بعد نحو 5 سنوات على طرح فكرة لم تر النور باسم العاصمة الجديدة، عاد الحديث مرة أخرى من قبل حكومة بشر الخصاونة عن إنشاء مدينة إدارية جديدة تستوعب كل مشكلات الأردنيين وضغوطهم وتنهي الاكتظاظ والزحام اليومي في العاصمة عمّان.
وعلى الرغم من أن الفكرة لا تزال قيد البحث والدراسة، فإن الحديث عنها يبدو جدياً لدى رئيس الحكومة بشر الخصاونة، الذي زار مصر عام 2021 بهدف الاستفادة من خبرتها في هذا المجال.
لكن هذه الرغبة الحكومية تصطدم على ما يبدو بالتكلفة العالية التي لا تستطيع ميزانية الدولة المثقلة بالأعباء تحملها في هذا الوقت تحديداً. لكن مراقبين يرون أنه يمكن التغلب على العائق المادي عبر الدخول في شراكات مع القطاع الخاص، أو عبر نظام البناء والتشغيل والتمليك BOT.
مدينة متطورة
تقول الحكومة الأردنية، إن هذه المدينة ستكون مدينة إدارية جديدة متطورة وليست عاصمة، ويكشف خيري عمرو، وزير الاستثمار الأردني، "أن موقع المدينة المقترح سيكون شرق العاصمة وعلى شكل مثلث ضخم، بحيث يربط ما بين العاصمة ومدينة الزرقاء ثاني أكبر المدن الأردنية من حيث السكان".
وهي منطقة تمتاز بقربها من السعودية والعراق وسوريا، لافتاً إلى "أن بناء هذه المدينة سوف يأخذ سنوات طويلة قد يمتد لعشرين عاماً وعلى مراحل عدة".
ووفقاً لوزير الاستثمار الأردني، فإن الهدف هو توسيع الرقعة السكنية وتحسين وتطوير البنية التحتية، وصولاً لإنشاء مدن ذكية، وفقاً لاعتبارات مالية واجتماعية وبيئية.
ويجري الحديث هنا عن بناء مدينة إدارية جديدة تنقل لها الوزارات والمؤسسات والمسؤوليات الحكومة والسفارات ومراكز البنوك الرئيسة.
خيار لا بديل عنه
يؤكد الكاتب زيد نوايسة أن التوجه نحو إنشاء عاصمة إدارية جديدة في الأردن هو خيار لا بديل عنه، بخاصة بعد 100 عام من عمر الدولة وفي ضوء زيادة سكانية متسارعة، ومؤشرات بتضاعف عدد السكان خلال السنوات العشر المقبلة.
يضيف النوايسة "أن الجميع في الأردن متفقون أن العاصمة عمّان لم تعد قادرة على استيعاب مزيد من السكان، وأن أي زيادة سكانية تحتاج زيادة موازية في البنية التحتية والخدمات، بخاصة بعد تجاوز عدد سكان المملكة 11 مليوناً، نحو نصفهم يقطنون في العاصمة، وفي ظل الهجرة من المحافظات بحثاً عن فرص العمل، أصبحت أزمة السير مرهقة نفسياً وصحياً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يشير النوايسة إلى أن بناء مدينة إدارية جديدة ذكية ومهيأة لاستقبال أجهزة الدولة الحكومية وتربط بشبكة نقل حديثة، يحاكي تجربة المدينة الإدارية التي أنجزتها الحكومة المصرية وتبعد عن القاهرة مسافة 60 كم.
الاستفادة من التجربة المصرية
وكان رئيس الوزراء بشر الخصاونة زار القاهرة في 2021 بهدف الاطلاع على المدينة الإدارية الجديدة هناك، والاستفادة من التجارب والمشروعات الكبرى في مصر، وشهد اللقاء الذي حضره الوفد الحكومي المرافق للخصاونة والسفير الأردني في القاهرة، شرحاً مفصلاً عن فكرة مشروع العاصمة الإدارية الجديدة ومخطط تنفيذها ومراحله، وآليات التعاون والتنسيق بين مؤسسات الدولة والقوات المسلحة المصرية.
ويعد رئيس الحكومة الأردنية أول مسؤول عربي يطلع على المشروع المصري، ما يؤكد اهتمام الأردن بالتجربة المصرية التي تقوم على فكرة "مدن الجيل الرابع" أو "المدن الذكية".
وكانت تقارير صحافية تحدثت عن تقديم وفد هندسي مصري، عرضاً لمسؤولين أردنيين في الديوان الملكي، حول تجربة مصر في إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة وآلية تمويل وتصميم العاصمة.
توصيات
ويرى مراقبون أن إطلاق مشاريع المدن الجديدة يعد خياراً استراتيجياً، بخاصة مع توقعات بارتفاع نسبة النمو السكاني بنسبة 2.3 في المئة وارتفاع عدد سكان المملكة إلى 13 مليون نسمة خلال السنوات المقبلة. ويوصى خبراء ومهندسون بالتجهيز جيداً لهذا المشروع الذي يفترض به نقل موظفي 29 وزارة و25 دائرة و55 مؤسسة حكومية مع عوائلهم إليها، وهو ما سيؤدي إلى آثار اجتماعية كتفريغ المحافظات من ساكنيها، وتفكيك الترابط الأسري والعشائري والنسيج الاجتماعي.
ويشير آخرون إلى جانب مهم وهو النشاط الاقتصادي الذي سينطوي على هذه المدينة الجديدة، والتكتل البشري الجديد فيها، بحيث لا تتكرر تجربة العاصمة عمان التي ستتضاعف سكانياً بعد 20 عاماً لتصل إلى 8 ملايين نسمة.