاد يوفر بالكاد ما يكفي من الغذاء لنفسه ولا يتمتع بشيء من الرفاهية، بالتالي سوف نضطر إلى أن نتقاسم كل شيء بعدالة من أجل تجنب النزاعات أو الحرب.
ولعله من الطبيعي القول إن البشر لديهم ميل إلى التمتع بالمزيد والمزيد من الرفاهية، فيتزايد في جميع أنحاء العالم أعداد السيارات والثلاجات أمام أعيننا، ولكن سيأتي الوقت الذي يتصادم فيه النمو السكاني والرفاهية، لا سيما وأن الحرب الإيكولوجية المعلنة على الإنسان، كفيلة بأن تُذهب كل أماني الرفاهية أدراج الرياح.
والثابت أنه في حين يعتبر عديد من الباحثين وصناع السياسات تزايد عدد سكان العالم أمراً حتمياً، فإن المواطنين العاديين يدركون المشكلات والمخاطر الناتجة من ذلك.
في دراسة استقصائية أجرتها مؤسسة التحديات العالمية عام 2014، اعتبر غالبية المستجوبين البالغين 9000 مستجيب في تسعة بلدان (الولايات المتحدة، والبرازيل، وجنوب أفريقيا، وألمانيا، وبولندا، والسويد، والهند، وروسيا، والصين) أن الزيادة السكانية هي بمثابة تهديد فعلي أو محتمل للبشرية في المستقبل.
وفي نفس العام أفاد استطلاع لمركز بيو للأبحاث أن 82 في المئة من العلماء الأميركيين، يعتبرون تزايد عدد سكان العالم مشكلة كبيرة، لأنه لن يكون هناك ما يكفي من الغذاء والموارد.
يعني ما تقدم أن المعضلة الأولى، بل والرئيسة الملازمة للزيادة السكانية، التي تأتي على رأس قائمة التحديات، تتمثل في تحقيق الأمن الغذائي لتلك المليارات الأحد عشر، وكيف يمكن إشباع تلك الأفواه.
الأمن الغذائي ومخاوف من سكان المستقبل
ومع وصول سكان العالم إلى 10 مليارات نسمة في عام 2050، سيكون الأثر الناجم عن هذه الزيادة على الأنظمة الغذائية العالمية كبيراً، إذ من المتوقع أن ينمو الطلب على الغذاء بنسبة 70 في المئة خلال ثلاثة عقود، ولتلبية هذا المستوى الجديد من الطلب، سيكون لزاماً على المنتجين الزراعيين إنتاج قدر أكبر بنسبة 50 في المئة من الغذاء والأعلاف والوقود الحيوي عما كانوا يفعلونه في عام 2010، ما يعني وجوب زيادة الإنتاج الزراعي في أماكن الزيادات السكانية الكثيفة مثل أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وفي جنوب آسيا لأكثر من الضعف بحلول عام 2050 لتلبية الطلب المتزايد، بينما ستكون الزيادة المتوقعة في بقية أنحاء العالم أعلى بمقدار الثلث عن المستويات الحالية.
تبدو العلاقة بين زيادة عدد السكان ومصادر الغذاء لأجيال المستقبل مثيرة للقلق، فقد عاش أكثر من 60 في المئة من البشر منذ 35 عاماً في المناطق الريفية، أما اليوم فيعيش أكثر من نصف سكان العالم (54 في المئة) في المناطق الحضرية وتواصل هذه النسبة ارتفاعها.
وفي عام 2050 سيعيش أكثر من ثلثي البشر في المدن ما سيؤدي إلى إضافة صافية تبلغ 2.4 مليار نسمة في البلدان والمدن، وعليه فإن زيادة تعداد سكان المدن تؤثر على أنماط استهلاك الغذاء، إذ يتسبب ارتفاع مستويات الدخل في المناطق الحضرية إلى زيادة الطلب على المواد الغذائية المصنعة، وكذلك اللحوم والأسماك والفواكه والخضروات. كما تؤدي الأجور الحضرية الأعلى إلى زيادة التكاليف البديلة لإعداد الغذاء، مع تفضيل المنتجات التي تنطوي على قدر كبير من العمالة فيها مثل الوجبات السريعة، والأطعمة سهلة التحضير، والأطعمة التي يتم إعدادها وتسويقها من قبل الباعة المتجولين، وبالتزامن مع هذه التغييرات فإن المكون الغذائي للأنظمة الغذائية يتغير أيضاً، إذ أصبحت الأنظمة الغذائية غنية بالملح والدهون والسكر، الأمر الذي ينعكس سلباً على صحة البشر.
وعلى الرغم من الجدل القائم بين قضية زيادة عدد السكان من جهة، والموارد الغذائية من ناحية أخرى، يطفو على السطح تساؤل آخر: هل مشكلة زيادة عدد السكان مجرد مشكلة عددية أم أنها مشكلة تنمية، ما يفيد بأنه حال تسخير هذه الأعداد في أعمال التنمية، لن تضحى هناك مشكلة في الأصل؟
"أماراتيا صن"... عن القنبلة الديموغرافية والتنمية
هل ما يميل بعض الناس إلى رؤيته باعتباره مشكلة سكانية ليس في نهاية المطاف سوى مشكلة تنمية؟
هذه هي الفكرة التي يدافع عنها "أماراتيا صن"، إذ لا يؤمن الاقتصادي الهندي الحائز جائزة نوبل بوجود "قنبلة ديموغرافية "، ويعتبر أن السؤال الديموغرافي لا يستحق أن يعامل بمعزل عن الأسئلة الأخرى، وكسبب مسبق لجميع الآفات الحالية، حيث لن يكون لتخصيص تمويلات مهمة على سبيل المثال لتنظيم الأسرة على حساب التعليم والصحة، وفقاً لصن، ما يبرره، إلا إذا كان التشخيص القائل بأن النمو السكاني هو أصل معظم العلل صحيحاً.
بيد أن صن لا يعتقد أن هذا التشخيص خاطئ فحسب، بل ليس من شأن تقليل الإنفاق على الصحة والتعليم لتمويل تنظيم الأسرة أن يؤدي إلا إلى نتائج عكسية، فمن دون تنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية، قد لا يشهد معدل المواليد ركوداً في البلدان التي يرتفع فيها، أي في أفقر بلدان العالم.
وعلى العكس تماماً، إذا شهد بلد ذو خصوبة مرتفعة نسبياً تطوراً كبيراً في مجالات الصحة والتعليم والعمل، فيمكن أن نتوقع انخفاض معدل المواليد من تلقاء نفسه. لذلك يدعو صن إلى تجاوز "النظرة الانعزالية إلى النمو السكاني" التي تتمثل في فصل قضايا السكان عن قضايا التنمية، في حين أنهما مترابطتان على نحو وثيق.
هل من آراء أخرى تتفق مع ما ذهب إليه صن؟
عند الدكتورة ليزا أوكونور، المتخصصة في علم ديناميكيات السكان في جامعة بلفاست، أن كثيرين يعتقدون أن عدداً أقل من البشر سيكون افضل لعالمنا المنهك الذي تستنزف وتتآكل موارده بسرعة شديدة، وتلك حقيقة لا يمكن إنكارها، ولكن هناك أيضاً أسئلة يجب الإجابة عنها، فعدد أقل من الأطفال الذين يولدون سنوياً يعني أن العالم سيكون أكثر شيخوخة، وهذا أيضاً له تحدياته، فالشيخوخة السكانية مقلقة للغاية، وتتطلب تغيرات اجتماعية هائلة، فمن سيشتري ما يتم إنتاجه، فمع الشيخوخة يقل الاستهلاك، وإذا انخفض الإنتاج تراجع الاستهلاك، ولن تستفيد الصناعات من مزايا الإنتاج الكثيف، وهناك أيضاً تساؤلات تتعلق بمن سيدفع الضرائب في عالم سيتسم بالشيخوخة، وتلك الضرائب ضرورية لتمويل نظم الرعاية الصحية التي تزداد تكلفة يوماً بعد آخر، وتبقى هناك أسئلة عديدة من نوعية: ماذا عن سن التقاعد، وهل سيتم دفعه إلى الأعلى ليصل إلى 70 عاماً أو أكثر.
ما الحل إذاً، وهل يتمثل في محاولة توفير الغذاء لأكثر من 10 مليارات نسمة أول الأمر، ومحاولة مجابهة التغيرات المناخية، والاستعانة من ثم بالذكاء الاصطناعي والاختراعات الحديثة في الزراعة والصناعة، ومحاولة استغلال البحر كما البر، عطفاً على التطلع إلى الفضاء ولو في القرن الثاني والعشرين المقبل؟
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كيفية توفير مزيد من الغذاء للبشر
أحد الاسئلة المهمة، بل الجوهرية في سياق البحث عن جذور إشكالية الغذاء حول العالم، هو ذاك المتعلق بالعلاقة بين السياسات النيوليبرالية والأوضاع المعيشية لمليارات البشر، وهل كانت تلك التوجهات الاقتصادية سبباً مباشراً في الأزمات المتراكمة.
من المقطوع به أن الكثير جداً من الرؤى النيوليبرالية المنفلتة، التي قلصت وهمشت دور الدولة في رعاية مواطنيها اقتصادياً، قد تسببت بشكل مباشر وعبر عشوائية كوكبية ضربت الكرة الأرضية خلال العقود الثلاثة المنصرمة، في فقدان الضوابط الإنسانية التي تحمي المجتمعات البشرية من جموح الربح غير المستنير.
لقد تطورت الأسواق المالية المستقلة إلى حد كبير، بعيداً من تطور الاقتصاد الحقيقي، ما أدى إلى تفاقم معضلة الديون الخارجية لبلدان الجنوب.
أضف إلى ذلك ظهور مفاهيم النموذج الزراعي الذي يخدم منطق الرأسمالية الجامحة من دون أية معايير أو قيم إنسانية، ومن قبيل ذلك أن المحاصيل التي هي في الأصل وجدت لسد الجوع كما الحال في الذرة وبعض الحبوب الأخرى، باتت اليوم تسخر لصناعة الوقود كما الإيثانول، بهدف الحفاظ على أسعار الطاقة، ومراكمة الاحتياطيات النفطية.
هناك إذاً في الأزمة الغذائية جانب أخلاقي لابد من أن يراعى قبل البحث في الأدوات الجديدة الكفيلة بزيادة الإنتاج الزراعي وإشباع الجياع.
والثابت أنه على الرغم من بعض التقدم الذي أحرز خلال الأعوام الماضية في تخفيض أعداد الجياع حول العالم، إلا أنه لا يزال هناك واحد من كل تسعة أشخاص يعاني من نقص التغذية.
في هذا الإطار تبدو عملية إطعام سكان العالم المتزايد من دون تطبيق استراتيجيات استهلاك أكثر استدامة "بمنزلة تهديد مستمر للبيئة"، ولهذا فإن السيناريو الموجه نحو النمو الاقتصادي، الذي يتجاهل التوزيع غير العادل للأغذية ويهدف إلى القضاء على الجوع عن طريق زيادة إنتاج الغذاء سيتطلب إنتاجاً غذائياً إضافياً بنسبة 20 في المئة تقريباً، و48 مليون هكتار من الأراضي الزراعية الإضافية، كما سيزيد من انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 550 مليون طن بحلول عام 2030.
هل الأساليب العلمية في الزراعة والأفكار المبتكرة يمكن أن تكون طريقاً لمواجهة الآثار السلبية للزيادة السكانية العالمية؟
يمكن القول إن العالم قد بدأ بالفعل في استخدام كثير من التقنيات الحديثة التي غيرت من ملامح ومعالم الخريطة الزراعية حول الكرة الأرضية، غير أن الأكثر لا يزال مطلوباً، لا سيما أن التحديات كبيرة في طريق توفير الغذاء لـ 10 مليارات نسمة في 2050 و11 مليار نسمة في 2100.
هنا تبدو الحاجة إلى ما بعد تلك الأفكار، بمعنى أنه إذا لم تتم زراعة المساحات نفسها بأكثر من محصول مرة ومرتين وثلاث مرات طوال العام، فإن مهمة إطعام تلك الأفواه ستكون مسألة كارثية ومهمة شبه مستحيلة.
يقول البروفيسور الأميركي لي هيكي، أستاذ علوم المحاصيل في جامعة "كوينزلاند"، إن فكرة التربية السريعة للمحاصيل، قد تكون نافعة بالفعل، جنباً إلى جنب مع تقنيات أخرى للتربية المتقدمة، مثل علوم الجينوم لتطوير محاصيل أكثر إنتاجية، وأكثر قدرة على مواجهة التحديات المختلفة مستقبلاً.
وهناك أصوات أخرى تقول إنه لمواجهة تلك الزيادات الهائلة بعد ثلاثة عقود من الآن، لابد من إيجاد بدائل لزراعة المحاصيل، في ظروف خارج ظروف التربة التقليدية، وهذا يتطلب أفكاراً من خارج الصندوق، غير أن المعضلة ربما تتمثل في التكاليف العالية التي لا تقدر عليها سوى الدول الكبرى، التي لديها فوائض مالية، وتمتلك رفاهية التجربة والحكم، أما الفقراء في أفريقيا وآسيا فليس أمامهم سوى الحل الأخير... ماذا عن هذا الحل؟
النساء مفتاح الزيادة السكانية أو نقصها
حكماً تبقى النساء لا سيما في المناطق الريفية والقطاعات رقيقة الحال من حيث التنمية الفكرية والذهنية، أحد أهم مفاتيح مواجهة تلك الزيادات غير المطمئنة مستقبلاً، وعليه فإنه لابد من أن تحصل النساء في كل مكان على خدمات جيدة في مجال تنظيم الأسرة خلال العقد الحالي، وقبل الدخول في العقد الرابع من القرن الحادي والعشرين.
ولعله من نافل القول إنه لن تكون نسوة مستوعبات لعمق الإشكالية من غير وعي تعليم وبرامج وطنية وإقليمية ودولية على درجة عالية من المهنية، بهدف تغيير العقول لقبول فكرة تنظيم الأسرة.
الخلاصة... العالم أمام تحد مصيري يتطلب رؤى أممية جامعة مانعة، غير أن الصراعات الأيديولوجية المعاصرة، تفتح الأبواب لخلافات من شأنها ترك باب الزيادة السكانية مفتوحاً ليلتهم الأخضر واليابس في نهاية المطاف.