أثار فيديو تم تداوله أمس على مواقع التواصل الاجتماعي من قاعة محاكمة مدبّري انقلاب 1989 جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، ويظهر هيئة الدفاع عن البشير يتحدثون ويبدو أنهم تركوا الميكروفون مفتوحاً سهواً، وكانت الألفاظ تحتوي على سبّ للعقيدة مع خطاب عنصري موجه ضد مدير هيئة الإذاعة والتلفزيون السابق لقمان أحمد. الفيديو وحّد كيانات مجتمعية وسياسية ومهنية ومنظمات مجتمع مدني في السودان التي رفضته جملة وتفصيلاً، معتبرةً أن العنصرية أساس المشكلات الاجتماعية والسياسية التي تواجهها البلاد.
وعلّق مدير هيئة الإذاعة والتلفزيون السابق لقمان أحمد بالقول إن "الإساءات التي وُجّهت له خلال جلسة محاكمة قادة انقلاب 1989 لا تستهدفه بصورة شخصية وإنما تستهدف قطاعاً عريضاً من السودانيين في أرجاء العالم. وما أؤمن به من مبادئ وقيم نشأت عليها أكبر وأعظم من الصغائر والأحقاد الشخصية التي تجلّت في هذا المقطع". وأضاف، أن "قبوله لمنصب مدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون جاء تلبية لنداء الثورة والوطن ولتقديم مؤسسة إعلامية مستقلة بتحويل الإدارة الحكومية إلى إدارة عامة تشمل أي شخص"، وقطع بأن "هدفه كان الإصلاح، الذي يحتاج إلى عمليات جراحية حادة لم تحتملها الحكومة ولا المجتمع الإعلامي حالياً".
من جانبها، أصدرت هيئة محامي دارفور وشركاؤها بياناً حول ما حدث، جاء فيه، "تتأسف الهيئة وتشجب هذا المستوى المتردي من الانحطاط في السلوك، وستتواصل الهيئة مع (لقمان) للتشاور بشأن ما قيل من حديث عنصري، يتعدى شخصه ليمسّ سلامة المجتمع وتماسكه، وما يجب اتخاذه من إجراء في مواجهة كل من له صلة بهذه الواقعة".
واعتبر المحامي أيمن مالك أن "ما تم نقله على الوسائط إذا كان صحيحاً وتم إثباته، فيمكن أن يتم نقله إلى الجهات القانونية، إذ يعرّض المتورطين للمساءلة القانونية، نظراً إلى أن المادة 160 تنص على أن من يوجه إساءة أو سباباً لشخص بما لا يبلغ درجة القذف أو إساءة السمعة قاصداً بذلك إهانته، يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز شهراً أو بالجلد بما لا يجاوز 25 جلدة أو بالغرامة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع مالك في ما يتعلق بسبّ العقيدة، أن "القانون السوداني جرّم سب العقيدة والأديان، إذ تنص المادة 125 من القانون الجنائي السوداني لعام 1991 أن من يسبّ علناً أو يهين، بأي طريقة أيّاً من الأديان أو شعائرها ومعتقداتها أو مقدساتها أو يعمل على إثارة شعور الاحتقار بمعتنقيها يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز ستة أشهر أو بالغرامة أو بالجلد بما لا يجاوز 40 جلدة".
بينما اعتبر مالك أن "الفعل جاء من قانونيين معروفين ما شكّل صدمة كبيرة". وأصدرت حركة العدل والمساواة بياناً قالت فيه "تدين الحركة بأشد العبارات هذه الواقعة العنصرية وتدعو السلطات ووزارة العدل إلى إجراء تحقيق عاجل وشفاف وتقديم المتورطين فيها إلى المحاكمة". وتابع البيان، "صدور مثل هذه التصرفات والعبارات داخل المحكمة التي ينبغي أن تُصان فيها كرامة الإنسان والمواطنة يعبّر عن استهتار من أطلقوا تلك العبارات بالمحكمة والقانون والإنسان".
ودعت الحركة إلى "إيقاع أشد العقوبات ضد من تلفّظوا بتلك العبارات وانتهكوا قدسية المحكمة وأساؤوا إلى المواطنة".
تضامن صحافي
تضامن مع الواقعة عدد كبير من الصحافيين والإعلاميين الذين أثنوا على لقمان، معتبرين أنه "مثال للأخلاق والمسؤولية والتفاني في المهنة". ونشرت اللجنة التمهيدية لنقابة الصحافيين السودانيين بياناً أعلنت فيه، "إدانتها لما ورد من ألفاظ مسيئة من أناس كان أولى بهم تطبيق القانون على سلوكهم وحياتهم". وتابع البيان، "تؤكد التمهيدية تضامنها وكل الصحافيين مع الزميل لقمان وتشدد على اتخاذ كل الإجراءات القانونية لمحاسبة المتورطين في الواقعة وتقديمهم لمحاكمة عادلة حتى يتم قبر مثل هذا المسلك الذي يثير الفتنة والكراهية بين أبناء الوطن الواحد، ويؤكد استمرار بعض الجهات والأفراد في نهج الإساءة للصحافيين والصحافيات".
في الوقت الذي هاجم الجميع ما جرى أثناء المحكمة، اعتبر آخرون أنه "ربما يكون ما ورد مجرد فبركة، القصد منها إثارة الفتن". وفي هذا الصدد، قال المنتج والمتخصص التلفزيوني الصادق عيسى إن "نسبة أن يكون ما ورد في الفيديو مفبرك قليلة جداً، ولكن يجب ألّا يتم الحكم على صحته تماماً حتى يُعرض على متخصصين في المجال لتحديد مدى صحته. الأصوات متطابقة مع أصوات المعلقين وهذا ما لا يمكن تزويره بسهولة. ولكن هذا لا يعني صحته تماماً. في هذه الأمور نجري اختبارات بسيطة للتأكد من سلامة الفيديو". بينما علّق المنتج والصحافي محيي الدين جبريل على الفيديو في صفحته على "فيسبوك"، "بحسب خبرتي البسيطة في المجال، الصوت ليس مدبلجاً، لكن صدر مِن مَن؟ لا أعلم".