على وقع التداعيات المتلاحقة للحرب الروسية في أوكرانيا وتأثيرها في المنطقة العربية، بحث يوم الاثنين، الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، يرافقه خمسة من وزراء الخارجية العرب، في العاصمة الروسية موسكو الأزمة الأوكرانية وتداعياتها، وذلك في إطار زيارة لمجموعة الاتصال العربية على المستوى الوزاري، تنفيذاً لمخرجات مجلس الجامعة العربية الشهر الماضي بإجراء المشاورات والاتصالات اللازمة مع الأطراف المعنية.
وجاءت الزيارة التي ضمت وزراء خارجية مصر والسودان والجزائر والعراق والأردن، للقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وذلك عشية لقاء آخر مقرر مع وزير الخارجية الأوكراني ديمتري كوليبا، اليوم الثلاثاء في العاصمة البولندية وارسو، بهدف "استكشاف سبل القيام بوساطة عربية في الأزمة وبحث تداعيات النزاع على المنطقة العربية" بحسب ما أبلغت مصادر "اندبندنت عربية".
وفي التاسع من مارس (آذار) الماضي، أقر مجلس وزراء جامعة الدول العربية خلال دورته الـ157، تشكيل مجموعة اتصال وزارية لتولي متابعة وإجراء المشاورات والاتصالات اللازمة مع الأطراف المعنية بالأزمة الأوكرانية، والمساهمة في إيجاد حل دبلوماسي.
وساطة عربية
خلال مؤتمر صحافي في موسكو، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن الدول العربية عرضت الوساطة في حل الأزمة الروسية الأوكرانية، مضيفاً أن "مجموعة الاتصال العربية بشأن أوكرانيا شددت خلال محادثاتها في روسيا على أهمية تسهيل خروج الجاليات العربية بمناطق الصراع وضمان عدم تأثير النزاع في الدول الأخرى".
وشدد شكري الذي كان يتحدث بجانب الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الروسي، على أنه "يجب ضمان عدم تأثير النزاع في أوكرانيا في سائر الدول"، موضحاً أن "تحركنا لحل الأزمة الأوكرانية يأتي في ضوء خطورة الوضع، وخطورة الأزمة الأوكرانية على السلم والأمن الدوليين".
من جانبه، قال أبو الغيط، إن "الموقف العربي يؤكد دعم جهود حل أزمة أوكرانيا عبر الحوار والدبلوماسية"، مشيراً إلى أن "الأزمة في أوكرانيا أثرت في أسواق الغذاء والنفط في العالم، كما أثر ارتفاع الأسعار في الخطط الاقتصادية للحكومات والشعوب العربية".
وذكر أبو الغيط أن "أزمة روسيا وأوكرانيا لها آثار سلبية كثيرة ومتعددة على العديد من الدول العربية"، لافتاً إلى أن تلك الدول تستورد القمح والغلال والحبوب بكميات كبيرة للغاية من دول الاتحاد الروسي، وأضاف أن الأزمة كذلك "قادت إلى ارتفاع أسعار الوقود والبترول، بشكل مؤثر في كل جهود التنمية في العديد من الدول العربية".
وبحسب مصادر بالجامعة العربية تحدثت إلينا، فإن "زيارة الوفد العربي إلى موسكو هدفت بالأساس إلى استكشاف إمكانية لعب دور عربي في الصراع الدائر على الأراضي الأوكرانية، عبر الاستناد إلى ما تتمتع به دول المنطقة من علاقات طيبة مع طرفي الصراع وحتى مع الدول الغربية المنخرطة في الأزمة". مضيفة أن "الزيارة هدفت كذلك إلى تأكيد أهمية احترام مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ودعم المساعي الهادفة إلى تخفيف حدة التوتر والدعوة إلى الشروع في إجراءات التهدئة وضبط النفس، وبما يكفل عودة الاستقرار والسماح بعودة الحياة إلى طبيعتها".
وفي وقت سابق، أفادت الجزائر، حيث يشارك وزير خارجيتها رمطان لعمامرة في المباحثات، بأن الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، سيرافق الوزراء العرب "لمباشرة مشاورات مع الجانب الروسي، تتبعها زيارة إلى العاصمة البولندية وارسو للقاء الطرف الأوكراني"، مضيفة أن "الوزراء العرب سيستمعون إلى مواقف وانشغالات الطرفين على ضوء آخر التطورات الأمنية والسياسية للأزمة في أوكرانيا، كما سيبحثون آفاق وسبل مساهمة مجموعة الاتصال العربية في مساعي التهدئة والتخفيف من حدة التوتر، وصولاً إلى تقريب وجهات النظر بما يسمح بالتعجيل في التوصل إلى حل سياسي".
وبحسب الخارجية الجزائرية "سيستمع الوزراء العرب إلى مواقف وانشغالات الطرفين على ضوء آخر التطورات الأمنية والسياسية للأزمة في أوكرانيا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والسبت الماضي، عقدت مجموعة الاتصال العربية على المستوى الوزاري اجتماعاً تنسيقياً افتراضياً، بهدف التحضير لزيارة المجموعة إلى موسكو، ثم التوجه إلى وارسو، وذلك بعد أن أعرب مجلس الجامعة عن "القلق إزاء تطورات الأحداث في أوكرانيا وتأييد جميع الجهود الرامية لحل الأزمة من خلال الحوار والدبلوماسية وبما يحفظ أمن وسلامة الشعوب في هذه المنطقة المهمة من العالم".
هل تنجح المساعي العربية؟
وفق مراقبين تحدثت لهم "اندبندنت عربية"، فإن الوساطة العربية في الأزمة الأوكرانية وإن كانت مستبعدة لانخراط أطراف أخرى أكثر صلة بالأزمة، إلا أنها تبقى مهمة في رسائلها الساعية لتأكيد إبراز الموقف العربي من الصراع وتأكيد ضرورة التهدئة والحلول السياسية للأزمة.
وقال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق "الموقف العربي داعم للتوصل لاتفاق سياسي ينهي الحرب ويمهد لاتفاق أشمل بين موسكو وكييف"، موضحاً أن "دول المنطقة وإن كان إمكانية لعب دور تبقى ثانوية في المشهد، إلا أن أهميتها تكمن في تأكيد ضرورة استغلال الروابط الطبية التي تجمع البلدان العربية بروسيا والغرب في الوصول لتهدئة ووقف لإطلاق النار في أوكرانيا".
وذكر هريدي، "تدور مفاوضات مباشرة وغير مباشرة بين الروس والأوكران منذ أسابيع برعاية أطراف دولية مختلفة، وعلى الرغم من ذلك تؤكد الدول العربية من خلال انخراطها المباشر في الأزمة التشديد على ضرورة إيجاد حلول سريعة لمواجهة التداعيات السلبية التي أوجدتها الحرب على كل دول العالم والعالم العربي على وجه الخصوص، إذ تبقى دوله من أكبر الدول المستوردة للحبوب في العالم وعليه فإن الأمن الغذائي لها معرض للخطر".
من جانبه، ذكر، نبيل رشوان، الباحث المتخصص في الشأن الروسي، أن المحاولة العربية للوساطة في الأزمة، تقوم بالأساس على "استغلال ما تملكه دول المنطقة من علاقات طيبة مع أطراف الأزمة وكذلك مع الدول الغربية، وعليه فإنه بإمكانها لعب دور لتسهيل الوصول لتهدئة بين الجانبين الروسي والأوكراني".
وذكر رشوان، "تسعى الجامعة العربية من خلال انخراطها في الأزمة لمحاولة تخفيف وطأة التداعيات السلبية للحرب على الدول العربية وعليه فإن من مصلحة دول المنطقة إنهاء الحرب".
في الاتجاه ذاته، يقول السفير عزت سعد، الذي خدم سابقاً سفيراً مصرياً في موسكو، إن "التحرك العربي نابع بالأساس من محاولة لإيجاد تسوية سريعة للأزمة التي طالت بتداعياتها السلبية كل دول العالم وبالأخص الدول العربية على صعيد الطاقة والأمن الغذائي"، مضيفاً، "يمكن للعرب لعب دور الوسيط في الأزمة على الرغم من الانخراط الأكبر لأطراف أخرى أو في الأقل تقريب وجهات النظر الروسية والأوكرانية".
والأربعاء الماضي، قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري، إن "تداعيات أزمة أوكرانيا حافز للعمل على سرعة إنهائها"، وذكر شكري "نتابع آخر التطورات وننتظر نتائج المفاوضات بين الجانبين الروسي والأوكراني" مضيفاً "نحن كدولة مصرية نلتزم بمبادئ الأمم المتحدة مع مراعاة أن هناك مسببات أدت إلى هذه الأزمة يجب العمل على إزالتها".
وأشار شكري إلى أن "تداعيات الأزمة والعقوبات التي فرضت على روسيا أدت إلى رفع الأسعار في جميع دول العالم، وهو ما يحفز على سرعة الخروج من الأزمة وحلها بما يتسق مع الأعراف الدولية".