تبنى مجلس الأمن الدولي، الجمعة 29 أبريل (نيسان)، بالإجماع، قراراً قدمته المملكة المتحدة لتمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة السياسية في ليبيا لمدة ثلاثة أشهر فقط، بعد أن رفضت روسيا التي تتمتع بحق النقض (الفيتو)، أي فترة أطول ما لم تتم تسمية مبعوث جديد للأمم المتحدة.
ويمدد القرار "حتى 31 يوليو (تموز) 2022 تفويض بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (مانول)"، و"يطلب من الأمين العام الإسراع بتعيين" مبعوث يكون مقره في طرابلس.
ومنذ استقالة المبعوث السلوفاكي يان كوبيش في نوفمبر (تشرين الثاني)، يشهد مجلس الأمن معارضة روسية متزايدة لأي اتفاق مشترك بشأن ليبيا. ولم يتم تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة السنوية في سبتمبر (أيلول) لأكثر من أربعة أشهر، ثم تم تمديدها مجدداً في يناير (كانون الثاني) لثلاثة أشهر فقط، تحت الضغط الروسي.
وأفاد دبلوماسيون بأن بريطانيا قدمت في بداية المفاوضات، مشروع نص لتمديد تفويض البعثة لمدة عام واحد. وفي مواجهة الرفض الروسي، تحول النص إلى تجديد تقني للتفويض الحالي ولمدة ثلاثة أشهر فقط.
استنكار "التعنت" الروسي
وأعربت دول عدة الجمعة، بينها فرنسا والبرازيل والغابون، عن أسفها، بل استنكرت "تعنت" روسيا في مواجهة الأعضاء الـ14 الآخرين في المجلس الذين أرادوا تفويضاً لمدة عام.
وقال نائب السفير الأميركي جيفري ديلورينتيس، "القرار الأجوف الذي لا يقدم أي توجيه بشأن العديد من القضايا الرئيسة يوجه رسالة خاطئة إلى الشعب الليبي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت السفيرة البريطانية باربرا وودوارد، "مرةً أخرى، عزلت روسيا نفسها من خلال عدم الانضمام إلى إجماع أعضاء المجلس الـ14 الآخرين".
وفي 19 أبريل خلال اجتماع مغلق، دعت الأمانة العامة للأمم المتحدة إلى تمديد مهمة البعثة لفترة طويلة من أجل تعيين مبعوث بسهولة أكبر.
وقال دبلوماسيون لوكالة الصحافة الفرنسية، إن روسيا طلبت على العكس من ذلك تعيين مبعوث في أقرب وقت قبل اتخاذ قرار بشأن تفويض طويل للبعثة.
مطلب أفريقي
ومنذ نوفمبر، عين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مستشارة خاصة لهذا الملف هي الدبلوماسية الأميركية ستيفاني ويليامز، متجاوزاً المجلس.
وما أثار استياء موسكو أن الأخيرة تتولى بحكم الأمر الواقع مهام مبعوث الأمم المتحدة من دون تعيين رسمي يتطلب موافقة أعضاء مجلس الأمن الـ15 وتأييد ليبيا. وتنتهي مهمتها مبدئياً في نهاية أبريل.
ورداً على سؤال الخميس عن تمديد محتمل لها، اكتفى نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق بالقول، "إذا مددت مهمة البعثة، فإننا نتوقع أن يستمر عملها كذلك" حتى يتم تعيين مبعوث. وذكر الغابون بأن أفريقيا تأمل في تعيين أفريقي مبعوثاً للأمم المتحدة إلى ليبيا. واعتبر سفيره ميشال كزافييه بيانغ أنه "أمر حتمي".
ويلقى هذا المطلب دعم الصين وروسيا التي انتقد سفيرها فاسيلي نيبينزيا بشدة عدم اقتراح غوتيريش أسماء شخصيات يمكن أن تتولى المهمة خلفاً ليان كوبيش منذ الخريف.
وذكر دبلوماسيون أن أفريقيا اقترحت اسمين على الأمين العام للأمم المتحدة، أحدهما غاني والآخر سوداني.
وحذر الدبلوماسي الروسي من أنه في حال استمر "التأخير المتعمد"، فإن روسيا "ستقرر عواقبه" على البعثة نهاية يوليو، مستنكراً "الاستعمار الجديد" للغرب الذي يرفض تعيين أفريقي، بحسب قوله.
حكومتان متنافستان
ويدعو القرار الذي تم تبنيه الجمعة، "جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي عمل من شأنه تقويض العملية السياسية أو إعلان وقف إطلاق النار في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2020 في ليبيا".
وتواجه ليبيا صعوبة في الخروج من أكثر من عقد من الفوضى السياسية والنزاع بعد سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011 خلال "الربيع العربي".
وبسبب الانقسامات بين المؤسسات المتنافسة في الشرق والغرب التي قوضت البلاد، أصبح في ليبيا منذ بداية مارس (آذار) حكومتان متنافستان، كما كان الوضع بين عامي 2014 و2021 في أوج حرب أهلية.
وتتنافس حكومة شكلها وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا ووافق عليها مجلس النواب في الشرق، مع الحكومة الحالية في طرابلس التي ولدت من اتفاقيات سياسية برعاية الأمم المتحدة ويقودها عبد الحميد دبيبة الذي يرفض التنازل عن السلطة.