يفتتح المغتربون اللبنانيون، الجمعة 6 مايو (أيار)، الانتخابات النيابية في الدول التي تعتمد نهار الجمعة عطلة أسبوعية، ومنها السعودية وقطر والكويت وسوريا والعراق. وتشهد فرنسا، الأحد، اقتراعاً طويلاً حيث تفتح مراكز الاقتراع على كل الأراضي الفرنسية عند الساعة السابعة صباحاً حتى العاشرة ليلاً، أما في الجزر وما وراء البحار فيستمر الاقتراع حتى الساعة الرابعة صباحاً، ومعلوم أن عدد المسجلين اللبنانيين في فرنسا بلغ 28 ألفاً.
وعدد الناخبين المغتربين بلغ 225114 ناخباً كما حددته الأرقام النهائية لمديرية الأحوال الشخصية في وزارة الداخلية والبلديات، من أصل 230466 طلباً وردت إليها من البعثات الدبلوماسية في دول الخارج. وتناقص عدد الناخبين بعد تنقيح الطلبات واستبعاد كل من لا تتوافر في طلباتهم الشروط القانونية اللازمة للمشاركة في العملية الانتخابية.
باريس كانت مسرحاً لزيارات بعض المرشحين خصوصاً من الأحزاب الرئيسة مثل حزب "القوات اللبنانية" الذي كان لممثله ملحم رياشي لقاء مع مؤيدي الحزب وغيرهم. كذلك كانت زيارة سامي الجميل وميشال الحلو مرشح الكتلة الوطنية عن الشمال وجورج شهوان مرشح عن بيروت، أما الذين لم تسعفهم أحوالهم المادية للقيام بحملة انتخابية أسوة بمرشحي الأحزاب والمتمولين فقد حاولوا بقدر المستطاع إيصال برامجهم والتعريف بأهدافهم، عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعقد لقاءات عبر "زوم" وغيره من التطبيقات.
كيف الأمور في فرنسا قبل يومين من بدء الاقتراع؟
ما تشهده باريس والمدن الفرنسية الأخرى في هذه الدورة مختلف عن انتخابات 2018، فأعداد المسجلين لهذه الدورة تضاعفت عن المرة السابقة، وفي حديثه لـ"اندبندنت عربية" عن تنظيم يوم الاقتراع توجه السفير اللبناني رامي عدوان بالشكر إلى الدولة الفرنسية التي قدمت كل العون والمساعدة. وقال، "في فرنسا عدد الأقلام بلغ 70 قلماً في 40 مركزاً، وبلديات المدن هي التي ستستقبل هذه المراكز".
أما عن الطاقات البشرية المساهمة في التنظيم، فيقول عدوان: "كل طاقم السفارة مجند لإنجاح عمليات الاقتراع، إضافة إلى موظفي البعثة في مرسيليا، واليونيسكو، والقناصل الفخريين، كما أن هناك 300 متطوع من اللبنانيين المقيمين هنا يساعدوننا في كل المجالات التقنية والإدارية والتنظيمية، مساعدات تطوعية تخفض التكاليف وتشجعنا وتزيد الاندفاع لدى عاملي السفارة".
العديد من اللبنانيين تساءل عن كيفية التوزيع الجغرافي فبعضهم سيصوت في مدينة مجاورة في حين أن أفراد عائلته يصوت في مركز تابع لنفس مكان الإقامة، عدوان علل ذلك بارتفاع أعداد الناخبين مقارنة بالانتخابات الماضية قبل 4 سنوات "التوزيع الجغرافي تضاعف بفارق بسيط. اللبنانيون موجودون في كل مكان، لذا حاولنا إنشاء مراكز جامعة (ميغا سنتر) تحوي مراكز اقتراع، هذا العام لدينا أكثر من ألفي ناخب في كل مركز، ما استوجب عملية إعادة توزيع، والمقيمون في ضاحية باريس سيقترعون على بعد 10 دقائق من مكان إقامتهم، فلن يتوجب عليهم قطع مسافات بعيدة، هذا العام الخدمة أفضل والحضور الجغرافي أقوى. وحاولنا أن نعطي نفس الفرص للجميع".
وعن عملية المراقبة أشار إلى أنه تم تثبيت كاميرات مراقبة للبث الحي، حيث يمكن متابعة العملية مباشرة من بيروت، وسيكون هناك مراقبون من المجتمع المدني، ومراقبون فرنسيون متجولون على المراكز، ومراقبون أوروبيون، ومراقبون من الأحزاب.
وفرنسا البلد الأوروبي الذي يوجد فيه أكبر نسبة من اللبنانيين، ويستوعب عدداً لا بأس به من الجمعيات والنوادي اللبنانية، وحاول هؤلاء متابعة تطورات الحملة الانتخابية. فكيف حاول اللبنانيون التعرف على اللوائح وتحديد لمن يذهب صوتهم من دون أن يضيع؟
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الواقع أن الحملة لم تضع جميع المرشحين على قدم المساواة، علماً أن القانون ينص على منح الفرصة بالتساوي بين المرشحين للتعريف ببرامجهم، وفرص التوجه إلى الجمهور عبر وسائل الإعلام. فرصة لم يحصل عليها العديد من مرشحي التغيير الشباب لعدم توفر الأموال لديهم، فيما سهل الأمر على الأحزاب التي استطاعت ضخ الأموال لتنظيم حملتها وماكينتها الانتخابية.
وهذه حال مرشحة بيروت 2، سارة ياسين، التي وجهت النداء لمساعدتها عبر "إنستغرام" وتوجهت إلى نقابة المحررين لمساعدتها لإيصال صوتها عبر الصحافة ووسائل الإعلام لكنها قوبلت بالرفض.
وقالت، "القانون يقر ظهور المرشحين بشكل عادي ومتساوٍ، وما تطلبه وسائل الإعلام كان خيالياً بالنسبة لنا. المؤثرون أيضاً طالبوا بمبالغ طائلة. وهذا ظلم فنحن لم نحصل على فرصة عادلة. طالبنا بهيئة إشراف مستقلة ولم نحصل على ذلك، وما أستغربه هو هوس الوحدة عند المغتربين، هناك مليونا معارض ولا يمكن الاتفاق على لائحة واحدة، هناك العديد من اللوائح التي يمكن التصويت لها لإحداث التغيير كل قوى التغيير لديها لائحة أو لائحتا ثورة أو تغيير". وأسفت لعدم اكتراث وسائل الإعلام بها وبمثيلاتها. وياسين مرشحة عن بيروت مدينتي، وكان هدفها إيصال أفكارها وبرنامجها إلى المغتربين لذا كان التركيز على وسائل التواصل الاجتماعي وعبر تطبيق "زوم"، وفق تعبيرها. وأسفت أن "يكون معظم المرشحين من الرجال" وقالت، إنها لم تتمكن من إقناع الآخرين بالمناظرات و"تسعى لإحداث تغيير في الحياة السياسية".
وتشير ياسين إلى أنها تمكنت من التواصل مع المغتربين في فرنسا عبر "زوم" و"ويب ينير" بمساعدة ناشطة مدنية هي أرتيميس كيروز التي تقول، "كوني من الانتشار اللبناني في الخارج كان من واجبي تقديم المساعدة بهدف الاستطلاع ونشر المعلومة والإصغاء للتعرف على كافة المرشحين. مرشحو الأحزاب استطاعوا التواصل مع الاغتراب عبر ندوات واقعية، سواء من مؤيدي (ميشال) عون أو القوات أو الكتائب، كذلك فعل بعض المرشحين ومرشحي التغيير، وأنا أدعو الشباب للإدلاء بأصواتهم".
أحد المواطنين، ربيع معماري، من مؤيدي "التيار الوطني الحر" يرى أن الصرف الانتخابي وتعدد لوائح المستقلين تشتت الأصوات وتعود بالفائدة على "حزب الله" و"حركة أمل". ويتساءل، "كيف تمكن مثلاً حزب القوات من دفع الأموال على لوائح الإعلانات والبرامج التلفزيونية المدفوعة التي بلغت أرقاماً هائلة، في حين لم يتمكن المستقلون من الظهور في لافتات أو إعلانات أو المشاركة في برنامج تلفزيوني"؟ واستطرد بالقول، إن "تشكيل غالبية برلمانية يستوجب الحصول على ثلثي المقاعد، للتمكن من فرض أي تغيير، ومع تشتت الأصوات فهذا لن يكون ممكناً". وتساءل عن وجود بعض الأسماء المتنقلة من حركات سياسية إلى أخرى تقدم نفسها على أنها مجتمع مدني وتترشح على لوائح حزبية، واعتبر أن الصورة غير واضحة تماماً لدى معظم المغتربين حول برامج المرشحين.
شفافية العملية الانتخابية
ويقول سفير لبنان في باريس رامي عدوان، "نشكر السلطات الفرنسية حيث إنه قبل 4 سنوات لم يكن لدينا كل أقلام الاقتراع المتوفرة حالياً وأبناء الجالية الذين يسهمون في إنجاح هذه العملية. وأتوقع أن تكون الصفوف طويلة يوم الأحد".
وتابع عدوان، "أما الأصوات التي تعالت، أخيراً، معتبرة أنه تم قبول تسجيلها على لوائح الاقتراع على أساس أوراق ثبوتية كإخراج قيد أو الجواز الذي كان معمولاً به في السابق وليس الجواز "البيومتري" ثم لم تدرج أسماؤهم على اللوائح بحجة عدم صلاحية هوياتهم، أجاب: "هذا الموضوع تقرره الجهات المختصة في لبنان التي ارتأت لأسباب مدنية، لا أعرف التعليل الإداري، كون الوثائق المعتمدة بطاقة الهوية البلاستيكية أو جوازاً لبنانياً كحلياً، ولو كان منتهي الصلاحية يجدد ليوم واحد مقابل 10 يورو".
أما ممثل حزب "الكتائب" في باريس، جان كلود بشارة، فيقول، "لدينا ما بين 700 و800 صوت، وساعدنا بقدر الإمكان الناخبين من كافة الاتجهات للتسجيل على لوائح الاقتراع. وعملنا على الماكينة الانتخابية منذ 3 أشهر وما يزيد، وهناك كثير ممَن لا ينتمون إلى الكتائب، ولكنهم سيصوتون للكتائب أم للوائح مساندة من الحزب".
من جانبه، يقول ممثل الحزب الاشتراكي في باريس أيمن أبو حمدان، "لدينا في فرنسا مندوب سيوجد في كل قلم، وطلبت منا السفارة تعيين مساعد رئيس قلم. ولدينا مندوبون متجولون للكشف عما يحصل، لكن لن يكون لدي عدد كاف من المراقبين لكثرة عدد الغرف. وتوزيع اللوائح على غرف عديدة لن يمكنني من تأمين عدد كاف من المراقبين"،
وأضاف، "أنا شاركت في 2018 والسفير رامي عدوان كان متعاوناً جداً. أشرف بنفسه على تعداد الأصوات وختمها بالشمع الأحمر. الخشية ليست مما يحصل هنا بل المخاوف هي عند وصول الأصوات إلى بيروت".
وعن سبب عدم فرز الأصوات في مكانها، علل السفير عدوان بالقول: "إن ذلك عائد لعدم توفر إمكانيات تقنية".
وشدد عدوان على شفافية العملية الانتخابية وقال، "إن الأصوات سيتم إحصاؤها ويصار إلى جمعها في كل قلم، والتأكد من مطابقة أعداد الظروف مع أعداد الناخبين، يصار إلى ختمها بالشمع الأحمر وتوضع في الحقيبة الدبلوماسية ويصار إلى نقلها إلى بيروت عبر (دي أتش أل) حيث توضع في مخازن المصرف المركزي إلى أن يتم الفرز في 15 مايو".
في المقابل يوضح أيمن ابو حمدان، "ما يخيفنا هو الصوت الأبيض كونه يرفع من عدد الناخبين، وبالتالي يعلي الحاصل، ما يضع عقبة أمام الوصول إلى النسبية. أتأمل أن نتمكن من نزع الأغلبية من حزب الله والمراكز الحساسة هي بيروت والبقاع الغربي، والشوف أيضاً معقد حساس".
واعتبر أن هذه "الانتخابات مصيرية كونها تحدد مصير لبنان لعشرات السنوات، إذ يجب قلب الأغلبية وإلا سيستولون على البلد".