بعد مداولات استمرت حتى ساعة متأخرة من ليل الأربعاء الخميس 20 أبريل (نيسان)، لم تحسم المحكمة الإسرائيلية الالتماس الذي قدمته مؤسسات دينية وشخصيات مسيحية في القدس ضد قرار المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بتقييد دخول المصلين والحجاج المسيحيين يوم سبت النور -الذي يحل نهاية الأسبوع الحالي، ويسبق أحد الفصح المجيد، حسب التقويم الشرقي- إلى كنيسة القيامة في القدس وارتداء الأساور لتمييزهم،
فقد رفض الملتمسون التسوية التي عرضتها الشرطة الإسرائيلية بالاتفاق مع المحكمة وتقضي بالسماح بحرية الدخول إلى البلدة القديمة، ولكن مع بقاء الحواجز ومنح الشرطة الحق بإغلاق الأبواب إذا تجاوز العدد في الكنيسة وخارجها 4000 شخص.
سياسة ممنهجة
واعتبر المطران حنا عطا الله رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس لـ"اندبندنت عربية" القرار الإسرائيلي يندرج ضمن إطار سياسة ممنهجة تستهدف القدس ومقدساتها وسكانها الفلسطينيين، وقال، "لا يمكن أن نرى الموضوع إلا في إطار استعراض عضلات أمام العالم بما في ذلك العالم المسيحي بمسؤولية إسرائيل على القدس برمتها، خصوصاً القدس الشرقية والبلدة القديمة فيها، وبأن الإسرائيليين يريدون فرض أمر واقع بأنهم أصحاب القدس، أما الفلسطينيون فما هم سوى أقلية فيها". ووجه المطران عطا الله رسالة إلى العالم عموماً والعالم المسيحي بشكل خاص، بالتحرك السريع وعدم الاكتفاء بإصدار بيانات الاستنكار والتنديد، "لم يعد الحديث والبيانات مجدية، فالوضع بات خطيراً على مجمل المقدسات في القدس، وعلى وجود المسيحيين فيها الذين أصبحوا أقلية لأسباب عدة في مقدّمها سياسة إسرائيل، وهدفها تهجير المسيحيين وتضييق الخناق عليهم، وقرارهم بالتدخل إلى حدّ منع الدخول إلى الكنيسة في أحد أهم الأيام المقدسة للمسيحيين في فترة الأعياد هذه، هو أمر تجاوز كل الحدود التي لا يمكن تحملها ما يشكل خطراً كبيراً على مستقبل المقدسات المسيحية والإسلامية، ولا شك أن ما يحدث في الحرم القدسي الشريف هو أكبر دليل على هذه السياسة".
وحذر المطران عطا الله من الصمت الدولي والمسيحي عما يحدث قائلاً، "إسرائيل تريد أن تحولنا إلى جالية صغيرة في القدس. وتريد الاستيلاء والسيطرة على كل ما هو معلم فلسطيني من مقدسات وغيرها. تريدنا أن نكون عابري سبيل لكننا لن نقبل بذلك، فتاريخنا وجذورنا العميقة أقوى مواجهة لسياسة الاحتلال، ولن نسمح بأن يمرّ سبت النور تحت تهديد شرطة إسرائيل وقواتها الأمنية".
مطالبة الحكومة بالتراجع عن القرار
وشكل قرار تقييد الدخول إلى كنيسة القيامة احتجاجاً واسعاً، وبعثت "القائمة المشتركة" برسالة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلي نفتالي بينيت، ووزير الأمن الداخلي عومر بارليف، تطالب بإلغاء قرار تحديد عدد المصلين في كنيسة القيامة في القدس، وأكدت في رسالتها أن "فرض القيود وتحديد عدد المصلين المشاركين في احتفالات سبت النور في كنيسة القيامة هو اعتداء صارخ وفاضح على حرية العبادة والحق في ممارسة الشعائر الدينية، وفصل آخر في مسلسل انتهاك المقدسات الفلسطينية"، وأكدت "القائمة المشتركة" في رسالتها أن "القدس الشرقية بما في ذلك كنيسة القيامة هي منطقة فلسطينية محتلة، وعلى الحكومة التوقف عن التدخل القمعي والانسحاب منها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما أصدرت لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي 48 بياناً أكدت فيه أن "هذه القيود تأتي ضمن التضييق على الوجود الفلسطيني في مدينته، وعاصمة دولته"، وأضافت، "تأتي القيود بموازاة القيود التي فرضها الاحتلال على الدخول إلى البلدة القديمة في القدس المحتلة، وعلى الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك، ما يؤكد المؤكد أصلاً أن الاحتلال يستهدف كل القدس المحتلة بهويتها الوطنية والدينية الفلسطينية".
المعطيات الكاذبة
وكانت الشرطة الإسرائيلية قد سلمت المسؤولين في كنيسة القيامة قراراً بتقييد دخول المسيحيين إلى البلدة القديمة بـ1000 شخص داخل الكنيسة و500 في باحتها، علماً أن الكنيسة وباحاتها تتسع لأكثر من 10000 شخص، وبعد فشل الجهود بتجاوب المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ممثلة بالشرطة مع مطلب إلغاء القرار ومنح الحرية الكاملة للدخول إلى البلدة القديمة والكنيسة، تم تقديم التماس وقبلت المحكمة بحثه بشكل طارئ، الأربعاء.
وقال محامي دفاع المدعين إلياس خوري إن الشرطة عرضت معطيات وحقائق كاذبة ما استدعى المحكمة إلى الاستفسار عنها، وهو أمر جعل بحث القضية أكثر تعقيداً، "من جهتنا، أكدنا أمام المحكمة أن القرار الإسرائيلي انتهاك لأبسط حقوق الإنسان والحرية الدينية، وبعد عرض قوانين أساس وقرارات محاكم إسرائيلية شبيهة، طلبت المحكمة إجراء تعديلات على القرار والتوصل إلى تسوية، لكن ما عرضته الشرطة لا يسهم في أي تغيير من التعدي، ليس على حرية المحتفلين بسبت النور، بل على حقهم في الدخول إلى كنيسة القيامة"، وأكد المدعون ومحامو الدفاع أمام المحكمة رفضهم أي قيود تفرض وإزالة الحواجز وعدم قبول وضع الأساور على أيدي الداخلين إلى البلدة القديمة لتمييزهم.
سبت النور
حتى السبت، لم يتبقَّ أمام المحكمة سوى يومين لإصدار قرارها في وقت تكون الاستعدادات في ذروتها داخل البلدة القديمة وكنيسة القيامة لتستقبل سبت النور، حيث من المتوقع أن يصل للمشاركة فيه آلاف المصلين من القدس والضفة الغربية وفلسطينيي 48، إلى جانب المئات من الحجاج الذين وصلوا من خارج البلاد، في هذه الفترة لزيارة كنيسة القيامة وفي يوم السبت، بشكل خاص، وهو أمر ينذر باحتمالات صدامات وتوتر في حال لم تتخذ المحكمة الإسرائيلية قراراً يمنح المصلين أبسط حقوقهم في حرية الصلاة.