تتواصل الحملة على وزير الخزانة البريطاني، ريشي سوناك، المسؤول الأول عن فرض وتحصيل الضرائب من المواطنين، بعدما كشفت صحيفة "اندبندنت"، قبل أيام، عن تمتع زوجته بوضع "غير مقيم ضريبياً" لتفادي دفع ضرائب على أرباحها في الخارج، بينما تقيم مع زوجها في 11 داوننغ ستريت، الشارع الذي يضم مقر الحكومة البريطانية في قلب العاصمة لندن.
الصحيفة كشفت مجدداً عن وثائق اطلعت عليها بها اسم ريشي سوناك، كمستفيد من سجلات ضريبية لصالح زوجته أكشاتا مورتي، في ملاذات ضريبية مثل جزر فيرجين الريطانية وجزر كايمان. وقالت الصحيفة، في تقرير حصري، إن أشخاصاً على علم بالأعمال المالية لأسرة مورتي أكدوا وجود اسم الوزير في السجلات عام 2020، وهو العام الذي تولى في فبراير (شباط) منه منصب وزير الخزانة.
وذكرت الصحيفة أنها اطلعت على وثائق تتعلق بصناديق تخص أكاشا مورتي وعائلتها وشركات مرتبطة بأعمال العائلة، وكان اسم ريشي سوناك مسجلاً في بعض تلك الوثائق تحت صفة "مستفيد". وقال كبير وزراء الخزانة في حكومة الظل لحزب العمال المعارض، بات ماكفادن، إن تسجيل اسم ريشي سوناك كمستفيد في صناديق بملاذات ضريبية "أمر في غاية الخطورة"، وطالب بإجابات حاسمة حول هذا الأمر، وأضاف، "نريد شفافية مطلقة فيما يخص هذا الأمر، وكل الأخبار الأخرى التي ظهرت حول الوزير في الأربع وعشرين ساعة الماضية".
مزيد من المشاكل
كانت صحيفة "اندبندنت" كشفت، الأربعاء الماضي، في تقرير حصري تناقلته كل وسائل الإعلام البريطانية، أن أكشاتا مارتي ربحت الملايين من الإعفاء الضريبي على العائدات من الخارج على مدى سنوات. وظلت الزوجة تتمتع بهذا الوضع حتى أبريل (نيسان) 2020 في الأقل، أي إلى ما بعد شهرين من تولي زوجها منصب وزير الخزانة. وتقدر ثروة أسرة أكشاتا مارتي بأكثر من 4.5 مليار دولار (3.5 مليار جنيه إسترليني). ونقلت الصحيفة عن مصدرين على علم بالموضوع أن هذا الوضع الضريبي يمكن أن يكون وفر لها الملايين من استثمارات خارج بريطانيا.
تملك زوجة وزير الخزانة، وهي ابنة الملياردير الهندي نارايانا مورتي، استثمارات في عدة شركات، كما أنها مديرة شركة "كاتاماران فينشر" الاستثمارية المسجلة في بريطانيا باعتبارها "شركة عائلية" للاستثمار في رأس المال والأسهم، ومقرها في بنغالور ولندن. ويرأس والدها فرع الشركة في الهند. ومن بين استثمارات أكشاتا مورتي نصيب في "إنفوسيس"، وهي شركة هندية أسسها والدها ومسجلة على مؤشر سوق نيويورك وتدر عائداً سنوياً بمليارات الدولارات.
وأعلنت أكاشا مورتي، الجمعة، أنها ستدفع ضرائب في بريطانيا عن كل دخلها من استثماراتها في الخارج، مضيفة أنها لا تريد لأمورها المالية أن تشكل "إلهاء" لزوجها عن دوره وزيراً للخزانة. وقال متحدث باسم ريشي سوناك، إنه "لا يعترف بالادعاءات حول استخدام ملاذات ضريبية"، بينما رفض متحدث باسم زوجته التعليق، كما ذكرت الصحيفة في تقريرها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في الجمعة، اعترف وزير الخزانة أنه ظل محتفظاً ببطاقة خضراء أميركية وهو في منصبه بالحكومة. ويتعين على حملة البطاقة الخضراء دفع ضرائب في الولايات المتحدة. وقال متحدث باسم ريشي سوناك، إن الوزير استخدم البطاقة لأغراض السفر حتى أكتوبر (تشرين الأول) 2021، في أول رحلة رسمية له إلى الولايات المتحدة. وحينها أعاد البطاقة الخضراء للسلطات الأميركية. وأضاف المتحدث، "التزم ريشي سوناك بكل القواعد والقوانين واستمر في تقديم إقرارات ضريبية أميركية، لكن باعتباره غير مقيم، اتساقاً مع القوانين. لقد تم اتباع كافة القواعد، ودفع كل الضرائب المستحقة في فترة احتفاظه بالبطاقة الخضراء".
مستقبل سياسي مهدد
كان سوناك من الوزراء القلائل في الحكومة الذين لم يدعموا رئيس الوزراء، بوريس جونسون، بقوة ووضوح في أزمة حفلات داوننغ ستريت خلال فترات الإغلاق. وهي الأزمة التي كادت تطيح بجونسون من رئاسة الحكومة، وتردد وقتها في الإعلام وتحليلات المعلقين السياسيين اسم سوناك كمرشح قوي لخلافة جونسون، هو ووزير الخارجية الحالي، ليز ترس.
لكن تلك الأخبار في اليومين الأخيرين تهدد المستقبل السياسي لريشي سوناك، إذ يرى كثير من المعلقين وكتاب الأعمدة في الصحف البريطانية أن حلمه بزعامة حزب المحافظين ربما تبخر. ويأتي الكشف عن تلك المعلومات في وقت تتراجع شعبية وزير الخزانة بشدة بين البريطانيين، وسط اتهامات بفشل حكومته في وقف الارتفاع الهائل في تكاليف المعيشة. وأظهر أحدث استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "يوغف" أن أكثر من نصف البريطانيين لا يوافقون على وزير الخزانة، ريشي سوناك، بينما قالت نسبة 28 في المئة فقط إنهم يقبلون به.
ونقلت "اندبندنت" عن زعيم حزب العمال المعارض، السير كير ستارمر، اتهامه سوناك بـ"النفاق الهائل"، لزيادته الضرائب على المواطنين بينما زوجته تستمتع بوضع غير مقيم ضريبياً. وحثت أحزاب المعارضة كلها: العمال، والأحرار الديمقراطيون، والقومي الاسكتلندي، وزير الخزانة على تقديم تفاصيل أكثر عن الوضع المالي له ولزوجته، ومدى استفادته هو شخصياً من ذلك الوضع.