حتى الأسبوع الماضي، بدت وسائل الإعلام البريطانية وكأنها غير مهتمة بالانتخابات الرئاسية الفرنسية. فموعد الجولة الأولى منها الأحد المقبل، والجولة الثانية بعد الأولى بأسبوعين. ومنذ فترة طويلة، بدا إيمانويل ماكرون متجهاً لخوض الانتخابات الرئاسية لولاية ثانية مدتها خمس سنوات، فيما أربكت وسطيته السياسية الغامضة في كثير من الأحيان خصومه الرئيسيين، الأمر الذي سمح له بالمحافظة على فارق مريح لصالحه مع مارين لوبن (خصمه المحتمل في الانتخابات المقبل).
خلال الأشهر الستة الماضية، برزت أسماء مرشحين آخرين، ولكن لفترة وجيزة فقط. في الواقع، حاول المرشح إيريك زيمور التقدم على لوبن من خلال استمالة اليمين المناهض للهجرة، محاولاً الاستفادة من انتقالها إلى الوسط [الوسطية السياسية]، لكن شعبيته ما لبثت أن تراجعت. بعد ذلك، برزت فاليري بيكريس كمرشحة الوسط اليميني الموحد، قبل أن تعود وتتراجع. وأخيراً، قام جان لوك ميلينشون من اليسار المعارض الشبيه بكوربين بطرح ترشيحه متأخراً.
أتت أول أيام الحرب على أوكرانيا بمثابة دعم لترشيح ماكرون، حيث كان نشطاً على الساحة الدولية باعتباره الزعيم الغربي الوحيد الذي كان على اتصال بفلاديمير بوتين. بدا الأمر كما لو أننا نتجه إلى تكرار ما حدث عام 2017، عندما هزم ماكرون لوبن في الجولة الثانية من التصويت بنسبة 66 في المئة مقابل 34 في المئة.
وقد ساد هذا الوضع حتى الأسبوع الماضي. ويوم الأربعاء في 30 مارس (آذار)، أجرت شركة "Elabe" استطلاع رأي أظهر تقدم ماكرون على لوبن بواقع خمس نقاط مئوية فقط في جولة افتراضية: 52.5 في المئة مقابل 47.5 في المئة. إنه فارق بسيط يمكن لـلوبن تخطيه بسهولة في غضون الحملة الانتخابية التي ستستمر لثلاثة أسابيع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بالطبع، هذا مجرد استطلاع رأي واحد، لكنه أثار بلبلة، لا سيما في صفوف العديد من الفرنسيين، والمحللين الأجانب، فتنبهوا إلى أن شعبية لوبن ازدادت منذ منتصف الشهر الماضي، بينما تراجعت شعبية ماكرون.
تجدر الإشارة إلى أن استطلاعات الرأي أشارت إلى فارق بين ماكرون ولوبن لصالحه، في الاقتراع المباشر[ للاختيار بينهما]، إلى متوسط ثماني نقاط في الأسبوع الماضي. عادة، سيكون هذا تقدماً مريحاً بدرجة كافية، وقد تفوق ماكرون في استطلاعات الرأي الأخيرة بأربع نقاط، حيث كان متقدماً أصلاً بـ20 نقطة ولم تكن النتيجة موضع شك حقاً.
هذه المرة، لوبن مرشحة جادة، وقد التزمت استراتيجية لـ"نزع صفة الشيطنة" [عن حزبها وتلميع صورته]، حيث غيرت اسم حزبها من "الجبهة الوطنية" إلى "التجمع الوطني" وغيرت سياساتها محاولة التخلص من تهمة التطرف.
في الانتخابات الأخيرة، كانت لوبن بمثابة مرشحة هامشية وحالفها الحظ في الميدان في الجولة الأولى. ومن ثم خسرت بسهولة عندما شكلت تيارات المتن السياسي الرئيسية، أي اليسار واليمين، جبهة موحدة مع الانتهازي ماكرون لصد ما اعتبروه يميناً [متطرفاً] فوزه غير مقبول. الآن، ستحصل على الدعم خصوصاً في الجولة الثانية، من متن اليمين [غير المتطرف]، وأيضاً مما يسمى أقصى اليسار، وهذه المرة، تخوض لوبن الانتخابات بإمكانية فوز كبيرة.
مع فائق التقدير،
جون رينتول
كبير المعلقين السياسيين
© The Independent