يقول محللون إن روسيا تحشد قواتها لشن هجوم جديد على إقليم دونباس شرق أوكرانيا، مهيئة الساحة لمعركة طويلة من المؤكد أنها ستكبد الطرفين خسائر فادحة في حين يحاول الروس تطويق المقاتلين الأوكرانيين.
ويتوجس المحللون العسكريون إزاء فكرة التكهن بالمنتصر في معركة دونباس، معقل أوكرانيا الصناعي، فهي معركة من المتوقع أن تكون شرسة وأن تشكل في نهاية المطاف مسار الحرب.
وقال مدير شركة "روخان" للاستشارات ومقرها بولندا كونراد موزيكا، إن "المعركة قد تنهك الطرفين لدرجة لا تسمح لأي منهما بشن هجوم أو هجوم مضاد". وأضاف، "الأوكرانيون سيدافعون عن بلدهم حتى آخر نفس، والروس سيتكبدون خسائر جسيمة". وتابع أن صراعاً صعباً متجمداً قد يستمر لشهور مع تهديد موسكو المستمر بشن هجوم جديد.
التركيز على دونباس
وتصف روسيا حملتها التي بدأتها في فبراير (شباط) بأنها عملية خاصة تهدف إلى تقليص القدرات العسكرية الأوكرانية واجتثاث القوميين الخطرين.
ومن شأن أي معركة طويلة الأمد أن تقضي على آمال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إعلان فوز كبير بحلول التاسع من مايو (أيار)، ذكرى انتصار روسيا على النازية الألمانية في الحرب العالمية الثانية، والذي تحييه موسكو بعرض عسكري ضخم يحضره زعيم الكرملين كل عام.
وطلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من الغرب مساعدته في إنقاذ بلاده، ويريد من حلف شمال الأطلسي حماية المجال الجوي لأوكرانيا، ومن الغرب شحن مزيد من المقاتلات والقذائف والصواريخ المضادة للدبابات.
وبدأت موسكو سحب قواتها من مناطق قريبة من كييف ومن مناطق في شمال أوكرانيا أواخر مارس (آذار)، من أجل التركيز على السيطرة على دونباس.
الاستراتيجيات العسكرية
وقال محلل الحروب البرية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن نيك رينولدز، إنه حتى على الرغم من عدم وصول تعزيزات في الوقت الراهن دفع الهجوم الروسي مقاتلي أوكرانيا إلى الوراء في بعض مناطق دونباس، وأحكم سيطرته على نحو 90 في المئة من منطقة لوغانسك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وصمدت القوات الأوكرانية بقوة أكبر في منطقة دونيتسك التي تشكل مع لوغانسك إقليم دونباس الناطق بالروسية، والذي سيطر عليه انفصاليون مدعومون من روسيا العام 2014. وتتمركز وحدة أوكرانية كبيرة هناك منذ ذلك الحين.
وقال المحللون إن موسكو قد تحاول اختراق الجبهة الشرقية الأوكرانية خلال تقدمها بالقوات والدبابات والمدرعات من الشمال والجنوب، في تشكيل كماشة لتطويق ومحاصرة القوات الأوكرانية من الخلف.
ورجح محللون أن تحاول أوكرانيا تجنب المعارك المفتوحة بالدبابات وأن تستخدم المدفعية لاستهداف خطوط الإمداد وإرسال فرق تهاجم القوافل العسكرية وخطوط الإمدادات اللوجستية.
وتفادياً لتطويق قواتهم سيتعين على استراتيجيي أوكرانيا أن يجروا تقويماً مستمراً لتحديد إذا ما كان يتعين عليهم سحب المقاتلين لتجنب تقهقر سريع يتسم بالفوضى ويتسبب في تشرذمهم أو تعريضهم لنيران المدفعية والسلاح الجوي.
وقال رينولدز، "المشكلة ستكون في الانفصال عن الخط الأمامي. هذا أحد الأمور التي يتعين على الأوكرانيين بحثها".
أتصمد ماريوبول؟
على الطرف الجنوبي من إقليم دونيتسك المطل على بحر أزوف تبدو روسيا متأهبة لفرض سيطرتها الكاملة على مدينة ماريوبول الساحلية المحاصرة التي يستبسل مشاة البحرية الأوكرانية المنهكون للحفاظ عليها، بحسب ما قال رينولدز.
وأضاف، "ما لم يفقد التقدم الروسي قوة دفعه لوجستياً ومعنوياً فأعتقد أن ماريوبول سينقضي أمرها للأسف، وإذا سقطت ماريوبول فسيكون بمقدور عدد كبير من الجنود الانضمام لمحاولات التقدم الروسي في أجزاء أخرى".
وقال موزيكا إن روسيا قد تشن هجومها الجديد على دونباس قريباً، ربما في نهاية هذا الأسبوع أو في الأسبوع المقبل، عندما تصل التعزيزات من روسيا وبيلاروس، وكذلك من كييف وتشيرنيهيف وسومي في أوكرانيا.
وأصدرت شركة "ماكسار" الأميركية الخاصة صوراً التقطتها الأقمار الاصطناعية الجمعة تظهر رتلاً عسكرياً روسياً تمتد فيه المدرعات والدبابات والشاحنات التي تجر مدفعية لثمانية أميال شرق مدينة خاركيف الأوكرانية، ويتحرك جنوباً باتجاه دونباس.
ومن المرجح أن يتحرك تشكيل الكماشة الروسي الشمالي باتجاه الجنوب من بلدة إزيوم التي تقع في مكان استراتيجي على الطريق المتجه إلى بلدتي سلوفيانسك وكراماتورسك الخاضعتين لسيطرة الأوكرانيين.
وقال حاكم دونيتسك، الثلاثاء، إن روسيا تبدو في المرحلة الأخيرة من إعادة حشد القوات وإنها تقصف المنطقة على مدار الساعة.
وقال موزيكا، "سنشهد معركة طويلة على دونباس، وأمام روسيا فرص للسيطرة عليها بتفوقها في السلاح والعتاد والرجال لا في العمليات".