تضاءلت إمكانية جمع السيولة في أسواق رأس المال بأكثر من 900 مليار دولار في الربع الأول من عام 2022، مع ارتفاع التضخم والحرب في أوكرانيا وتقلب أسعار الأصول، مما أدى إلى تأخير إدراج الأسهم وإعاقة صفقات السندات.
وجمعت الشركات 2.3 تريليون دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، من خلال مبيعات الأسهم والقروض الجديدة في أسواق السندات بحسب "فايننشال تايمز"، وهو أصغر مبلغ في ست سنوات، وانخفض أكثر من 3.2 تريليون دولار عن العام الماضي، وفقاً لمزود البيانات ريفينيتيف.
ويقول مصرفيون ومستثمرون، إن التراجع في النشاط ينبع من التقلبات الهائلة في أسواق الأسهم العالمية، وبدء ارتفاع أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، مما دفع مديري الأموال إلى الابتعاد عن الاستثمارات ذات المخاطر العالية والأسهم عالية المخاطر.
ارتفاع تكاليف الاقتراض
وأدى تقلب السوق أيضاً إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض في سوق سندات الشركات الأميركية البالغة 10 تريليونات دولار، على الرغم من أن الشركات لا تزال قادرة على جمع السيولة المطلوبة.
وانخفض إجمالي إصدارات سندات الشركات بنسبة 7 في المئة إلى 1.36 تريليون دولار، أي أقل بقليل من 100 مليار دولار من مستويات العام الماضي. كان هذا الانخفاض مدفوعاً بانخفاض ملحوظ في الاقتراض من الشركات التي تعتبرها وكالات التصنيف أكثر خطورة.
وتراجع بعض المقرضين بسبب التقلبات، ورفضوا تقديم الائتمان أو سعوا للحصول على تكاليف اقتراض أعلى عندما يطمئنون للمخاطر. وانخفض الإقراض في سوق السندات ذات العائد المرتفع على مستوى العالم بنسبة 72 في المئة إلى 59 مليار دولار. وبلغ إجمالي الإصدارات في الولايات المتحدة 34 مليار دولار فقط للربع الأول، بانخفاض من 139 مليار دولار في العام السابق، وأدنى حصيلة في الربع الأول منذ عام 2016، عندما أرسل التباطؤ الاقتصادي في الصين موجات صدمة عبر الأسواق العالمية.
وارتفعت عائدات السندات غير المرغوب فيها، وديون الشركات ذات التصنيف المنخفض، من 4.3 في المئة إلى أكثر من 6 في المئة، ويرجع ذلك إلى ارتفاع أسعار الفائدة القياسية، بدلاً من إعادة التقييم الدراماتيكية لمخاطر إقراض الشركات منخفضة الجودة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الواقع الجديد وعدم اليقين
تسلل بعض الاستقرار إلى أسواق الأسهم وسندات الشركات أخيراً، حتى مع استمرار انخفاض قيمة السندات السيادية، العمود الفقري للنظام المالي العالمي. وقد فتح ذلك الباب أمام بعض الشركات، بما في ذلك شركة التكنولوجيا المالية "أس أس آند سي تيكنولوجيز"، للاستفادة من المستثمرين للحصول على رأس المال بعد تأجيل الاقتراض المخطط له في وقت سابق من هذا العام.
وقالت ألكسندرا بارث، الرئيسة المشاركة للتمويل بالرافعة المالية الأميركية في "دويتشه بنك"، "لا يمكن للشركات الانتظار إلى الأبد. هناك أمل في أن نرى بعض الاستقرار في أوروبا. هناك قدرة على الانتظار لبعض الوقت، لكن في نهاية المطاف سوف يتبدد هذا الصبر وسنرى مزيداً من الصفقات التي يجب أن تطرح في السوق. في النهاية يتعين على الشركات قبول أن هذا هو الواقع الجديد".
وينتظر المصرفيون والمستثمرون إعادة فتح سوق الاكتتاب العام في الولايات المتحدة، حيث تسعى عديد من الشركات الخاصة التي تبلغ قيمتها مليار دولار على الأقل، إلى طرح أسهمها للاكتتاب العام. في حين دفع التقلب الأخير بعض المستثمرين، بما في ذلك فيديليتي، وتي رو برايس، إلى تقليص افتراضاتهم بشأن قيمة بعض الممتلكات الخاصة. وفي وقت سابق من هذا الشهر، قررت شركة توصيل البقالة "إنستاكارت" خفض تقييمها بنسبة 40 في المئة إلى 24 مليار دولار في جولة تمويل جديدة.
ريتشارد زغيب، الرئيس العالمي لأسواق رأس المال في "سيتي" قال، "الجزء الصعب وما كان مخيفاً بشأن هذا الربع هو التقلب". وأضاف، "عندما تكون لديك أسواق الأسهم مرتفعة كثيراً ثم تنخفض كثيراً، فهذا مجرد جنون. هناك عدم يقين حول ما ستسير عليه الأمور".
131 مليار دولار مبيعات الأسهم عالمياً
وكانت الأسواق المالية قد جفت لأول مرة في الولايات المتحدة، مع طرح أقل من عشرين شركة للاكتتاب العام، في طرح عام أولي تقليدي حتى الآن هذا العام. على الصعيد العالمي، زادت مبيعات الأسهم 131 مليار دولار، أي حوالى نصف مستوى العام الماضي. ويتماشى هذا المبلغ تقريباً مع النشاط في عامي 2019 و2020، لكنه يرجع إلى حد كبير إلى سلسلة من عمليات الإدراج الكبيرة في آسيا، حيث تم إطلاق تسعة من أكبر 15 اكتتاباً أولياً في العام. وفي الولايات المتحدة، بلغت مبيعات الأسهم أدنى مستوى لها منذ عام 2009 في خضم الأزمة المالية.
وعلى الرغم من أن بعض الشركات قد أخرت خطط الإدراج حتى النصف الثاني من العام، إلا أن عديداً منها، مثل شركة "آيكير باوش آند لامب"، استمرت في تحديث الأوراق مع منظمي الأوراق المالية في الولايات المتحدة حتى يكونوا جاهزين للإدراج بسرعة عندما تتحسن ظروف السوق.
ديفيد لودفيج، رئيس أسواق رأس المال في بنك "غولدمان ساكس"، قال إن "حجم الأعمال المتراكمة مرتفع ولدى المستثمرين كثير من رأس المال للعمل". وأضاف "الجمع بين هذين الأمرين، يعني أنه بمجرد أن نرى مزيداً من الاستقرار في الأسواق الأوسع، ستكون [الاكتتابات الأولية] موضع ترحيب".