أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد، الجمعة 22 أبريل (نيسان)، مرسوماً يقضي باستبدال أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بسبعة أعضاء جدد، في أحدث تحرك من شأنه أن يرسخ حكمه ويلقي بظلال من الشك على نزاهة الانتخابات.
وقال رئيس هيئة الانتخابات في تونس نبيل بافون، لوكالة "رويترز"، إن الهيئة لم تعد مستقلة بعد مرسوم الرئيس. وأضاف، "أصبح واضحاً أنها هيئة الرئيس".
والهيئة واحدة من آخر الهيئات المستقلة في تونس، ومن شبه المؤكد أن يثير تغيير أعضائها بمرسوم رئاسي جدلاً حول مصداقية أي انتخابات لاحقة.
وينص المرسوم على أن الرئيس هو فقط من يحق له إعفاء أي عضو من الهيئة الجديدة أو رفض ذلك. ويعين الرئيس بنفسه رئيس هيئة الانتخابات الجديدة من بين ثلاثة أعضاء سابقين في هيئات الانتخابات السابقة. ويتمتع رئيس وأعضاء الهيئة الجديدة بالحصانة.
وستتكون الهيئة الجديدة وفقاً للمرسوم، من سبعة أعضاء من بينهم ثلاثة من هيئات الانتخابات السابقة يختارهم الرئيس نفسه، وثلاثة قضاة تقترحهم مجالس القضاء العدلي والإداري والمالي، إضافةً إلى مهندس تكنولوجيا يقترحه المركز الوطني للإعلامية (التكنولوجيات).
الغنوشي: الانتخابات ستفقد مصداقيتها
وتعليقاً على مرسوم سعيد، قال راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة الإسلامي، وهو أيضاً رئيس البرلمان المحلول، إن سيطرة سعيد على الهيئة المستقلة للانتخابات تعني أن الانتخابات المقبلة "ستفقد كل مصداقيتها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال لـ"رويترز" عبر الهاتف، إن قرار سعيد باستبدال أعضاء الهيئة يمثل "محاولة أخرى لوأد الثورة وعودة إلى ما قبل الثورة وتركيز الحكم الفردي المطلق"، لكنه قال إن النهضة وبقية الأحزاب في تونس ستدافع عن الديمقراطية.
محمد القوماني، القيادي في حزب النهضة الإسلامي، قال بدوره، "لن نقبل هذه الخطوة وسيجري التشاور مع أحزاب أخرى للرد على ذلك. سعيد سيطر على كل شيء، السلطة التنفيذية السلطة القضائية، والآن يتجه لهيئة الانتخابات".
وأضاف، "خطوات سعيد تُظهر مشروع سعيد لإدارة البلاد وتعزيز سيطرته على كل السلطات".
ولطالما كال الرئيس انتقادات لهيئة الانتخابات ووصفها بأنها غير مستقلة، على الرغم من أن سعيد الوافد الجديد على السياسة، فاز بانتخابات الرئاسة في عام 2019 في تصويت أشرفت عليه الهيئة نفسها.
وأغضب رئيس الهيئة بافون رئيس البلاد حينما قال عقب سيطرة سعيد على السلطة التنفيذية في 25 يوليو (تموز) الماضي، إنه لا يمكن إجراء انتخابات مبكرة في ظل فراغ دستوري.
خطوات سعيد
واستبدل سعيد هذا العام بشكل فردي أيضاً، المجلس الأعلى للقضاء الذي يضم مجلس القضاء العدلي والمالي والإداري، في خطوة فجرت احتجاجات، وقال قضاة وسياسيون إنها تهدف للسيطرة على القضاء.
وفي الصيف الماضي، عزل سعيد الحكومة وجمد البرلمان قبل أن يحله لاحقاً. ويحكم منذ الصيف الماضي بمراسيم قال إنها لا تقبل الطعن، في خطوة وصفها معارضوه بأنها انقلاب.
لكن الرئيس قال إن تلك الخطوات كانت ضرورية لإنقاذ البلاد من الانهيار. ويواجه سعيد انتقادات واسعة من الخارج بأنه يسعى لضرب الديمقراطية الهشة في تونس بخطواته المتتالية. لكن الرئيس يرفض الانتقادات، ويقول إنه سيعيد صياغة الدستور ويعرضه عبر استفتاء.
وأعلن سعيد نهاية عام 2021 عن خريطة طريق سياسية تضمنت استشارة وطنية إلكترونية انطلقت مطلع العام الحالي وانتهت في مارس (آذار) الماضي، وشارك فيها أكثر من 500 ألف تونسي قدموا مقترحاتهم وأجوبة عن أسئلة تتعلق بالنظام السياسي في البلاد، ومواضيع أخرى تشمل الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وصفها الرئيس "بالناجحة".
ومن المنتظر أن تعمد لجنة إلى جمع مقترحات المواطنين ووضع الخطوط العريضة لاستفتاء على الدستور في 25 يوليو المقبل. وتنظم في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2022 انتخابات نيابية جديدة تزامناً مع ذكرى ثورة 2011 التي أطاحت نظام الديكتاتور الراحل زين العابدين بن علي.